العدد 1068 - الإثنين 08 أغسطس 2005م الموافق 03 رجب 1426هـ

يدفع الجندي من دمه ثمنا لشهرة قائده

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

بقيت أسبوعا كاملا وأنا أتحدث عن الواقعية وأن نزيل الأوهام ليس حبا في التنظير بقدر ما هو إشفاق على المستقبل حتى لا تكون أنت والزمان على نفسك. اليوم العالم تقوده لغة المصالح وللأسف أصبح المال هو الايديولوجيا.

صحيح أن زولر يقول: تتكون الشخصية من الضمير والعقل والإرادة. وكما يعبر علماء النفس أن الضمير هو المحكمة الداخلية ولكن هل تعتقدون أن الغرب سيقدم قرابينه التجارية ومصالحه الاقتصادية لصالح عيوننا؟ يجب أن ننظر للأمور على ما هي عليه. الأثواب الأنيقة - سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية - تجمل الإنسان لكنها لا تمنحه عقلا ولا قلبا فالثوب لا يصنع الراهب. يجب أن نفكر في ذلك الرمل المطحون تحت عجلات الطواحين، فلنفكر فيمن يذهبون وقودا في المحارق... واقرأوا الصراعات والحروب... أبناء الفلاحين والفقراء تطحنهم الحرب والأوسمة توزع على القواد والمثل الإيطالي يقول: "يدفع الجندي من دمه ثمنا لشهرة قائده".

أنا لا أدعو إلى مسح أحذية الحرية للحفاظ عليها ولكن أدعو إلى قراءة الواقع بلغة الأرقام وإذابة الشحوم وإزالة ضباب الأوهام، لا أريد أن أجعل من الحرية خادمة تغسل الأخطاء بماء الورد والياسمين، لكن أخاف عليها من المنعطفات أن تلتفت إلى الوراء فلا تجد أحدا يساندها وتتورط لأن الأبطال الذين يولدون كأطفال الأنابيب في مختبرات المزايدة لا يعيشون طويلا وسرعان ما يبدلون مواقفهم ساعة اشتداد الأزمة كما في مرحلة التسعينات، إذ البعض التجأ إلى الحفر والبعض مشى جنب الحائط وهناك من نفضوا أيديهم من كل شيء عندما اكتشفوا أن القضية كبيرة قد تأكل نظام المصالح وأن الحرية غالية الأثمان ومكلفة "مش لعب عيال".

هناك مثل جميل يقول: "عندما يصبح البحر هادئا يصبح قبطان كل سفينة بطلا". السؤال: ما وراء هيجان البحر كيف ستكون الأمور؟ البعض ضرب على صدره وعندما طلب منه تقديم معونة بسيطة لعائلة شهيد أو أسير ارتعدت فرائصه... عندما أقول البعض لا أشير إلى شخص بعينه، وإنما إلى حالات ونماذج تتكرر في كل مرحلة، فيجب أن نكون دقيقين في قراءة كل شيء. الواقعية تكمن في عدم استحواذ الخرافة السياسية وشيوع الأوهام.

يقول جان بيرك في كتابه "مصر الامبريالية والثورة ص 22": "إن الفلاحين في مصر يقسمون بأنهم قرأوا اسم سعد زغلول على أوراق شجيرات القطن" وكان السودانيون يصرون على أنهم كانوا يقرأوا اسم محمد المهدي مؤسس المهدي في السودان على أوراق الشجر وبيض الحمام. فهذا يعد من مظاهر التخلف. شيوع الأساطير والانكفاء على الماضي من دون تخطيط للمستقبل أو إنفاق العمر والطاقة في فرعيات مختلف فيها بدلا من كليات متفق عليها كما يقول المفكر المصري حسان حتحوت في كتاب "أوراق في النقد الذاتي".

يجب أن نسعى إلى معرفة الطرق التي من خلالها نوفر رواتب عالية وسكنا محترما وحرية تليق بكرامة الإنسان بأقل الخسائر وبربح كبير.

ولهذا يجب أن نتقبل كل الآراء المسئولة لأن البعض راح يقول: "ما ننتقده في حكوماتنا نمارسه نحن فيما بيننا"، حتى لا نصبح نماذج مصغرة للأنظمة التي ننتقدها. يجب فتح النوافذ وسماع كل الآراء مادام كلنا قلبنا على الوحدة الوطنية والشراكة القومية فحتى البقرة السوداء تعطي حليبا أبيض.

علينا ونحن في السياسة أن نفكر كيف نوفر سكنا للضائعين على أرصفة الوطن، فلنفكر في الظلم الإداري الذي يلحق بالمواطنين في بعض الوزارات، فلنفكر في المعوقين وكيف نحيي حاجاتهم في المراكز وغيرها. فلنفكر كيف ندخل في المشروعات التجارية وألا نضع كل البيض في سلة واحدة.

للأسف بعض الوزارات تأخذ المواطن وتمتص دمه كما تمتص روح البرتقالة ثم تلقيه على الرصيف بلا روح، فلنفكر في كل ذلك مع تفكيرنا أيضا في السياسة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1068 - الإثنين 08 أغسطس 2005م الموافق 03 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً