العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ

من أجل علاقات جيدة وثابتة بين سورية ولبنان

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

هل يعقب زيارة رئيس الوزراء اللبناني لدمشق ولقائه مع المسئولين السوريين انفراج في العلاقات السورية - اللبنانية؟ هذا هو السؤال الأهم الذي يتطلع السوريون واللبنانيون إلى الإجابة عنه بعد كل التطورات السلبية في علاقات البلدين، التي حدثت على خلفية انسحاب القوات السورية من لبنان في إبريل/ نيسان الماضي.

وعلى رغم أن من المبكر اعطاء جواب عاجل ومؤكد عن السؤال فإن المؤشر الأول للزيارة يقول إنه من الممكن ان تفتح زيارة السنيورة لدمشق بوابة انفراج في علاقات البلدين، في ضوء أمرين، أولهما الأجواء الإيجابية التي قوبل بها السنيورة في لقائه مع الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء ناجي عطري، وثانيا بدء انفراج أزمة الشاحنات على الحدود السورية - اللبنانية، وسط تأكيدات سورية بأن الوضع سيصبح أفضل مما كان في أي وقت مضى.

لكن من المعروف، ان أمر تحسن العلاقات السورية - اللبنانية، هو أكثر مما احاط بزيارة الرئيس السنيورة لدمشق، وهو ما أكدته أشهر الأزمة وما تبدى خلالها من مشكلات، جزء منها مشكلات تاريخية بين البلدين، كأي بلدين متجاورين بينهما مشكلات تتعلق بالمشتركات، ومنها موضوعات الحدود، إذ لم يتم ترسيم للحدود بين سورية ولبنان، وهناك أمر آخر هو موضوع المياه المشتركة ومنها مياه نهر العاصي الذي يحتاج إلى تفاهم يراعي كما موضوع الحدود حاجات السكان على الجانبين، وهناك مشكلة ثالثة لها بعد تاريخي، تتصل بالعلاقات بين البلدين، وهي موضوع التمثيل الدبلوماسي وإقامة سفارة لكل بلد في عاصمة البلد الآخر.

والشق الآخر في مشكلات البلدين، يتصل بما أحاط بالعلاقات السورية - اللبنانية من تطورات في فترة الوجود العسكري والأمني السوري في لبنان، وهي فترة امتدت ثلاثة عقود متواصلة، تركت كثيرا من الإيجابيات والسلبيات في رؤية الجانبين لبعضهما بعضا، بل ان الأمر في هذا ذهب من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي ليخلف رؤى متناقضة، فيما ترتب على الوجود السوري في لبنان من نتائج.

إن جوهر المطالب اللبنانية في العلاقة مع سورية، هو تأكيد استقلالية لبنان في سياساته وعلاقاته، وهو مطلب ينبغي تأكيده من جانب السوريين الذين لهم مطلب محوري مقابل أساسه، ألا يكون لبنان ممرا ومقرا لخصوم سورية، وأكد لبنانيو عهد الاستقلال الأول هذا الموقف، وهو ما يوفر فرصة أفضل لعلاقات البلدين، ويؤمن مصالح الشعبين والدولتين في المجالات السياسية والاقتصادية، وهو توجه أكدته فعاليات سياسية واجتماعية واقتصادية في البلدين ولاسيما في فترة التوترات الأخيرة، وكان بين العوامل المحركة لزيارة السنيورة لدمشق ومحادثاته فيها.

وتوافر الاستقلالية اللبنانية والأمن لسورية عبر لبنان، لا يعد أمرا كافيا لعلاقات سورية - لبنانية جيدة ومتطورة، لأن ثمة تفصيلات لابد من معالجتها في علاقات البلدين سواء ما كان من موروث العلاقات التاريخية مثل ترسيم الحدود، وتبادل السفارات، التي يرى اللبنانيون فيها تكريسا لمبدأ الاستقلالية اللبنانية، أو في اتفاقات سورية - لبنانية جديدة، ترى فيها سورية ربط مصالح البلدين باعتبارهما إقليما سياسيا وأمنيا واحدا، وهو ما تعارضه أوساط لبنانية سواء لاعتبارات الاستقلالية، أو نتيجة مخاوفها من تغول سوري على سياسة لبنان الخارجية.

كان السوريون واللبنانيون على الدوام المعنيين بمعالجة المشكلات القائمة بين البلدين، لكن مع وجود تأثيرات معينة لقوى إقليمية ودولية في الموضوع، غير أن تأثيرات القوى الإقليمية والدولية صارت أقوى وأكثر فعالية في الوقت الحالي على نحو ما عبر عنه القرار الدولي رقم 1559 الذي لم يكن لبنانيا ولا سوريا في مطلق الأحوال، وهذا يعني بما يعنيه، أن معادلة العلاقات السورية - اللبنانية، لم تعد ثنائية البناء، بل صار لها طابع ثلاثي، يفرض نفسه في التصدي لمعالجة إشكالات العلاقات السورية - اللبنانية.

لاشك، ان التأثير الإقليمي والدولي في العلاقات السورية - اللبنانية، ليس أمرا مطلقا، انما هو محدود التأثير وخصوصا إذا تأكد حصول توافقات داخلية في كل من سورية ولبنان في موضوع علاقات البلدين، والثاني وجود توافق حكومي سوري - لبناني وإرادة سياسية بأهمية العلاقات واتجاه ومحتوى علاقات البلدين، ما يمنع الخارج الإقليمي والدولي من الدخول والتدخل في الأمر، أو يخفف من تدخله.

لاشك في أن الوصول إلى هذا المستوى من التوافق السوري - اللبناني، ليس أمرا سهلا، بل هو في غاية الصعوبة والتعقيد. لكن البدء فيه أمر ممكن من خلال إطلاق جملة مبادرات رسمية وشعبية في سورية ولبنان كليهما، الهدف منها ثلاثة أمور أساسية، الأول وقف عمليات الحقن العدائي ضد كل بلد ومواطنيه ووضع مرتكبي هذه العمليات والمنخرطين فيها تحت القانون، والثاني تشجيع وتنشيط حركة المواطنين والبضائع عبر الحدود في الاتجاهين، ورسم آفاق جديدة للعلاقات بين البلدين عبر تقييم جملة الاتفاقات القائمة، والوقائع التي تحكم علاقات البلدين.

إن الحاجة إلى علاقات سورية - لبنانية ممتازة، هو أمر استراتيجي للبلدين يتعدى الرؤية السياسية لأية حكومة سورية أو لبنانية، ويتجاوز أيضا مواقف أية جماعة سياسية في هذا البلد أو ذاك، لأن المصلحة المشتركة لشعبين وبلدين مثل سورية ولبنان، تتجاوز ذلك بكثير.

العلاقات السورية - الأميركية تعاني من انسداد

دمشق - الوسط

أكد المفكر العربي كمال الطويل، ان العلاقات السورية - الأميركية تعاني من انسداد حقيقي، وانها تسير في اتجاه تكثيف الجهود الأميركية في الضغط على سورية، فيما تحاول سورية استيعاب الضغوط الأميركية وتحسين العلاقات معها. وقال الطويل: "إن احتمال ثبات النظام السوري في مواجهة الضغوط الأميركية بالاستفادة من العوامل المحيطة، يمكن ان يقيه من السقوط في خلال السنة المقبلة". واضاف "ان ما يساعد في تحسين وضع النظام في سورية في مواجهة الضغوط الأميركية، هو تجسير الهوة بين السلطة والشعب".

جاء حديث الطويل في ندوة محدودة الحضور، يعقدها بشكل شهري المركز العربي للدراسات الاستراتيجية في دمشق الذي يترأسه الرئيس اليمني السابق على ناصر محمد ويديره الاقتصادي السوري منير الحمش. وحضرت الندوة شخصيات فكرية وسياسية من سورية ولبنان وفلسطين.

وقدم الحمش لمحاضرة الطويل باستعراض عام للسياسة الأميركية في منطقة "الشرق الاوسط"، مبرزا الطابع الاستعماري لهذه السياسة، التي عبرت عن نفسها عمليا في الحرب على العراق ورسمت حدودها في مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الذي طرحته بعد الحرب ليرسم شكل المنطقة وعلاقاتها في المستقبل على نحو ما تأمل الادارة الأميركية.

وقال الطويل، ان العلاقات الأميركية - السورية دخلت في عهد اليمين الأميركي المحافظ مرحلة جديدة، لم يكن لها ما يماثلها في تاريخ العلاقات السابقة بين الطرفين. واضاف "ان هدف واشنطن الرئيسي ممارسة الضغط بهدف الاخضاع عبر كسر كل قواطع الممانعة السورية" مؤكدا "ان الولايات المتحدة عجلت بالحرب على العراق في العام 2003 بعد أن احست ان النظام العراقي يتململ محاولا الخروج من قفص الحصار المفروض عليه، وان ذلك جاء في سياق خطة أميركية هدفها تعزيز السيطرة على المنطقة". وقال "ان الحرب على العراق ترافقت مع توجه أميركي ضد سورية، وأكد "إن اوامر أميركية عليا صدرت لفرقة عسكرية للتوجه الى دمشق في ابريل/ نيسان ،2003 لكن مؤثرات داخلية، ادت الى الغاء هذا الامر". وقال "إن كولن باول وزير الخارجية الأميركي حمل الطلبات الأميركية الى دمشق في خلال زيارته لها في مايو/ أيار ،2003 والهادفة الى انتزاع اوراق دمشق في المقاومات الثلاث اللبنانية والفلسطينية والعراقية، وهو امر قابلته دمشق بتقرب الى واشنطن وتعاون أمني معها من دون التخلي عن علاقاتها مع المقاومات الثلاث، ما أدى الى استمرار حملات الضغط والابتزاز الأميركي ضد سورية.

وحدد الطويل جملة عوامل اقليمية، تساعد في اخضاع واشنطن لسورية، اولها ارهاق المقاومات الثلاث في لبنان وفلسطين والعراق من خلال تطويق حزب الله وشل ارادته واخراجه من المعادلة الاقليمية، وتنظيف الجيش اللبناني من الاثر الذي تركه السوريون فيه خلال وجودهم في لبنان، وتوريط جيب فلسطيني في الداخل بالتحرك ضد المقاومة هناك، ثم استخدام جزء من الاكراد والشيعة في العراق ضد المقاومة العراقية، ورفع الضغوط على ايران لفك روابطها مع سورية، ودفع بعض الدول العربية للمشاركة في عملية اسقاط النظام السوري.

وقال الطويل "ان عوامل دولية، قد تلعب دورا في ممانعة الاسقاط الأميركي لسورية". ورأى "انه على رغم التساوق الأميركي - الفرنسي في الموقف من سورية، فان هناك تناقضات داخل المواقف الغربية والاوروبية منه" ورأى ان ثمة توازنات "في العلاقات الدولية الراهنة تلعب دور الكابح للسياسة الأميركية ازاء سورية، وان هناك ممانعة روسية - صينية في هذا الاتجاه هي اهم من الممانعة التي اظهرها البلدان في مواجهة الحرب الأميركية على العراق العام 2003". لكنه أكد في النهاية "ان الامر الاساسي في ثبات النظام السوري بمواجهة الضغوط الأميركية يرتبط في استغلال العوامل المحيطة اقليميا ودوليا اضافة الى توجه النظام لردم الهوة القائمة بين السلطة والشعب"

العدد 1066 - السبت 06 أغسطس 2005م الموافق 01 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً