العدد 1102 - الأحد 11 سبتمبر 2005م الموافق 07 شعبان 1426هـ

لا معنى للحياة بلا مواقف!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

الإنسان في الحياة موقف، ولا معنى للحياة بلا مواقف، وهكذا كان هو دائما؛ رجل صاحب مواقف وطنية وقومية وإسلامية. .. هو رجل الكلام في زمن الصمت. رافع المهمة أبدا، شامخ في زمن الخضوع، أطلقوا عليه مرعب المفسدين لإقدامه وجرأته... لم ينثن أمام كل المنعطفات التاريخية التي مرت بحياة شعبه. حياته حافلة بالعطاء، وكان مدافعا صلدا عن حقوق الفقراء والمظلومين والكادحين، لا يفرق بين "سني" أو "شيعي"، بل كان رمزا ومثالا للوحدة الوطنية. أعماله تفوق قدرة الرجل العادي؛ فمن ملاحقته للمفسدين وجرأته في التنديد بأفعالهم إلى زيارة المرضى في المستشفيات، إلى مواساة أصحاب المصائب، إلى مداعبته وعطفه على الصغار، إلى تصدره المسيرات والمظاهرات الوطنية والقومية والإسلامية، هكذا عاش حياته عزيزا غير خاضع لأحد، كريما يشمل عطفه الكبير والصغير، صامدا أمام الترغيب والتهديد... كان أبعد ما يكون عن الأنانية والمصلحة الشخصية أو الفئوية والطائفية والمناطقية الضيقة. كان يمثل الناس في البحرين بجميع أطيافهم وفئاتهم، ويومها كان الآخرون لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يسعون إلا إلى كسب المواقع الشخصية أو الطائفية والفئوية الضيقة... لم يتمكن منه أخطبوط "فرق تسد". أمنياته التي هي أماني شعب البحرين لم تتحقق. رفع شعارات متوافقة مع النفس البشرية السوية، وكان يطبقها ويناضل من أجلها. لم تغش الضبابية مواقفه الواضحة ولم تعرف الازدواجية بين الشعار والواقع، طريقا إلى نفسه. قام بتطبيق الشعار في الواقع المعاش وتكلم في زمن الصمت. في غمرة الانفلات البوليسي والمتابعة المستمرة لكل شاردة وواردة. وكان يتكلم حيث لم يكن أحد يجرؤ على الكلام. يصول ويجول في المجالس الاجتماعية المختلفة، رافعا هامته يدعو الناس إلى التآزر والتضامن فيما بينهم للمطالبة بحقوقهم ومواجهة الظلم والاستبداد والفساد، وكان الآخرون يتلذذون بتقبيل ولثم الأيدي والأرجل وكعب الأحذية والنعال! كان حكيما في حياته وله بعد نظر وبصيرة ثاقبة، وفي مماته أضحت مبادؤه ميزان العدل يتم الحكم على أساسه بين الوطنيين والطائفيين، فهل تقبلونه حكما بيني وبينكم؟ حكما بمبادئه الوطنية الثابتة، حكما بأنفته الوطنية وشموخه كالطود العظيم في مواجهة الاستعباد والإذلال والخضوع.

عطني اذنك...

تذكرت هذا الرجل، الذي مضى على رحيله عام حافل بالرياء والنفاق والمجاملات الاجتماعية التي لا تنتهي... اجعلوه مثالا واتخذوه استاذا تنهلون من معينه الذي لا ينضب. لم يشتر بثمن ولم يركع لسلاطين المال وأرباب النفوذ. وهكذا درب الحالمين بوطن لا يرجف فيه الأمل. هكذا عاش "عبدالله علي جاسم فخرو" وعلى هذا مات... رحمك الله يا "ولد عمي". إلى الاعزاء الذين وقفوا بجانبي في محاكمتي اقول لهم شكرا و"بيض" الله وجوهكم، وعلى "راسي" مواقفكم. وقوفكم دفاعا عن حرية الرأي والتعبير هو الحبر الذي نكتب به من أجل غد ديمقراطي لأجيالنا ومن أجل مملكة دستورية قائمة على العدل والمساواة والحرية، لا نحيد عن مطالبنا مهما كلفنا الأمر. وأؤكد لكم أنه لم ولن ينثن قلمي عن مواجهة الباطل، ولن يحيد عن طريق نصرة القضايا الوطنية الجامعة، ولن تفت عضدي شنشنة المطبلين وحملة المباخر أو الـ "جرجرة" أمام المحاكم، فالأحكام "أية أحكام" تنقضي، وتبقى مواقف الناس هي التي تكشف عن معادن الرجال.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1102 - الأحد 11 سبتمبر 2005م الموافق 07 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً