العدد 1137 - الأحد 16 أكتوبر 2005م الموافق 13 رمضان 1426هـ

الحزب السياسي عندما يكون ديمقراطيا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحكومات في الشرق الأوسط تخشى من الأحزاب كثيرا، وهي محقة لأن الحزب السياسي الديمقراطي له وظيفة واحدة لا غير، وهي الوصول إلى دائرة القرار السياسي، سواء كان ذلك عبر تسلم الحكومة بواسطة صناديق الاقتراع، أو الوصول إلى البرلمان للتشريع ومراقبة الحكومة. وعلى هذا الاساس، فإن الحكومات في منطقتنا من حقها ان تخشى أي منافس لسلطاتها الشمولية والتي انفردت بها زمنا طويلا. والحكومات من حقها ان تخاف لأن أخبار منطقتنا تتحدث عن "الرئيس المخلوع" أو "الزعيم الراحل" لأن تغيير كبار المسئولين في السلطة التنفيذية لا يتم إلا عبر الوسائل الديمقراطية المتعارف عليها في الدول المتقدمة. ولكن لو نظرنا إلى واقعنا، نرى ان مفاهيم الحزب السياسي الديمقراطي ليست متغلغلة في مجتمعاتنا، والاحزاب التي تضفي على اسمائها صفات "الوطنية"، "الديمقراطية"، الخ، انما هي واجهات الى تشكيلات قبلية أو طائفية أو اثنية، وبالتالي فإن المجتمع محكوم على اساس انتماءات تتولد مع الانسان، وهذه الانتماءات لا خيار لهذا أو ذاك فيها من الناحية السياسية العملية. فالشخص الذي يولد من قبيلة معينة، أو انه ينتمي الى عرق معين سيبقى منتميا الى ذلك العرق، والعضوية في حزب قائم على مثل هذه الانتماءات انما هو حزب "رجعي" لأنه ينظر الى الوراء ليحدد الهوية ومن ثم يجمد هذه الهوية الخاصة التي لا يمكن لاحد ان يشاركه فيها الا اذا كان من نفس العرق أو القبيلة أو الطائفة. اما الحزب الديمقراطي فانه التشكيل السياسي الذي يعتمد على أفكار متحركة، تنتجها مجموعة من البشر تلتقي فيما بينها على اسس واهداف مشتركة. وهذه الأفكار يمكن ان تكون مستمدة من الدين، فالاسلام نشأ على اساس الوحي ومن ثم توسعت أفكار واجتهادات المسلمين انطلاقا من حركية الفكر مع الواقع، وليس كما هو حال عدد من الحركات الاسلامية التي تقوم على تجميد الفكر وفرض الجمود الفكري في قوالب طائفية جاهزة يتم فرضها على الواقع باسم الدين. الحزب الديمقراطي يمتلك منظومة من الأفكار والبرامج والخطط العملية ويفترض وجود أجهزة تنفيذية لتلك الخطط المتفق عليها، ويفترض ان يجمع في أوساطه من يؤمنون بفكرة مستقبلية يسعون اليها بغض النظر عن أصول الاشخاص الاثنية أو القبلية. الحزب الديمقراطي يؤمن بالعمل السلمي، ويحترم الرأي الآخر في داخل صفوفه وداخل المجتمع الذي ينشط فيه، والحزب الديمقراطي لديه كوادر مؤهلة لتسلم مسئوليات حساسة في الدولة بعد وصوله إلى سدة الحكم عبر صناديق الانتخاب. الحزب الديمقراطي يبدو انه ضرب من الخيال عندما نتحدث عن واقعنا الذي مازال يخضع لاعراف وممارسات لم تصل إلى شواطئها الاطروحات المتقدمة فيما يخص "الاشتغال" بالسياسة. وعليه فإن المقولة التي طرحت في البحرين قبل عدة سنوات وهو انه من الجائز لنا ان "ننشغل" بالسياسة ولا "نشتغل" بها تبدو ملائمة لوضعنا الحالي. فنحن مازلنا بعيدين عن البيئة التي تنتج احزابا ديمقراطية تستطيع الوصول الى موقع القرار عبر صناديق الانتخابات، كما اننا مازلنا بعيدين عن انشاء قواعد حزبية ليست قائمة اساسا على الانتماءات القبلية أو الاثنية أو الطائفية. ولكن هذا لا يمنع ان "ننشغل" كما لو اننا "مشتغلون" بالسياسة لأن كثيرا من الأمور تبدأ بدايات بسيطة، ولكنها سرعان ما تتطور، وهو ما نأمل حدوثه في البحرين في يوم من الأيام

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1137 - الأحد 16 أكتوبر 2005م الموافق 13 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً