العدد 2963 - السبت 16 أكتوبر 2010م الموافق 08 ذي القعدة 1431هـ

سفيرة عربية أميركية شابة تجد أرضية مشتركة

أنا عربية أميركية أبلغ من العمر 16 سنة. أحد والدي من لبنان والآخر من فلسطين. يعيش الاثنان في الشرق الأوسط، وأذهب أنا إلى مدرسة داخلية في الولايات المتحدة. ورغم أنني كنت دائماً على علم بهويتي، إلا أنني أجد أنه من المفارقات الساخرة أنني أعتبر أميركية في الشرق الأوسط وعربية في الولايات المتحدة.

أشعر عبر هذا الوضع بأنني أصبحت ضائعة في كلا المنطقتين، رغم أنني في أعماقي أشعر بأنني أنتمي لكليهما. لحسن الحظ أن هذا الخليط من الثقافتين والتقاليد العربية والأميركية أوجدت فرصة لي لأن أكون سفيرة في كلا المكانين.

انطلاقاً من طاقة «السفيرة» هذه، قضيت أسبوعاً هذا الصيف في الأردن مع «Habitat for Humanity»، وهي منظمة مكرسة لبناء إسكان بسيط محترم يمكن تحمل كلفته بالشراكة مع أصحاب الحاجة.

ساعدت في بناء منزل لأسرة أردنية مكونة من أربعة أفراد يتكون بيتهم الحالي من غرفة واحدة فقط، وهي أصغر من غرفتي المدرسية في سكن الطلاب، وهو أمر صدمني. كانت تلك الغرفة هي للمعيشة والنوم والأكل، وتشكل مطبخاً وحماماً كذلك.

بينما كنت أعمل في الحرّ القاتل في شمال الأردن، أبني الجدران وأقوم بتركيب النوافذ، تعلمت أموراً عديدة عن نفسي وعن غيري وعن بساطة إيجاد أرضية مشتركة بين أناس من ثقافات مختلفة.

قضيت فترات الراحة أتحدث مع أفراد تلك الأسرة الأردنية وأصدقائهم وأبنائهم عن سبب اختياري العمل مع «Habitat for Humanity». نمت تلك المحادثات إلى حوار بحثنا فيه نواحي التماثل بين سبيلينا، وثقافتينا وبلدينا. كان من المنعش سماع أن الثقافتين العربية والأميركية لهما أمور مشتركة أكثر مما سمعنا عن الاختلافات والتباينات.

كان جميع من قابلتهم كرماء ومضيافين إلى أبعد الحدود. دعوني إلى بيوتهم وقدموا لي الطعام. تكلموا عن نفس الأمور الاعتيادية التي تتحدث فيها الأسر حول العالم: الأطفال والمدارس والتضخم في الأسعار والبطالة والسلام، والأهم من ذلك كله، الأمل بالمستقبل.

قابلت هدى، وهي فتاة في التاسعة عشرة من عمرها كانت تزور أسرتها في العطلة الصيفية. كانت مثلي ومثل الكثيرين من أقراننا قد تركت منزل أسرتها في شمال الأردن لمتابعة تحديات الدراسة. تشاركنا في تجاربنا في العيش بعيداً عن البيت والأسرة والمسئوليات التي يترتب عليها ذلك.

هدى هي العضو الوحيد في أسرتها التي تعيش خارج بلدتها. ونظراً لأعباء الدراسة الكبيرة فهي لا تستطيع زيارتهم كثيراً. وحتى تستطيع تحمّل عدم وجود أسرتها والمسافة البعيدة عنهم فهي تحيط نفسها بشبكة من الصديقات المقربات والمشرفين الذين يشكلون معاً مجموعة دعم لها. ليست مهارات التحمّل التي أستخدمها مختلفة، فأنا أعتمد بشكل كبير على أساتذتي وأصدقائي في المدرسة ليشكلوا مجموعة الدعم اليومية لي. تمثّل هدى بالنسبة لي «نظيرتي الأردنية».

كان كل شخص قابلته يفتخر بكونه أردنياً، تماماً كما أفتخر أنا بهويتي. كانت صورة الملك عبدالله معلقة في العديد من مواقع القرية، وكان السكان المحليون يبتسمون عندما كانوا يخبرونني عن الملكة رانيا. طرحوا عليّ أسئلة عن عائلة الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، الذين يشتركون بأمور كثيرة مع الأسرة الملكية الشابة في الأردن.

كان أغلى درس تعلمته هو أن إيجاد أرضية مشتركة بين ثقافاتنا المختلفة لا يتطلب الحصول أولاً على عدد من الشهادات الجامعية أو سلسلة من المتطلبات الأخرى. كان الأمر السياسي وجود قلب مستعد للانفتاح على الآخرين. ويمكن للقلب المفتوح أن يأتي نتيجة للاستمتاع بأبسط الأمور، كالأسرة والطعام والموسيقى والأطفال.

عدت إلى الولايات المتحدة باهتمام متجدد بتشجيع الآخرين للمشاركة في جسر الفجوات مع الثقافات الأخرى. انضممت إلى نادي التنوع في مدرستي لتشجيع هذا الشيء بالذات. أخطط لزيارة مدينة نابلس في فلسطين الصيف القادم سعياً لما يساعدني على إنشاء أرضية مشتركة مع السكان هناك.

ورغم كوني غير محايدة في قضية الشرق الأوسط بالطبع، وأرغب برؤية المزيد من التفاعل بين العرب والأميركيين، إلا أنني أشجع جميع الشباب والشابات على قضاء المزيد من الوقت لمساعدة المجتمعات المحلية في الوطن أو في الخارج. يمكن لعقلية شابة أن تذهب بعيداً نحو تحقيق الفرق، خاصة عقلية تركز على أبسط الأمور

العدد 2963 - السبت 16 أكتوبر 2010م الموافق 08 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً