العدد 1065 - الجمعة 05 أغسطس 2005م الموافق 29 جمادى الآخرة 1426هـ

كان مجلسا حواريا بلا إشعال حرائق في "الحساسيات"

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

محمد الماغوط الروائي الشهير كان يقول: "اني أحب الجمهور من بعيد". ليس لأنه روائي نرجسي أو متعال على الجمهور ولكن لخوفه الدائم من عدم تفهم الجمهور لخطابه. بالأمس دعيت إلى إلقاء كلمة في ديوانية في عالي وكان هناك جمع كبير من الشباب وكانت المحاضرة بعنوان: "التنمية الثقافية تقود إلى التنمية السياسية" ولا أخفي عليكم أن صورة الجمهور لدي بدأت تتغير عن السابق. كنت في السابق عندما أناقش جمهورا في مجلس أشعر بغياب جزء من أدب الحوار، لكني في هذا المجلس طرحت قناعاتي بكل شفافية وأصبح هناك عراك ثقافي لكنه جميل... وكان المشهد البحريني حاضرا بكل ثقله ودسومته، وكان النقاش حارا وجريئا طبعا تحدثت فيه عن نقاط حساسة ومهمة لكني لم أشعل حرائق في المواقع الحساسة رفقا بالجمهور واحتراما للإيقاع العام لكني تفاجأت بأن الجمهور يريد الاقتراب ويجرني إلى حيث الحساسيات واقتربنا معا لكنا خرجنا كلانا مسالمين من أي أدى من دون حاجة إلى رجال إطفاء.

كان الحديث عن أهمية الثقافة والاتصال بالحقول الثقافية والتواصل مع آخر الكتب المنشورة... وطرحت قناعة أن الثقافة تأتي قبل السياسة لأن السياسي بلا ثقافة قد يقوم باحراق نفسه على الطريقة البوذية وهو لا يعلم... وان قاعدة التفكير قبل السياسة قاعدة مهمة وتكمن أهمية الثقافة النقدية الخالية من آلام الظهر والخالية من ترسبات الكلسترول في انها لا تسبب جلطة سياسية لأنها تذيب كل الشحوم المتراكمة على مفاصل الوعي السياسي. يجب أن نتحدث عن الواقعية وليس الأحلام والأوهام. البحث عن شاب يتحدث بالبرغماتية أكثر منه بالايديولوجيا، يتعامل مع الواقع أكثر منه بالشعارات.

في التنمية السياسية أنت بين خيارين كلاهما مر اما الواقع أو الرصيف، اما التواصل أو القطيعة، اما غرفة صغيرة داخل البيت تعمل على توسيعها مستقبلا أو النوم في العراء تحت أشعة الشمس وتحت قرص الشتاء، اما اللعب في الملعب ولو لشوط واحد أو الجلوس في صفوف المتفرجين. تكلمت عن فوبيا الجمهور وضرورة مصارحة الجمهور بالإيجابيات والسلبيات. قلت لهم السياسة ليس فيها أسود أو أبيض هناك مناطق رمادية وأتيت لهم بأمثلة عن تغيرات المواقف بحسب الظروف من لبنان إلى العراق إلى فلسطين. بعض الاخوة ناقشوني في مفاهيم كتبتها عن الاعتدال والبعض رأى ان مقالي عن التوظيف في الداخلية مبالغ فيه وربما هو اشبه بوضع المساحيق والمكياج على محيا الوزارة... قالها - للانصاف - في سياق حواري هادئ حضاري فأجبته أني أعتمد قاعدة فكرية أن أشجع الإيجابيات في السلطة والمجتمع وأنتقد الأخطاء، أنا لا أنتقد لأجل الانتقاد وشهادتي لم تأت عبثا ولنكن منصفين، لقد تم توظيف بحرينيين ومن القرى أيضا في الوزارة وتوظيف 200 شخص مثلا أفضل من لا شيء ويجب أن نشجع الوزير على توظيف العشرات بتوصيل الرسائل المطمئنة والوطنية، أنا أؤمن بقاعدة خذ وطالب بالأفضل ثم الأفضل، لا أؤمن بقاعدة اما كل شيء أو لا شيء. بعض الحاضرين وافقني في هذه الأفكار التي طرحتها في المجلس وقد خرجنا متحابين وقلت لهم: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب. لا يقينيات في السياسة، اما أهديكم أو تهدوني إلى حيث الأفضل للجميع وللوطن. أهم شيء ألا نكفر بعضنا أو نخون بعضنا بعضا.

البعض طرح قضية محرم، فقلت له: إذا كانت مصروفات محرم سنويا مثلا 4 ملايين دينار - ليست لدي احصائية دقيقة ولكن أطرحها كمثال - لماذا كل هذا الصرف؟ فلنوفر مليونا من التبرعات لإنشاء مؤسسة تدعم الطلاب الجامعيين المحتاجين في الخارج. حتى في الأوقاف، لماذا لا نبث ثقافة وقف جديدة بأن نقنع من يريد أن يوقف داره أو ماله أو بستانه أن يوقفه إلى صالح الجامعيين الفقراء أو يوقف المال لبناء مركز للمكفوفين أو بناء معهد للصم أو مبرة للأيتام وهكذا وخصوصا أن الأوقاف تحولت من سيئ إلى أسوأ في بعض مواقعها. كان الحوار في هذه الديوانية جميلا وديمقراطيا وعفويا يعكس الطيبة والأخلاق والتسامح والاعتدال الذي يعيشه أهل عالي ومنطقة بوري إذ بدأت أخرج بانطباع عن المنطقة بأنها تحترم الرأي الآخر كما عهدتهم دائما

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1065 - الجمعة 05 أغسطس 2005م الموافق 29 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً