العدد 2968 - الخميس 21 أكتوبر 2010م الموافق 13 ذي القعدة 1431هـ

الأرض الفلسطينية المحتلة: «أوكسفام» تطالب بإزاحة العراقيل التي تعترض إنتاج الزيتون

بدأ في 15 أكتوبر/ تشرين الأول رسمياً موسم حصاد الزيتون بالنسبة للفلسطينيين. وقد خرج رامي علي وأسرته، شأنهم في ذلك شأن مئات الأسر الفلسطينية الأخرى، إلى حقول الزيتون للبدء في جني ما يبدو وكأنه حصاد جيد.

غير أن رامي وأسرته يواجهان بعض العراقيل. فعلى الرغم من أنهم ليسوا من أولئك الفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم بالكامل لصالح بناء المستوطنات أو لصالح جدار العزل الذي تقوم ببنائه الحكومة الإسرائيلية، إلا أن أرضهم التي تضم 200 شجرة زيتون تقع بالقرب من مستوطنة كادوميم الإسرائيلية ما يضطرهم للحصول على إذن خاص للدخول إلى أرضهم.

وقد تحدث رامي عن وضعه لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في مكالمة هاتفية قائلاً: «حاولنا أن نجني المحصول، ولكن الجيش الإسرائيلي أمرنا بالمغادرة لعدم حصولنا على إذن للقيام بذلك».

ولم تتمكن الأسرة من جني محصولها سوى في يوم 15 أكتوبر لكون قريتها، كفر قدوم، تضم واحدة من 30 تعاونية زراعية تستفيد من مشروع يموله الاتحاد الأوروبي وتنفذه منظمة أوكسفام. ومع بعض التدخلات الخارجية، حصلت الأسرة أخيراً على الإذن اللازم وتمكنت من جلب 40 متطوعاً إلى الحقل لمساعدتها في جني المحصول في أسرع وقت ممكن.

ويرى رامي أنه لولا المساعدة الإضافية لاستغرق العمال الأربعة في أسرته نحو شهراً واحداً لحصاد 200 شجرة. وفي ظل التحفظ على التصاريح حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ومنحها لثلاثة أيام فقط، فإن الأمور كانت لتكون صعبة للغاية. فإذا تأخر المزارعون في جني محاصيلهم، يفسد الكثير منها وتقل قيمة ما تدره من دخل مقابل الزيت الذي يحصل عليه المزارعون منها.

ويؤثر الوضع السياسي في الأرض الفلسطينية المحتلة على كل جوانب الإنتاج بالنسبة لمزارعي الزيتون مثل رامي، بما في ذلك قدرتهم على العناية بأشجارهم وتوقيت وكيفية جنيهم للمحصول وهوية من يبيعونه إياه وما يحصلون عليه مقابل ذلك. وتقوم دراسة نشرتها أوكسفام بالتزامن مع بدء موسم الحصاد لهذا العام بتقديم تفاصيل عن بعض المشاكل التي يعاني منها المزارعون.

وقد تصل هذه المشاكل إلى تدمير الأشجار نفسها، إما من قبل الحكومة الإسرائيلية لإفساح المجال للبناء، أو من قبل المستوطنين الغاضبين في المنطقة. ونقلت الدراسة عن الأمم المتحدة قولها إن آلاف الأشجار تعرضت للضرر فيما أسمته بـ «حوادث مرتبطة بالمستوطنين» خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، دون أن تقوم السلطات بتقديم أي أحد للمحاكمة بسبب ذلك.

علاوة على ذلك، هناك مشاكل تتعلق ببيع زيت الزيتون بعد إنتاجه. فنقاط التفتيش وإغلاق الطرقات وضرورة الحصول على التصاريح كلها أسباب تجعل توصيل السلع إلى الأسواق عملية صعبة ومكلفة للغاية.

وقد كانت غزة، التي يحول اكتظاظها بالسكان دون تمكنها من إنتاج ما يكفيها من الزيت، تشكل السوق الرئيسية لتجارة الزيت الذي يتم إنتاجه في الضفة الغربية. غير أن الحصار الإسرائيلي تسبب في تقليص إمكانية الوصول إلى هذه السوق، ما اضطر سكان غزة الآن للاعتماد على الزيت المنتج في إسبانيا أو سوريا أو مصر، والذي يتم تهريبه عبر الأنفاق. كما وجد العديد من سكان القطاع أنفسهم مجبرين على التخلي عن زيت الزيتون لصالح بدائل أرخص.

إضافة إلى ذلك، تسبب جدار الفصل بدوره في الحد من إمكانية الوصول إلى السوق الإسرائيلية، على الرغم من اعتقاد أوكسفام بأن كميات كبيرة من زيت الزيتون الفلسطيني لاتزال تصل إلى إسرائيل عبر قنوات غير رسمية، وغالباً عن طريق تجار فلسطينيين يحملون الجنسية الإسرائيلية.

كما تواجه الصادرات عدداً من العراقيل تتمثل في ضرورة مرورها عبر الموانئ أو المطارات الإسرائيلية، ووجوب تفريغ حمولات الزيت المغادرة للأرض الفلسطينية المحتلة عند نقطة العبور ثم إعادة تحميلها على مركبات إسرائيلية لمواصلة الرحلة. كما أن عمليات التفتيش المتكررة عند نقاط التفتيش تعرض الزيت الفلسطيني لخطر التلف والتدهور وتقلل من قدرته على منافسة أسعار السوق.


مضاعفة الدخل

أشارت أوكسفام في تقريرها إلى أن الزراعة تشكل مصدراً رئيسياً للعمل الرسمي وغير الرسمي على حد سواء في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأوضح التقرير أن «قطاع زيت الزيتون يوفر للمجتمعات الأشد فقراً إيرادات تفوق 100 مليون دولار أميركي سنوياً» خلال سنوات الإنتاج الجيد. وتقدر أوكسفام أنه «بإمكان إنتاجية ودخل مزارعي الزيتون أن يتضاعفا» إذا ما توفر الاستثمار الجيد والممارسات الزراعية الملائمة.

وقدم التقرير توصيات على المستوى السياسي، حاثاً الحكومة الإسرائيلية على رفع العقبات التي تعترض زراعة وتسويق زيت الزيتون، ووقف العنف الذي يمارسه المستوطنون والكف عن مصادرة الأراضي والموارد الفلسطينية. كما طالب السلطات الفلسطينية بالاهتمام بالزراعة بشكل أكبر ودعمها بموارد إضافية. ولكن في ظل تعقد الحالة السياسية، فإنه من الأرجح أن يحصل المزارعون أمثال رامي على فوائد فورية أكثر من مشاريع مثل مشروع أوكسفام تهدف إلى تمكينهم من الحصول على قيمة أكبر لما يجنونه من محصول.

ويستحق زيت الزيتون الجيد ثمناً جيداً. لذلك، فإذا تمكن المزارعون الفلسطينيون من تطبيق المعايير الأوروبية الخاصة بزيت الزيتون البكر والاستفادة من التجارة العادلة وشهادات الإنتاج العضوي، فإن ما ينتجونه من زيت سيصل إلى الأسواق المتخصصة ويحصل على أسعار أفضل بكثير. كما أنهم سيتمكنون من مواجهة دورة مواسم قلة الإنتاج إذا حسنوا أساليب الإنتاج وحصلوا على مواسم حصاد جيد.

وحسب أوكسفام، إذا تمكن المزارعون من جعل نمط دورة الإنتاج يتغير من تتابع سنة إنتاج جيد وسنة إنتاج منخفض إلى سنة واحدة للإنتاج المنخفض كل خمس سنوات، فسيستطيعون بذلك رفع إنتاجهم من نحو 20,000 إلى 35,000 طن من زيت الزيتون سنوياً.

وفي هذا السياق، أفادت الناطقة باسم أوكسفام في قرية كفر قدوم ويلوو هيسكي، أن 15 طناً، من أصل 150 أو 200 طن من الزيت الذي تنتجه التعاونية سنوياً، أصبحت الآن قابلة للتصدير مستفيدة من شهادتي التجارة العادلة والإنتاج العضوي. غير أن ذلك لا يشكل سوى نسبة صغيرة للغاية لا تشمل زيت عائلة رامي. وعلقت هيسكي على ذلك بقولها إن «عدم قدرة الأسرة على العمل في أرضها بشكل منتظم تمنعها من تطبيق أفضل الممارسات الزراعية وتحول دون حصولها على الشهادات اللازمة».

وعلى الرغم من ذلك، أعرب رامي عن سروره بما تمكن من جنيه خلال اليوم الأول من الحصاد. فبفضل مساعدة المتطوعين، تمكن وأسرته من جني جزء كبير من المحصول، وأعرب عن شعوره بأن حصاد «هذا العام سيكون حصاداً جيداً للغاية».

العدد 2968 - الخميس 21 أكتوبر 2010م الموافق 13 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً