العدد 1083 - الثلثاء 23 أغسطس 2005م الموافق 18 رجب 1426هـ

البحارنة يروي قصة حل برلمان "73" وأمن الدولة

خلال حديث تنشره "الوسط" على حلقات

يسرد اليوم الوزير السابق للشئون القانونية حسين البحارنة، الذي بقي في منصبه 24 عاما، لـ "الوسط" قصة حل المجلس الوطني في 25 أغسطس/ آب ،1975 والذي تصادف ذكراه الثلاثون غدا، إضافة إلى القصة الكاملة لمرسوم قانون أمن الدولة، الذي اعتبره البحارنة أسوأ مرسوم مر في تاريخ البحرين، وأكد الوزير السابق في حديثه الذي ينشر في حلقات، أن الحكومة البحرينية كانت جادة في التحول نحو الديمقراطية العام 1971 بعد الاستقلال، موضحا أن الشعب البحريني رفض دعاوى إيران بشأن السيادة على البحرين، وأعطى ثقته للحكم ابان زيارة موفد الأمين العام للأمم المتحدة إلى البحرين في ذلك العام، وأن الشعب كان ينتظر مجازاته من الحكومة لموقفه المشرف. مشيرا إلى أنه لم تتم مقايضة إيران بالجزر الإماراتية الثلاث بديلا عن البحرين، أثناء المفاوضات السرية التي أجرتها الحكومة مع حكومة الشاه في لندن، وكان البحارنة أحد أطراف الوفد البحريني، وحكى الوزير السابق قصة وضع أول دستور للبحرين في العام ،1973 بصفته شاهدا على تلك الحوادث التاريخية كلها وعالما بما خلف الكواليس.


"التاريخ إن حكى".. . الوزير السابق للشئون القانونية حسين البحارنة:

الشعب رفض دعاوى شاه إيران في البحرين ولم نقايضه بالجزر الإماراتية

المنامة - حسين خلف

قال الوزير السابق للشئون القانونية حسين البحارنة، إن الحكومة البحرينية كانت جادة في التحول نحو الديمقراطية في العام 1971 بعد استقلال البحرين، وأكد البحارنة أن الشعب البحريني أعطى ثقته في الحكم ابان زيارة موفد الأمين العام للأمم المتحدة للبحرين في ذلك العام، وذلك برفضه دعاوى إيران بشأن السيادة على البحرين، مؤكدا أن الشعب كان ينتظر مجازاته من الحكومة لموقفه المشرف، مشيرا إلى أنه لم تتم مقايضة إيران بالجزر الإماراتية الثلاث بديلا عن البحرين، وحكى البحارنة خلال حوار طويل تنشره "الوسط" على عدة حلقات، القصة الكاملة ما قبل وبعد الاستقلال وتأسيس أجهزة الدولة، وقصة وضع أول دستور للبحرين في العام ،1973 والقصة الكاملة لمرسوم قانون أمن الدولة، وقصة حل المفاوضات التي سبقت حل المجلس الوطني، وكان البحارنة شاهدا على تلك الحوادث التاريخية كلها بصفته وزيرا عالما بكل الكواليس.

نود الحديث معك بشأن قصة قانون أمن الدولة الذي جثا على هذا الشعب لنحو ثلاثين عاما، لكن قبل ذلك نرجو إيضاح صورة البحرين سياسيا قبل الاستقلال، وما بعده، وهل فعلا كانت الحكومة جادة حينها في التحول نحو الديمقراطية؟

- نستطيع بدء الكلام بالقول إن الحكومة كانت فعلا جادة في التحول الإصلاحي بعد الاستقلال في 14 أغسطس ،1971 كان هناك توجه لوضع دستور وإنشاء حياة ديمقراطية، كانت هناك جدية وخصوصا أن البحرين كانت قبل استقلالها تناقش موضوع الاتحاد التساعي، مع باقي الإمارات الخليجية، وبدأت فكرة الاتحاد التساعي على غرار أو نمط اتحاد ماليزيا، بعد إعلان الحكومة البريطانية في يناير/ كانون الثاني 1968 رغبتها في الانسحاب من منطقة شرق السويس بما في ذلك دول الخليج، وذلك في موعد نهايته 31 ديسمبر/ كانون الأول ،1971 هذا الإعلان من قبل حزب العمال بعد تظافر الأسباب لظروف اقتصادية، أصاب الحكام في المنطقة بالذعر لأن الحكومة البريطانية كانت الوحيدة التي ترتبط مع هذه الدول بما في ذلك البحرين، باتفاقات حماية والدفاع عن وضع إمارات الخليج، وكذلك تمثيل هذه الدول في العلاقات الخارجية وفعلا ذهبت وفود إلى بريطانيا لإقناع الحكومة بالعدول عن هذا البيان أو تأخيره، وهذا دليل على أنه لم تكن هناك رغبة صادقة من قبل هذه الدول في الاستقلال وإنما دفعت من الموقف البريطاني المفاجئ، وهذا طبعا للإمارات الخليج تبريرها لوجود دولتين قويتين في شمال الخليج كالعراق وإيران وتخوفها من حدوث تدخل، ولكن هذا لم يجد نفعا والحكومة البريطانية هي التي أوصت بأن تتفق الإمارات التسع الموجودة جنوب الخليج، وهي البحرين وقطر والإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة حاليا، على أن يتفق الجميع على اتحاد تساعي يشابه اتحاد سلاطين ماليزيا القائم حتى الآن، ولكن فشل تشكيل الاتحاد التساعي بعد محاولات كثيرة وبعد أن اتفق الحكام على توقيع اتفاق دبي لسنة ،1968 على أساسها يكون هذا الاتحاد ولكن طالت الاجتماعات بشأن تكوين هذا الاتحاد منذ 1961 وحتى نهاية 1970 وبداية سنة ،71 ولم تسفر عن نتيجة لاختلاف الحكام على أجهزة الاتحاد وعلى طريقة تكوين هذا الاتحاد وكانت نقاط الاختلاف محصورة في مجلس الحكام، فتم الاتفاق على أن المجلس الأعلى المشابه إلى المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، أن يتكون من حكام هذه البلدان وهو السلطة العليا التشريعية والتنفيذية وأيضا فيما يتعلق في الإشراف على السلطة القضائية إلى آخر ذلك، لكن ظهر الخلاف فيما يتعلق بالمجلس الوطني الاتحادي، المجلس الذي يشابه مجلس الشورى على طريقة التمثيل في هذا المجلس، فكان رأي الحكام أن يكون التمثيل مشابها إذا كان التمثيل بأربعة مندوبين لكل إمارة سواء كانت هذه الإمارة البحرين بسكانها في ذلك الوقت الذي كان يقارب 400 ألف أو أقل بقليل، مع دولة مثل عجمان وأم القيوين والى آخره الذي كان عدد سكانها 4000 أو ،5000 وأبوظبي التي هي أكبر الإمارات كان لا يتعدى عدد سكانها 15 ألفا، ولم يكن هناك إحصاء حتى أنهم طلبوا من البحرين عمل إحصاء للسكان هناك، وذهبت لجنة لإجراء إحصاء رسمي لأول مرة في تلك الإمارات. المهم كان رأي البحرين ينادي بالتمثيل النسبي نظرا إلى عدد سكانها في ذلك الوقت، فخاف حكام بقية الإمارات من سيطرة البحرين، التي تنادي بالانتخابات القائمة على التمثيل النسبي والآخرون كانوا معترضين، ثم انه كان هناك خلاف على العاصمة وكانت هناك خلافات كثيرة على توزيع الحقائب الوزارية، وكانت الحكومة البريطانية طرفا في المفاوضات والسعودية والكويت، كل هذه الدول ساعدت على تقليل الخلافات بين الحكام ولم ينتج عن ذلك شيء.

كان المفترض أن يكون الاتحاد تساعيا؟

- نعم بين قطر والبحرين ودول الإمارات السبع لأن الكويت استقلت سابقا في يونيو/ حزيران 1961 قبل ذلك بعشر سنوات، لم تنجح مفاوضات التساعي، وكان في الوقت نفسه منذ العام ،1970 كانت هناك تهيئة في كل من قطر والبحرين لإعلان استقلالهما بموافقة بريطانية، لأن بريطانيا كانت ترى أن البحرين وقطر مؤهلتان للاستقلال بينما الإمارات السبع لم تكن تستطيع أن تكون كل واحدة منها كيان دولة كاملة كان يجب أن تتحد، ولهذا عندما هيأت كل من البحرين وقطر المجال لاستقلالها، كانت الحكومة البريطانية تشجع الإمارات الأخرى على تكوين اتحاد سباعي وكانت تعارض أية فكرة غير ذلك، ولهذا فإن دستور الاتحاد التساعي التي أشرف على و ضعه خبير الدستور وحيد رأفت المصري الجنسية، تم تكييفه بطريقة بحيث يوضع كدستور للإمارات السبع بدلا من الإمارات التسع، وسط إصرار من بريطانيا على عدم استقلال أية إمارة من هده الأمارات السبع، وفي تلك الفترة خلال المفاوضات وخلال سنة 1970 كونت البحرين نواة لمجلس الوزراء سمته باسم مجلس الدولة، الذي خلف المجلس الإداري السابق الذي استمر 1956 إلى ،1969 فمجلس الدولة جمع الدوائر الحكومية التي كان عددها حينها نحو 11 أو 12 دائرة، وأطلق اسم دوائر على هذه الدوائر إلى أن يكون المديرون السابقون لهذه الدوائر رؤساء إلى هذه الدوائر وتكون أول مجلس إلى الدولة في يناير/ كانون الثاني 1970 وكنت أعاصر هده المشكلات كلها، وكنت أشارك في اللجنة الدستورية في ذلك الوقت وكنت أشارك في تطوير استقلال البحرين ووضع المراسيم لإنشاء مجلس الدولة، وتم تعييني مستشارا قانونيا لمجلس الدولة بدرجة وزير ثم عضوا في مجلس الوزراء، هذه البداية التي ظهرت فيها البحرين وهي تطالب بتكوين اتحاد تساعي على أسس ديمقراطية، وأن يكون هناك مجلس يكون التمثيل فيه تمثيلا نسبيا بحسب عدد سكان كل دولة، وهذا كان يظهر نية الحكومة تجاه الإصلاح الديمقراطي، فالنية كانت موجودة نتيجة لهذه البوادر، ثم لا تنس أن قضية مطالبة إيران بالبحرين، تم حلها في العام نفسه ،1970 نتيجة للمفاوضات السرية التي جرت بين حكومة الشاه وبين لجنة عليا بحرينية كنت أحد أعضائها.

كنتم تتفاوضون في العاصمة البريطانية لندن...

- كنا نتفاوض سرا في لندن وجنيف، كانت هناك لقاءات، ونجحت هذه المفاوضات التي تمت حينها بناء على وساطة من الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، وليس عن طريق مجلس الأمن كما كان يطالب الشاه، الذي رأى أن يكون الحل عن طريق استفتاء في البحرين على حق تقرير المصير، واعترضت حكومة البحرين على ذلك، إذ إن الاستفتاء على حق تقرير المصير لا يكون إلا في الدول المستعمرة، ولم تكن البحرين حينها مستعمرة لا لإيران ولا لبريطانيا، إنما كانت دولة مستقلة محمية فقدت سيادتها الخارجية، وعندما تستقل تسترد سيادتها الخارجية، عموما عارضت حكومة البحرين الاستفتاء على تقرير المصير من قبل أفراد الشعب، ووافقت أن يكون الاستفتاء من قبل الأندية والجمعيات والمؤسسات الأهلية، إذ كانت مجالس إدارات هذه المؤسسات والأندية إدارات منتخبة، ووافق الشاه على اعتبار صعوبة تنظيم استفتاء عام، نظرا إلى وضع البحرين الخاص التي لم تكن مستعمرة، وتم جمع المؤسسات الحكومية شبه الرسمية كغرفة تجارة وصناعة البحرين، وإدارات الأوقاف السنية والشيعية، وإدارة أموال القاصرين، وإدارات كل الأندية الثقافية والرياضية والاجتماعية كلها، بما في ذلك ناديان هما للإيرانيين، وهما نادي المنامة وناد آخر لا أتذكر اسمه الآن، وعرف الشاه بذلك، وأرسل الأمين العام للأمم المتحدة موفدا خاصا عنه، وكان هذا الموفد هو مدير مكتب الأمم المتحدة في جنيف، وقضى الموفد عشرين يوما أدى فيها مهمته بكل سهولة، وكتب بعدها تقريره بأن شعب البحرين بغالبيته المطلقة يطالب بالاستقلال التام، وإعلان البحرين كدولة مستقلة ذات سيادة، وأرسل الأمين العام المتحدة التقرير إلى مجلس الأمن، ولم يناقش التقرير بل كانت هناك خطب تهنئة للحكومتين الإيرانية والبريطانية، وحكومة البحرين، على نجاح الأمين العام في حل قضية معقدة كانت معلقة لنحو 150 عاما، وكان الشاه مسرورا بالنتيجة، لأنه كان يريد حفظ ماء وجهه، إذ كان الأميركيون حينها يضغطون عليه كثيرا.

هل صحيح أن الشاه تنازل بعد أن تمت مقايضته بجزر طنب الكبرى والصغرى وابوموسى، المتنازع عليها حاليا بين البحرين والإمارات؟.

- لا، لم تكن في المباحثات حينها أية مقايضات، هذا الكلام أشيع في ذلك الوقت من قبل بعض الإمارات الخليجية، التي كانت تعير البحرين بمشكلتها مع الشاه، لكن كان هناك تشجيع من قبل المملكة العربية السعودية والكويت وبريطانيا، لدخول المفاوضات مع الشاه، وفعلا دخلنا المفاوضات التي استمرت منذ العام 1969 إلى العام ،1970 وانتهت بتصديق مجلس الأمن على تقرير موفد الأمين العام للأمم المتحدة إلى البحرين، من دون نقاش في موضوع التقرير، فأصبح الموضوع خارج مجلس الأمن، واتخذ طابع وساطة حميدة من قبل الأمين العام شخصيا، وهذه طريقة مشرفة بالنسبة إلى البحرين، لكن لم تكن هناك أية مساومة كما أعتقد، ظهرت هذه الإشاعة عندما استقلت البحرين في أغسطس/ آب وقطر في سبتمبر/ أيلول والإمارات في ديسمبر/ كانون الأول. وفي ذلك الوقت أرسل الشاه حملة عسكرية إلى جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى واستولى عليهما، والسبب هو معارضة رأس الخيمة التي كانت تتبعها هاتان الجزيرتان، للحل السلمي الذي طرحته بريطانيا لانسحابها من المنطقة، والحل السلمي كان عبارة عن اتفاق وقعته بريطانيا والشاه وحاكم الشارقة السابق، بشأن تقسيم جزيرة أبوموسى، بحيث يكون الجزء الشمالي لإيران، والجزء الآخر لحكومة الشارقة، من دون أن تقسم الجزيرة فعلا، وتمت الموافقة على هذا الاتفاق، وتم عرض الاتفاق على رأس الخيمة التي رفضته، إذن كان احتلال إيران لجزيرة أبوموسى بموجب اتفاق عقد بين الطرفين، بين حاكم الشارقة وحكومة إيران، وإذا رجعنا بالكلام إلى وضع البحرين آنذاك بعد تصديق مجلس الأمن على تقرير موفد الأمين العام للأمم المتحدة، وكان رأي شعب البحرين بمثابة مبايعة للأسرة الحاكمة في قراره النهائي، باستقلال البحرين، وكانت هذه بادرة إيجابية جدا، وكان الشعب ينتظر مجازاته على هذا الموقف، فهنا أقول: هناك أمران، وهما أن السياسة التي البحرين خلال مفاوضات إنشاء الاتحاد التساعي، وإصرارها على مسالة التمثيل النسبي وهذا توجه ديمقراطي، ومن جانب آخر أجمع شعب البحرين على رفض دعوى إيران كليا، والمطالبة بالاستقلال التام وإنشاء دولة مستقلة ذات سيادة، تحت حكم الأسرة الحاكمة، هذه مواقف شجعت الحكومة على التوجه نحو وضع دستور للبلاد على أسس ديمقراطية، إذ كانت هناك جدية، ولم تجبر الحكومة على ذلك، الأمر الآخر هو قرار بريطانيا بالانسحاب رسميا من منطقة الخليج، في نهاية العام ،1971 وحل المشكلة مع إيران نهائيا بحيث أصبحت البحرين في حل من أية مطالبة، هذان العنصران هيآ لاستقلال البحرين في 14 أغسطس ،1971 ولهذا حينما تريديني أن أتحدث عن المجلس الوطني، ولنترك الحديث عن المجلس التأسيسي فنحن نعرف أنه كان بداية لوضع الدستور، وهذا هو الأسلوب الديمقراطي الحديث الذي يجب أن تتبعه الدول التي ليست لها دساتير، فبعد استقلال البحرين في 14 أغسطس أعلن أمير البحرين في مناسبة عيد الجلوس في 1972 أنه كلف مجلس الوزراء بتشكيل لجنة تضع دستورا حديثا للبلاد، وكونت لجنة من أربعة وزراء لمتابعة الموضوع ووضع دستور للبلاد، واستعانت الحكومة بالخبير الدستوري عثمان خليل عثمان، الذي كان يعمل مستشارا لمجلس الأمة في الكويت وساهم أيضا في وضع الدستور الكويتي، وجاء عثمان واجتمعت معه اللجنة التي كنت أحد أعضائها، وباشرنا وضع مسودات الدستور، وتكون المجلس التأسيسي لوضع الدستور من 22 عضوا منتخبين من قبل الشعب، مقابل عشرين عضوا معينا بينهم 12 وزيرا، أي كانت الغالبية للأعضاء المنتخبين، واستمرت المناقشات في الدستور لمدة طويلة قاربت الستة أشهر، فقد وضع الدستور في أربعة أشهر، ونوقش في ستة أشهر بالطريق الديمقراطية كما يجري الآن في العراق، إذ تمت مناقشة الدستور مادة مادة من قبل المجلس التأسيسي

العدد 1083 - الثلثاء 23 أغسطس 2005م الموافق 18 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً