العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ

حملة مضادة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

بدأت في لندن حملة مضادة للتحذير من مخاطر توسيع دائرة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية البريطانية باسم "سلوكيات غير مقبولة". الحملة المضادة بدأت ويرجح أن تباشر هيئات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان ومجموعات تنتمي إلى الاحزاب الثلاثة في التحرك الإعلامي وتسيير مظاهرات في الخريف المقبل.

هذا التحرك مطلوب ليس دفاعا عن تلك الأسماء التي دأبت على نشر صورة متخلفة عن الإسلام في إذاعات ومرئيات أوروبا باتفاق أو من دون اتفاق مع الأجهزة الأمنية... وانما دفاع عن المسلمين الأوروبيين والجاليات المسلمة التي أخذت تدفع ثمن الاضرار التي غذتها تصريحات "حفنة" لا يعرف من كلفها التحدث باسم الإسلام والمسلمين في بريطانيا وأوروبا.

هناك حملة عنصرية تقودها مجموعات أوروبية متطرفة ضد الإسلام والمسلمين. وهذه الحملة ليست جديدة وانما أعيد تجديد عناصرها السياسية "الثقافية" استنادا على مقولات دأبت تطلقها من شاشات التلفزة مجموعة لا يعرف من أين أتت؟ ومن جاء بها؟ ولمصلحة من كانت تتفوه بتصريحات مقززة وتثير الرعب في أوساط المواطنين وتحرض الناس على كراهية المسلم وتعطي الذرائع للمطالبة بعزله أو طرده من البلاد.

هذه الحملة استفادت كثيرا من تفجيرات 7/7 في لندن وأقدمت على توظيفها إعلاميا مستخدمة الصحف الشعبية الرخيصة لإثارة الكراهية وربما استخدام الوسائل العنفية ضد الجاليات المسلمة. وخلال حملة التحريض تلك وقعت اعتداءت على مسلمات محجبات وشنت هجمات على مساجد ومراكز إسلامية في أكثر من مدينة بريطانية. والادهي في الموضوع استمرت وسائل الإعلام ومعها للأسف محطات "بي بي سي" الرصينة في استقبال بعض "المتطرفين" لتبرير هجمات 7/7 والدفاع عنها والتهديد بالمزيد منها. حتى بعد أن وقعت الهجمات الفاشلة في 21 يوليو استقبلت محطة "بي. بي. سي. تو" بعض من اسمتهم بالمراجع الإسلامية ليطلق تصريحات تحض على العنف وتهدد المؤسسات البريطانية بالخراب والدمار وتدافع عن تلك الأعمال التي نسبت لأفراد من المسلمين.

هذا النوع من الإعلام المنظم والموجه لإثارة الاحقاد وتثوير البريطانيين ضد المسلمين أسهم خلال العقدين الماضيين في ترسيم صورة "المسلم الرديء" في ذهن المشاهد "المتلقي" وحفر تلك الخنادق بين واقع المسلمين المهمش في دائرة الحياة السياسية وبين مجموعات انتدبت نفسها للتحدث باسم الإسلام والمسلمين لتغذية تلك الصورة السلبية العنيفة عن المسلم.

وهذا النوع من الإعلام المقصود منه تشويه صورة الإسلام والمسلمين، بحاجة إلى نقد وملاحقة ومراقبة من قبل الداخلية البريطانية... لأنه أيضا يقع تحت طائلة القانون أو ما يسميه وزير الداخلية "سلوكيات غير مقبولة". فكرة "سلوكيات غير مقبولة" بحاجة إلى تدقيق وإعادة قراءة وهذا ربما ما ارادت هيئات المجتمع المدني التحذير من عموميتها واحتمال توسع دائرة تعريفها لتشمل الكثير من الأبرياء وتتجاهل عن عمد مسئولية الإعلام البريطاني ودوره في ابراز "واشهار" وجوه ادعت انها إسلامية وتنطق باسم المسلمين.

هذا النوع من الإعلام يمكن وضعه أيضا في دائرة "سلوكيات غير مقبولة" لأنه يدعو من طرف آخر إلى كراهية المسلم وعزله والابتعاد عنه وعدم التعامل معه بذريعة انه "شرير" و"كريه" و"عنيف". صورة المسلم الرديء جاءت من روافد مختلفة منها تلك التصريحات المتخلفة التي اطلقتها حفنة من "الدعاة" والمأجورين ومنها أيضا الإعلام البريطاني في شقيه المرئي والمكتوب حين اصر ودأب على إظهار تلك الحفنة وكأنها فعلا تمثل الإسلام والمسلمين.

التحرك الذي باشرته الهيئات والمنظمات والاحزاب والنقابات وقادة البلديات نقطة مضيئة في عالم تسوده الكراهية وتقوده حفنة من المدعين والمتسلقين... وهي مجموعة اسهم الإعلام الأوروبي "والبريطاني" في ابرازها وتسويقها منذ سنوات لغايات خفية بدأت تظهر معالمها وملامحها بعد تفجيرات 7/.7

مسألة "سلوكيات غير مقبولة" موضوعة شائكة ومعقدة... إلا أن الحملة المضادة التي بدأت تنشط في لندن يتوقع منها أن تكشف تلك الخيوط الخفية التي أسست شبكة من العلاقات تهدف في النهاية إلى محاصرة الإسلام وعزل المسلمين في أوروبا بذريعة المخاطر المتأتية من ثقافتهم وميلهم الطبيعي نحو العنف

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً