العدد 1070 - الأربعاء 10 أغسطس 2005م الموافق 05 رجب 1426هـ

لماذا المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

طرحت الكثير من الأسئلة بشأن المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل وما جدواه وما أهميته، بل ان البعض سأل بسخرية ما فائدة مؤتمر سيخرج بتوصيات يقدمها إلى منتدى المستقبل الرسمي ولن يؤخذ بها؟

أسئلة مشروعة . .. ومجرد السؤال دليل الاهتمام

المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل والذي سيعقد في البحرين في 7 و8 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل قبيل انعقاد منتدى المستقبل الرسمي الثاني في 11 - 12 نوفمبر ،2005 هو الثاني من نوعه بعد المنتدى المدني العربي في الرباط والذي انعقد في بداية ديسمبر/ كانون الأول ،2004 قبيل انعقاد منتدى المستقبل الأول في الرباط أيضا، وخرج بوثيقة مهمة قدمت من خلال وفد المنتدى المدني العربي إلى منتدى المستقبل.

في الواقع فإن عقد مؤتمرات أو منتديات للمجتمع المدني قبيل أو بموازاة المؤتمرات الإقليمية والدولية مثل منتدى دافوس أو قمة الثمانية الكبار أو منظمة التجارة الدولية أو غيره أضحت تقليدا جاريا على امتداد العالم. والحقيقة أن هذا التقليد يعكس تناميا لدور منظمات ومؤسسات المجتمع المدني على امتداد العالم وخصوصا في الدول الديمقراطية في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية.

أما بالنسبة إلى الدول العربية فإن منظمات المجتمع المدني مازالت في المراحل الأولى من نهضتها وتباين حيويتها وفاعليتها من بلد لآخر. ولكن من الملاحظ أنها أكثر حيوية في البلدان، حيث هامش أوسع من الحريات العامة والمؤسسات الديمقراطية كما في المغرب وفلسطين المحتلة ولبنان.

منتدى المستقبل الأهداف والآليات

تمت إقامة منتدى المستقبل في الرباط في ديسمبر 2004 وذلك اثر اجتماع ضم وزراء خارجية الدول الكبرى الثماني "الولايات المتحدة الأميركية، كندا، اليابان، روسيا، المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا"، مع نظرائهم وزراء خارجية دول ما يعرف "بالشرق الأوسط الواسع وشمال إفريقيا". أي مجموع الدول العربية إضافة إلى تركيا وإيران وأفغانستان وباكستان، وقاطع الاجتماع كل من سورية ولبنان وليبيا وإيران، ولكل أسبابه الخاصة.

هذا الاجتماع أتى بعد اجتماع على هامش دورة الأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/ أيلول ،2004 إذ اجتمع بدعوة من وزير الخارجية الأميركية حينها كولن باول وزراء خارجية دول مجموعة الثماني الكبار وغالبية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واتفق حينها أن تقوم كل من الولايات المتحدة الأميركية والمغرب والتي أبدت استعدادها لاستضافة الاجتماع الأول، بدعوه الأطراف المعنية ووضع الترتيبات وجدول أعمال الاجتماع وهكذا عقد الاجتماع والذي أطلق عليه منتدى المستقبل في الرباط في ديسمبر 2004 لمدة يومين، وصدر عنه بيان مشترك، كما توصل المجتمعون إلى إطار عام للتعاون بين مجموعة الثماني وما يعرف بالشرق الأوسط الواسع وشمال إفريقيا، ويمكن القول إن المشروع هو تطوير للمشروع الأميركي المعروف بمبادرة الشرق الأوسط الكبير. ويبدو أن الولايات المتحدة توصلت إلى قناعة مفادها أنها لا تستطيع لوحدها تحمل أعباء الحرب العالمية على الإرهاب وإصلاح أنظمة البلدان التي تفرخ الإرهاب وفي مقدمتها دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "الدول العربية إضافة إلى دول غرب آسيا"، ولذلك ارتأت أن تشرك الدول السبع الكبرى في حمل هذه الأعباء، فيما تقود هذه العملية.

دور المجتمع المدني

منذ أن أطلق الرئيس الأميركي جورج بوش الابن مشروع الشراكة مع الشرق الأوسط الكبير، والذي تندرج تحته مشروعات الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان، وانعاش الاقتصاد وغيرها، فقد ثار خلاف شديد في أوساط منظمات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وجمعيات أهلية وغيرها بشأن الموقف في هذا المشروع ، واستطرد مشروع منتدى المستقبل ما بين معارض بشدة ومؤيد بشدة وما بينهما من طيف الألوان. لكن من الواقعي عدم تجاهل هذا المشروع ومفاعيله على أرض كل بلد عربي. ان يجري فعليا تنفيذ عدد من المشروعات سواء تلك التي تتبع الشراكة مع الشرق الأوسط الكبير أو تلك التي تتبع منتدى المستقبل، ومن هنا فإن من المنطق التعامل مع منتدى المستقبل بنظرة نقدية فاحصة لما هو مفيد وما هو ضار والعمل على تصويب ما هو ضار إن أمكن أو ما يعرف بالاشتباك الإيجابي.

لذلك فقد بادرت مجموعة من منظمات المجتمع الأهلي في الدول العربية ومثيلاتها في الدول الغربية إلى عقد المنتدى العربي في الرباط قبيل انعقاد منتدى المستقبل، وقدمت رؤية المجتمع المدني العربي لأعمال وأهداف منتدى المستقبل، حملها وفد يمثل المنتدى الأهلي إلى منتدى المستقبل الرسمي في جلسة على مستوى مديري وزارات الخارجية، ونشر بيان المنتدى الأهلي على نطاق واسع. والمعروف أن البنك الدولي ضمن توجهاته لإشراك المجتمع المدني في صوغ السياسات الإقليمية والدولية تولى تمويل المنتدى الأهلي العربي، وذلك ليس عيبا.

ستعقد الدورة الثانية لمنتدى المستقبل في مملكة البحرين يومي 11 و12 نوفمبر، أي بعد مرور 11 شهرا على انعقاد الدورة الأولى في الرباط، فيما ستعقد الدورة الثالثة في الأردن في نهاية العام المقبل. إن ذلك مؤشرا على استمرارية المنتدى وتحوله إلى مؤسسة دولية للتعاون ما بين دول مجموعة الثماني الكبرى ومجموعة الدول العربية وغربي آسيا.

جرى خلال الأشهر الماضية من عمر المنتدى اختيار بعض برامج التعاون، إذ أنيط بكل دولة كبرى برامج محددة، فيما اختيرت بعض دول "مجموعة الدول العربية وغربي آسيا"، لتكون مراكز إقليمية لبعض البرامج.

فمثلا تبنت بريطانيا برنامجا لتمكين المرأة، ودعم التجربة البرلمانية خصوصا في البلدان الحديثة العهد بها مثل البحرين. أما الولايات المتحدة فتبنت تدريب وتأهيل الشباب الداخلين في مجال الأعمال واختيرت البحرين والأردن والمغرب كمراكز للتأهيل. أما فرنسا فتبنت قضية الحكم المحلي والأمن المحلي وتدريب الرسميين في البلدان المعنية على ذلك، وكشفت السفيرة الفرنسية في البحرين عن بعض هذه البرامج المقدمة للبحرين مثلا إثر زيارة سمو ولي عهد البحرين لفرنسا أخيرا .أما اليابان فعرضت برامج في مجال الطاقة والبيئة وإن لم تدخل بعد حيز التنفيذ.

إن الاستعدادات للدورة الثانية لمنتدى المستقبل تكشف عن توزيع الأدوار فيما بين الدول الكبرى واهتمامها بمشاركة المجتمع المدني في التحضير والمشاركة الجزئية لأعمال منتدى المستقبل. لذلك فقد تقرر أن تعقد أربعة اجتماعات تمهيدية عن:

1- الشفافية ومكافحة الفساد وتعهدته المملكة المتحدة.

2- حكم القانون وتعهدته الولايات المتحدة.

3- حقوق الإنسان في الدوحة في 7 - 8 نوفمبر.

4- تمكين المرأة في التنمية وسيعقد في مملكة البحرين وتنظمه جامعة البحرين.

وفي حين أن حكومة البحرين أناطت بمركز البحرين للدراسات والبحوث تنظيم مشاركة منظمات المجتمع المدني البحريني في الاجتماعات الخارجية الثلاثة الأولى فإن لكل بلد من البلدان العربية وغرب آسيا آلياته في تنظيم مشاركة منظمات المجتمع المدني في الاجتماعات الأربعة.

اتفق منظمو منتدى المستقبل أن يخرج كل اجتماع برؤية المجتمع المدني لموضوع كل اجتماع، وسيتاح لممثلين عن الاجتماعات الأربعة لطرح رؤاهم في جلسة خاصة لذلك في المنتدى الاقتصادي.

إن هذه الآلية لاستنباط رؤى المجتمع المدني وإشراكها في عملية صوغ السياسات التي سيتبناها منتدى المستقبل مهمة لكنها ليست كافية، لأننا نعرف التفاوت في أوضاع المجتمع المدني وتنظيماته في مختلف البلدان العربية وغربي آسيا، بل إن هناك غيابا كاملا لمؤسسات المجتمع المدني في بعض البلدان، وحال خصام ما بين بعض الحكومات ومنظمات المجتمع المدني. من هنا فإن هناك حاجة ماسة لمؤتمر مواز يجمع ممثلين عن منظمات المجتمع المدني لتقديم رؤيتها لمشروع اشراكه هذا وبرامجه بنظرة نقدية ومن منطلق مصالح الشعوب العربية وغرب آسيا المعنية.

* كاتب بحريني

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1070 - الأربعاء 10 أغسطس 2005م الموافق 05 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً