العدد 2983 - الجمعة 05 نوفمبر 2010م الموافق 28 ذي القعدة 1431هـ

«حمى الخراف» تصيب أسبوع لندن ... وبيوت الأزياء العالمية توافق

لم يمر على انتهاء أسابيع الموضة العالمية إلا بضعة أيام حتى انطلق أسبوع آخر في لندن، هو «أسبوع الصوف»، واعداً بأن يتكرر لخمس سنوات متتالية. هدفه هو إنعاش سوق الصوف وإعادة الاعتبار إليها، أما أهميته فتنبع من أن راعيه هو ولي عهد العرش البريطاني الأمير تشارلز، الذي هاله تراجع مبيعات هذه الخامة الطبيعية، ولاسيما أنه من أهم المنادين بالمحافظة على البيئة والرجوع إلى كل ما هو عضوي.

شارك في «أسبوع الصوف» هذا نحو 80 ماركة من بريطانيا ونيوزيلندا واسكتلندا، أي شركات لمست انخفاضاً في أسعار الصوف بنسبة 10 في المئة في السنوات العشر الأخيرة وتضررت من جراء ذلك. أما ما أعطى الأسبوع بريقه وحيويته، فمشاركة بيوت أزياء ومحلات بريطانية كبيرة، منها دار «يايغر» التي أسسها غوستاف يايغر في العام 1884، وهو بروفيسور في علم الحيوان كان يؤمن بأن ارتداء الصوف له علاقة مباشرة بالعافية والصحة.

كذلك دار «برينغل» التي تحولت من دار معروفة بأزيائها الصوفية التقليدية، إلى واحدة من أهم دور الأزياء البريطانية، إلى جانب «بيربيري». أما من المحلات فنذكر «سيلفريدجز» التي نظمت عدة فعاليات في بعض طوابقها تستعرض فيها طرق غزله وثقافته، كما اصطف نحو 15 خروفاً مصبوغاً بالأصفر خارج مبناها، لتسليط المزيد من الضوء على أهمية الصوف كخامة طبيعية ورحيمة بالبيئة من جهة، وتشجيع المارة على الدخول والتعرف على المزيد من جهة ثانية.

وبهذه المناسبة، لا يمكن أن نتجاهل مشاركة شارع الموضة الرجالية «سافيل رو»، فقد أغلق الشارع أمام السيارات واقتصرت حركة السير فيه على المشاة، لأنه تحول إلى شبه مزرعة خرفان صبغت بألوان زاهية ونقوشات مربعة، في إيماءة واضحة للنقوشات الاسكتلندية، بينما فتح معظم الخياطين فيه أبوابهم وأرشيفاتهم للزائرين المهتمين والفضوليين على حد سواء، إذ لا ننسى أن غالبية البدل المفصلة هنا من الصوف المغزول بعدة أشكال.

والحقيقة أن علاقة الموضة بعالم الحيوانات ليست جديدة، فقد استفادت من جلودها ونقوشاتها كثيراً، كما اهتمت بمصائر بعضها ممن هدد بالانقراض، لكنها لم تهتم يوماً بالخرفان إلى حد أن تجعل منها أبطالاً لمدة أسبوع كامل. لكن عندما تدق أجراس الخطر مؤذنة بانقراض صناعة بريطانية مهمة وتأثيرها على خرفانها وطبيعتها، ويتدخل ولي العرش بنفسه لتسليط الضوء عليها، فإن الجهود لابد أن تتكاثف لحمايتها وإعادة الاعتبار إليها.

المدير العام لمجموعة «كوندي ناست» ونائب الرئيس التنفيذي لحملة إنقاذ وإنعاش الصوف هذه نيكولاس كولريدج، صرح بأن المشكلات التي تواجهها هذه الصناعة خطيرة، تهدد باختفاء الحملان والخرفان من تلال بريطانيا خلال السنوات العشرين المقبلة، والمتهم الأول في هذه المشكلة هو الموضة، التي أدارت ظهرها لها كخامة طبيعية، وأقبلت على خامات جاهزة وسريعة.

والمقصود هنا هو الألياف الصناعية التي أصبحت تهدد الصوف الحقيقي، بالنظر إلى حجم الإقبال عليها لرخصها. وكما أن الموضة هي المسئولة الأولى عن تراجع الإقبال على هذه الخامة الطبيعية، فإنها أيضاً الأمل في إعادة الاهتمام إليها، وهو ما أكده الكثير من المحلات وبيوت الأزياء، ليس فقط باستعراض طرق غزله واستعمالاته المختلفة في الأزياء والديكور الداخلي، السجاد مثلاً، في الأسبوع الماضي، لكن أيضاً من خلال منصات العروض اللندنية والميلانية والباريسية، في تصميمات مفعمة بالأناقة العصرية التي تراعي تغيرات الطقس وحاجة الرجل والمرأة، على حد سواء، إلى الدفء والانتعاش.

دار «بيربيري» مثلاً قدمت لهذا الخريف والشتاء قطعة ساخنة، هي جاكيت الجلد المبطن بالصوف، التي تم تقليدها من قبل غالبية محلات الموضة الكبيرة، لتنتقل بعد ذلك عدوى حمى صوف الخرفان إلى الإكسسوارات، حيث رأينا الكثير من الأحذية العالية تغطي الكاحل وتطوى ليظهر صوف خشن في بطنها. ومن باريس أكدت بيوت أزياء أخرى، على رأسها «سونيا ريكييل»، التي تشتهر مصممتها المخضرمة بلقب «ملكة الصوف»، على جمال الصوف وعمليته في أزياء راقية، من دون أن ننسى دار «شانيل» التي قدمت مجموعة من كل أشكاله وأنواعه وألوانه، تخاطب الخريف والشتاء وتدخله مصاف الخامات الراقية التي تصبو إليها نفس أية امرأة أينما كانت وأياً كان أسلوبها، وسواء كانت تهتم بالبيئة أم لا.

ومن ميلانو، أهدتنا دار «برادا» مجموعة شهية، وإن كان بعضها يضيف على من تلبسه حجماً قد تكون في غنى عنه. مجموعتها تعرف في أوساط الموضة بالـ «كاشغورا»، وهو مزيج من الكشمير والانغورا، وظهر في فساتين بالأسود وأخرى بالكاراميل بعضها بكشاكش تستهدف إعطاءها طابعاً ناعماً، وبعضها يتميز بالعملية. عمليتها تعود إلى أن الانغورا المستعملة فيها تخلصت من الألياف الخفيفة التي تبقى على الجلد أو على قطع أخرى، الأمر الذي كان يضايقنا ولا يشجعنا على استعمالها من قبل.

العدد 2983 - الجمعة 05 نوفمبر 2010م الموافق 28 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً