العدد 2419 - الإثنين 20 أبريل 2009م الموافق 24 ربيع الثاني 1430هـ

الإمارات والسعودية وعمان (3-3)

واقع التشريعات والممارسة لمكافحة الفساد في دول مجلس التعاون الخليجي

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

تعتبر جهود دول مجلس التعاون الخليجي الست في مكافحة الفساد جهودا حديثة ومترددة. وتعتبر التشريعات الوطنية منها أو الدولية أو الإقليمية التي يجرى الانضمام إليها، مؤشرات مهمة على عزم الدول والمجتمع لمكافحة الفساد والمحاباة والتمييز وتعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة. وفي هذا العدد نستكمل هذه الورقة عن واقع التشريعات والممارسة الرسمية فيما يتعلق بمكافحة الفساد، باستعراض حالة كل من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان.


الإمارات العربية المتحدة

الإمارات دولة اتحادية من 7 إمارات هي (أبوظبي، دبي، الشارقة، رأس الخيمة، عجمان، الفجيرة وأم القيوين) وأكبرها وأغناها أبوظبي، عاصمة الاتحاد والممول الرئيسي له. وإلى جانب الحكومة الاتحادية والمجلس الوطني الاتحادي، هناك الحكومات المحلية للإمارات ومجالسها المحلية، من هنا فإننا نلحظ تباينا شديدا في أوضاع مختلف الإمارات بما في ذلك مستوى الشفافية والنزاهة وظاهرة الفساد. لكننا هنا سنقتصر على المستوى الاتحادي.

الدستور: ظلت دولة الإمارات منذ نشأتها في نوفمبر 1971 حتى 2006 محكومة بدستور مؤقت، حتى تم في العام 2006 إصدار الدستور الدائم (دستور دولة الإمارات العربية المتحدة) وبموجب المادة (23) من الدستور فإن الثروات الطبيعية من نفط وغاز وغيره ملك للإمارة وليس للاتحاد. وبسبب ذلك وفي ظل وجود حاكم وحكومة لكل إمارة فإن مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة هي من مسئولية الإمارة أولا. وقد عمدت حكومة أبوظبي إلى إنشاء دائرة معنية بمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة.

السلطة التشريعية: بموجب الدستور الاتحادي ينشأ المجلس الوطني الاتحادي وهو مجلس استشاري معني بإقرار التشريعات ومراقبة وترشيد الأداء الحكومي الاتحادي. وبموجب الدستور الدائم فقد جرى تعديل على المجلس من كونه معينا بالكامل من قبل سلطات الإمارات إلى خليط من التعيين والانتخاب المحدود. وبموجب الأمر الرئاسي فقد أجريت في 2007 انتخابات لما يعرف بالجمع الانتخابي لكل إمارة لانتخاب ممثليها بموجب كوتا لكل إمارة، وجرى تعيين عدد مماثل من قبل حاكم الإمارة بحسب الكوتا المعروفة. لكن ذلك لم يؤد إلى زيادة صلاحيات المجلس في الرقابة على المال العام وبالتالي مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة.

النيابة العامة: بموجب قانون النيابة العامة، فإن النيابة العامة تستطيع التحقيق في قضايا الفساد التي تمس المال العام وإن كان ذلك نادرا. لكن العام 2008 شهد قيام النيابة العامة في إمارة دبي بالتحقيق في قضايا فساد في شركات مملوكة لإمارة دبي وأصدرت المحاكم حكمها بالسجن ومصادرة ممتلكات.

الصحافة والجمعيات الأهلية: قد يستغرب المراقب للعدد الكبير من الصحف والمحطات المحلية والفضائية الإذاعية والتلفزيونية، خصوصا أن دبي تعتبر عاصمة الإعلام العربي. لكن الصحافة المحلية نادرا ما تتناول قضايا الفساد، ولذا لا تظهر إلى السطح قضايا الفساد إلا إذا كشفت السلطات الرسمية عنها.

وبالنسبة للجمعيات الأهلية فيوجد في الإمارات عدد لا بأس به بما في ذلك الجمعيات الأهلية النوعية مثل جمعية حقوق الإنسان، لكنه لم يتم حتى الآن ولم يجرِ الترخيص لجمعية للشفافية.

مكانة الإمارات في الشفافية: تحتل الإمارات العربية المتحدة المكانة الثانية خليجيا وعربيا على مقياس مؤشر مدركات الفساد وبرصيد قدره 5.9 والمكانة 35 دوليا.


المملكة العربية السعودية

تعتبر السعودية متميزة من حيث أنها أقدم كيان سياسي مستقل في الخليج (1928)، وأكبرها وأغناها على الإطلاق، ولذلك تعتبر ركيزة مجلس التعاون الخليجي. لكن السعودية ولأسباب عديدة تعتبر الأكثر محافظة فيما بين دول المجلس، والأقل أخذا بالتشريعات المدنية والتنظيم المدني للدولة.

الدستور: لا يوجد دستور بالمملكة وبدلا من ذلك فإن المملكة تعتمد النظام الأساسي للحكم ونظام المحافظات، والذي أقر في 1996 من قبل الملك فهد آل سعود بموجب مرسوم ملكي رقم أ/90 بتاريخ 27/8/1412هـ.

وبموجب النظام الأساسي فإن الحكم في المملكة ملكي في أبناء المؤسس عبدالعزيز آل مسعود ويستمد الحكم سلطته في كتاب الله وسنة رسوله، ويبايع المواطنون الملك على كتاب الله وسنة رسوله. كما نصت المادة (14) على أن جميع الثروات في باطن الأرض وظاهرها والمياه الإقليمية ونطاقها البري والبحري هي ملك للدولة، وتنص المادة (16) على أن للأموال العامة حرمتها وعلى الدولة حمايتها وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها.

السلطة التشريعية: بموجب نظام الشورى الصادر بمرسوم ملكي، أقيم في السعودية مجلس الشورى، وهو مجلس معين من قبل الملك لمدة أربع سنوات وقد ازداد عدده تدريجيا. ومجلس الشورى مجلس استشاري يناقش ما تحيله الحكومة إليه من مشاريع قوانين أو خطط وكذلك موازنة الدولة. ولكن لا يمكن أن يستجوب أي وزير أو يقوم المجلس بإجراء تحقيق في قضايا معينة مثل قضايا الفساد.

التشريعات: لم توقع المملكة العربية السعودية ولم تصدق على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد. كما لا يوجد قانون خاص بمكافحة الفساد، لكن أحكام الشريعة والقانون التجاري يحرم الرشوة أو التمصلح من المنصب العام.

الهيئات: ليس هناك هيئة مختصة بمكافحة الفساد، لكن المحاكم الشرعية تستطيع النظر في قضايا الفساد، المحالة إليها من قبل النيابة العامة.

الصحافة والجمعيات الأهلية: إن دور الصحافة الوطنية على رغم تعددها وتنوعها في السنوات الأخيرة لايزال محدودا في مراقبة السلطة التنفيذية ومراقبة الحياة العامة. ولم نسمع عن كشف هذه الصحافة لقضايا فساد ذات شأن.

في ظل قانون الجمعيات الأهلية الحالي، فإن وجود جمعيات أهلية نوعية محدود جدا، ويقتصر على الجمعيات الخيرية والنسائية والثقافية. ولذا لا توجد في السعودية جمعية للشفافية. وقد شهدت السنوات الماضية تحركات لمجموعات من المثقفين الوطنيين في مبادرات موجهة إلى الحكم داعية إلى إصلاح أوضاع البلاد بما في ذلك السلطة التنفيذية وسلطات الإمارات المحلية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية وغيرها غير أن هذه المحاولات لم تؤد إلى نتيجة إيجابية حتى الآن.

مكانة المملكة في الشفافية: حسب مؤشر مدركات الفساد تحتل المملكة مرتبة متأخرة جدا، وهي 80 عالميا والأخيرة خليجيا، برصيد 3.5 مما يعتبر مؤشرا سلبيا جدا.


سلطنة عمان

يعتبر النظام السياسي الصادر بمرسوم سلطاني رقم 101/96 بمثابة دستور سلطنه عمان. وقد نصت المادة العاشرة على «إرساء أسس صالحة لترسيخ دعائم الشورى الصحيحة نابعة من تراث الوطن وقيمه وشريعته الاسلامية». وبناء على ذلك صدر المرسوم السلطاني رقم 86/97 بإنشاء مجلس عمان الذي يضم مجلسي الدولة والشورى.

السلطة التشريعية: يعتبر مجلس الشورى بمثابة السلطة التشريعية والرقابية، وقد مر مجلس الشورى بعدة مراحل منذ إنشائه في 1992. وظل تشكيل المجلس بالتعيين بمراسيم سلطانية حتى الدورة الخامسة في نوفمبر 2003 حيث أطلق حق المشاركة الانتخابية. إن العملية الانتخابية ذاتها من حيث عمليات الترشيح والحملة الانتخابية والاقتراع قد مرّت أيضا بعملية تطوّر، والعملية برمتها مفتوحة لتتحول إلى عملية انتخابية كاملة، ويتحول مجلس الشورى إلى برلمان كامل الأركان.

إن من مهام مجلس الشورى الاطلاع على الموازنة العامة ومناقشتها وإقرارها دون الحق في تغيير جوهري فيها.

أجهزة الرقابة: يوجد في عمان جهاز الرقابة المالية ورئيسه بدرجة وزير، حيث يجري تعيينه بمرسوم سلطاني. ويقوم الرئيس بدوره باختيار طاقم الجهاز. ومن مهام الجهاز المراقبة والإشراف المحاسبي على جميع الوزارات والأجهزة الرسمية والشركات التي تملكها الحكومة، أو تمتلك فيها أغلبية الأسهم. ويقدّم رئيس الجهاز تقريره السنوي إلى جلالة السلطان.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2419 - الإثنين 20 أبريل 2009م الموافق 24 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً