العدد 2968 - الخميس 21 أكتوبر 2010م الموافق 13 ذي القعدة 1431هـ

حفظ حقوق الورق والجُمَل!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

سمعنا دوما بحفظ حقوق الطبع، وحفظ حقوق النشر، وكذلك حفظ حقوق الاختراعات، ولكننا لم نسمع يوما بحفظ حقوق الجُمل التي تُكتب في المؤسّسات الحكومية، وحفظ حقوق الورق المستخدم فيها كذلك!

الغريب في الموضوع، انه عندما يعمل المواطن في إحدى الدوائر الحكومية، يُعهد له بعمل مناط به، وقد يتميّز في هذا العمل، فيُعطيه المسئول درجة أو حافزاً على ما أنجزه.

ولكن في الآونة الأخيرة تسابق بعض الموظّفين في الدولة وعلى رأسهم مجتمع «المدرس والمدرّسة»، من أجل حفظ حقوق جملهم وعملهم المكلّفين به، وعليه ضاعت قيمة العمل في مهام ثانوية، يجري لها البعض من أجل الارتقاء بالمناصب.

هل المهم من انجاز العمل كتابة الاسم أم المهم الخروج بعمل متميّز مشرّف، يُرصد لصاحبه في يوم من الأيّام؟ وهل من الحرفنة وضع الأسماء على كل ورقة تخرج من مكاتبنا، أم الحرفنة في اتقان أعمالنا بالشكل الصحيح؟! فالدولة ترصد الميزانيات من أجل الوظائف، ولكن بعض الأخوة يجد في وظيفته عدم الانصاف، الاّ اذا كتب اسمه على كل ورقة، وهي في الأساس أوراق حكومية تُعنى بالشأن العام، ان لم يُنجزه هو سينجزه غيره!

حفظ حقوق العمل غير واردة في معجم مصطلحات الأعمال بهذا الشكل، بل هي واردة من خلال المثابرة والابداع، ومن خلال التعامل مع الآخرين، وفي انجاز المهام بالشكل الصحيح والمطلوب.

للأسف الشديد هناك من يظن عكس ذلك، فما إن عمل بعض المهام، حتى أخذ صورة بجانبها، أو كتب اسمه في نهاية صفحاتها، حتى يُري الآخرين بأنّه يعمل.

وهذا ما يجعل الأعمال مهمّشة وغير مهنية، ويجعل الكثير منّا يظن بأنّه سيرتقي بسبب هذا التوثيق «المذهل»، متناسيا بأنّ أكثر العظماء قدّموا الكثير بدون أن ينظروا في آخر صفحاتهم الى وجود أسمائهم، فهم ذوو علم يريدون توصيله الى العالم، وارتقوا بمهنهم الى مستوى عالٍ ورفيع جدّا.

قد نقدّم الغالي والنفيس الى مسئولينا، حبّا فيهم وإخلاصا لعملنا، ولكن انشغالنا برصد أسمائنا على كل صغيرة وكبيرة، يجعل أعمالنا صغيرة وان كبرت.

ان صنعت شيئا للوطن، فأنت ابنه لا تخرج من جزائه مهما قدّمت، وان صنعت شيئا لنفسك، فاعلم بأنّ لا أحد يستطيع أخذه وتزييفه من اسمك، ولكن ان قدّمت اسمك قبل عملك فهذا هو الخواء الفكري الذي لا مثيل له! فلا تكن من الخاوين، واعمل مع الجماعة وباسمها، لانّها مصدر أقوى من عملك لوحدك، وفي النهاية هذا هو العمل الذي اتفقت على انجازه لقسمك، وحقّك لن يضيع أمام الخالق ان ضاع أمام المخلوق! ورزقك مكتوب في الصحف قبل أن تولد حتى لو وضعت اسمك على كل أوراق الدنيا التي في يدك، وتذكّر قول الحسن البصري عندما سُئل عن سبب رضاه فقال: علمت بأنّ رزقي لن يأخذه غيري فاطمأن قلبي، واللبيب بالاشارة يفهم!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2968 - الخميس 21 أكتوبر 2010م الموافق 13 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:28 ص

      معلمة قديرة

      ما تناولتيه واقع مؤكد للتغييرات الجذرية التي تسعى للتطور في المدارس كما يزعمه المسؤولين .
      وموضوعك نقطة هامة و عين الصواب إذ نجده في معظم المدارس التي تامرهم الادارات باصدار اي ورقة معتمدة من المعلمة والمديرة أيضا وأحب اخبرك بأن الكثير ارتقوا من هذه الأوراق وليس من الشرح المميز داخل غرفة الصف

    • زائر 2 | 12:13 ص

      ولتطمئن قلوبنا - من ثَمّ - بأنّ الزيف والكذب والزور الذي يُلحق ويُلصق بكل أثيم بعد موته ( من ثناء أو تبجيل أو مبالغة أو تقديس ) بأنّه ليس إلاّ زبد سينشف من شمس الحقيقة ، وهراء يذهب مع الهواء ،

      ولتطمئن قلوبنا - من ثَمّ - بأنّ الزيف والكذب والزور وأنّه بجملته بقيةٌ من بقاء هذا الهالك في الدنيا ، ومن تمدده على الجمهور ، وطفوه على السطح ، وأنّ علينا ألاّ نموج مع صوت هذا الجمهور وضجيجه عن الحق الذي نُقسم عليه ، والثبات الذي نرتجيه ، فهو – أعني الجمهور - قد قال الخبراء بحاله : " الجماهير لا عقول لها " !\\ باسم ..

    • زائر 1 | 12:00 ص

      مواكبة سياسة الديكور المفتعلة

      للأسف ما يحدث في المدارس هو ضمن مواكبة سياسة وزارة التربية التي تقوم على استرايجية جديدة وهي استراتيجة " اللشو " واجبار المعلمين الذين يطمحون في رفع رواتبهم المتدنية إلى مجاراة هذه الساسية المدمرة لرسالة الوزارة و المعلمين ، وخصوصا مع ظهور مشروع الجودة البهرجي و الذي يقوم أساسا على البينان على بيوت متهالكة آيلة للسقوط ، و النتيجة تراجع خطير في جميع الأصعدة و خصوصا في التحصيل و السلوك
      معلم من داخل الميدان
      تحياتي / أبو حسين

اقرأ ايضاً