العدد 1128 - الجمعة 07 أكتوبر 2005م الموافق 04 رمضان 1426هـ

مكافحة الفساد تبدأ بالنخبة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عدد من البنود الخاصة باتفاق التجارة الحرة بين أميركا والبحرين يرتبط بموضوع مكافحة الفساد، ومنع الرشوة، وحماية الأشخاص الذين يكشفون عن الفساد في أي موقع كان. وهذه البنود - التي يتم تداولها من قبل لجنتي مجلس النواب ومجلس الشيوخ في الكونغرس الأميركي - تتعلق بالشأن البحريني، وأملنا أن يلتقط أعضاء البرلمان الحوارات الجارية بهذا الشأن، وكذلك "جمعية الشفافية" و"غرفة التجارة" وجميع الجهات التي يهمها مستقبل البحرين الاقتصادي والسياسي. ولو راجعنا أحد أسباب نجاح القطاع المالي والمصرفي، فإن المراقبين يشيرون إلى أن البحرين نفذت متطلبات الصيرفة الدولية، والفساد إذا كان موجودا فهو محاصر، ويتم التعامل معه كما تتعامل الجهات الدولية مع الأمر. وإذا راجعنا ما حدث في بنك الإسكان قبل سنوات فسنجد أن التجاوزات التي حصلت فيه إنما حدثت لأنه لم يكن خاضعا لضوابط القطاع المصرفي، كما هو الحال مع المصارف الأخرى، لأنه مصرف حكومي في الأساس وهدفه توفير السكن للمواطنين. وهذا يوصلنا إلى الحديث عن موضوع مهم، هو أن الفساد إذا وجد في بلد ما فإن كل ثروات هذا البلد تنتهي مهما كان حجمها، والعكس صحيح. والفساد يعشش في النخبة المتنفذة التي تستطيع أن تفلت من العقاب، ولذلك فإن من متطلبات الحكم الصالح تطبيق القانون على الجميع من دون استثناءات. بل على العكس من ذلك، فالعقاب الذي يفرض على الفاسدين من النخبة في دولة مثل سنغافورة، التي يقارب حجم مساحتها مساحة البحرين، ولكنها تحتوي على سبعة أضعاف من عدد السكان، أشد من غيره. ولذلك، فإن هذه الدولة الصغيرة استطاعت عبر نخبتها غير الفاسدة أن تصعد بمستوى بلادها إلى مصاف الدول المتقدمة على رغم أنها لا تملك ثروات طبيعية، وحتى الماء تستورده من ماليزيا، ولكن شعبها لديه مستوى من المعيشة مرتفع جدا عما هو في الخليج. ولو نظرنا إلى تعامل الدولة مع النخبة السنغافورية، فإننا سنجد أنها تعطي الأولوية لذوي الفهم المتميز ولأصحاب الكفاءات من دون تفريق بين مواطنيها، ونرى أنها تكافئ هذه القدرات بمعاشات مرتفعة، ولكن الويل والثبور إن وجد أحد أفراد هذه النخبة فاسدا، أو يتلاعب بالمال العام، أو يستخدم نفوذه من أجل تسيير نشاطاته التجارية الخاصة. ففي هذه الحال سيطبق عليه القانون القاسي وسيشهر به وسيكون عبرة لمن يعتبر. سنغافورة بدأت كمستعمرة تجارية بريطانية العام 1819 وما بين العامين 1963 و1965 كانت جزءا من ماليزيا، لكنها انفصلت بسبب اختلاف تركيبتها الاجتماعية. وهذا البلد الصغير "المقارب جدا لحجم بلدنا" استفاد من ضوابط الإدارة النظيفة ومن التجارة المعتمدة على الشفافية وتنفيذ القانون، ليصعد بنفسه إلى أعلى المستويات. ولربما يكون لدينا منفذ على المستقبل فيما لو استفدنا من الوعود التي يتم تداولها في الكونغرس حاليا بشأن البحرين، ومن ضمن ذلك ما يتعلق بمكافحة الفساد وحماية من يكشف قضاياه. فبلدنا يستحق أجواء نظيفة، تقودها نخبة غير فاسدة، وخصوصا أن حضارة دلمون، والحضارات اللاحقة إنما قامت وسادت على أساس أن بلادنا كانت محطة تجارية استراتيجية تربط مختلف المناطق

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1128 - الجمعة 07 أكتوبر 2005م الموافق 04 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً