العدد 1106 - الخميس 15 سبتمبر 2005م الموافق 11 شعبان 1426هـ

حربان عنصريتان

حربان عنصريتان أعلنتا في وقت واحد وفي بيانين منفصلين: الأول صدر في لبنان وحمل توقيع "حراس الأرز"، والثاني نشر على الإنترنت وحمل توقيع "أبومصعب الزرقاوي". البيان الأول أعلن الحرب على الفلسطينيين، ودعا كل "لبناني إلى قتل فلسطيني" مشيرا إلى أن العروبة دعوة متخلفة ولبنان ليس دولة عربية، مطالبا بانسحابه من جامعة الدول العربية، مفضلا "إسرائيل" على سورية وشارون على الفلسطيني. البيان الثاني أعلن الحرب على الشيعة، ودعا إلى مقاتلة "الروافض" متناسيا الاحتلال الأميركي للعراق، ومطالبا بالفتنة الطائفية وإشغال أهل الرافدين بحرب أهلية يخطط لها الاحتلال منذ اليوم الأول للغزو. هذه الايديولوجيا العنصرية - الطائفية المدمرة للإنسان التي وردت في البيانين هي في النهاية نتاج الزواج غير الشرعي بين التخلف العقلي/ الاجتماعي وبين الاحتلالين الإسرائيلي لفلسطين والأميركي للعراق. فهذه اللغة المقرفة والبغيضة التي تدعو إلى الكراهية والقتل والغدر ضد الإنسانية والإنسان والإسلام وكل عقيدة أو فكرة تتطلع نحو العدالة والعدل والمساواة والتوحيد. ومثل هذه اللغة المكروهة لا يمكن الا ان تكون نتاج زواج التخلف مع الاحتلال، وهذا ما تريده "إسرائيل" وأتباع شارون في فلسطين ولبنان. وهذا أيضا ما يريده الاحتلال وأتباعه في العراق. فالدعوة إلى قتل كل فلسطيني في لبنان وكذلك الدعوة إلى مقاتلة الشيعة في العراق تتفقان على قواسم مشتركة تقوم على مفردات البغض والفتنة. وهذه المفردات في جوهرها لا تنسجم مع دعوات التسامح والتعدد والاعتراف بالآخر والتعايش والتنوع وتتعارض مع الانفتاح واحترام حقوق الإنسان في سياق إنساني مشترك. كل دعوة عنصرية تبرر القتل على الهوية الطائفية أو الجنسية هي في أساسها مشبوهة الأهداف ويجب معاقبتها ومحاربتها في الدين والدنيا لأنها في النهاية لا تصدر الا عن صغار عقول ونفوس مريضة تعجز عن أن تعبر عن نفسها الا باستخدام لغة مهووسة لا ينطق بها سوى المتخلف في عقله والضعيف في إيمانه. وهذه اللغة الصغيرة في منطقها والذليلة في مفرداتها لا تخدم سوى أعداء الإنسان والحرية والإسلام. فماذا يريد شارون من "حراس الأرز" غير تلك الدعوة لتبرير احتلاله وجرائمه؟ وماذا يريد بوش من "الزرقاوي" غير ذاك البيان التحريضي على "الشيعة" ودعوة العراقيين إلى الفتنة والاقتتال وترك الاحتلال يسرح ويمرح ويهدد "دول الجوار" بالمزيد من الحروب؟ دعاة الفتنة الطائفية - العنصرية هم أفضل سلاح يستطيع تحالف شارون/ بوش الحصول عليه للتهرب من مسئولية ما اقترفه هذا التحالف من جرائم في فلسطين والعراق. العنصرية عنصرية والفتنة فتنة مهما حاول أصحابها تبريرها أو تجميلها. ومثل هذه الدعوات يجب محاربتها لأنها تستهدف الإنسان والاسلام وتخدم الاستيطان الصهيوني في فلسطين والاحتلال الأميركي للعراق. وغير ذلك ستكون المنطقة كلها عرضة لاجتياح الوباء الأصفر "الطاعون" الذي لن يفرق بين لبناني وفلسطيني أو سني وشيعي. في لبنان حسنا فعلت النيابة العامة حين استدعت "حراس الأرز" للتحقيق معهم بتهمة التحريض العنصري. وفي العراق حيث لا توجد دولة في ظل فوضى عارمة استباحت أرضه وأهله بتحريض الاحتلال وتشجيعه كان رد الفعل العاقل المتوازن من الهيئات الإسلامية "السنية والشيعية على السواء" هو الرد الحضاري التوحيدي على دعاة الفتنة والتفرقة ومن يلف حولهم أو يدور في فلكهم. الأمة قادرة على الرد. وعلامات الضعف والهوان لا تعني فتح الباب أمام دعاة الردة للعبث بالوحدة والاستقرار والتخلي عن الحق والعدل. فالردود التي وردت من لبنان والعراق هي الجواب الصحيح على عقول صغيرة ومتخلفة ومتآلفة مع الاحتلال وتشجيعه على العنصرية والفتنة.

العدد 1106 - الخميس 15 سبتمبر 2005م الموافق 11 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً