تراني بكماء. .. لا صوت لي...؟! ربما... إن لم يكن أكيد... ربما... ... ربـ ... ما... هل أصرخ "أنا هنا"... "أنا موجودة"... "أنا..." ... ومن أنا...؟! ظل... صدى... خيال حالم... أو ورقة من أوراق شجر الزمان... عندما يأتي الخريف... تهب ريح الشتاء الباردة... يتحول الاخضرار إلى اصفرار... أسقط في سكون... تحملني الريح معها إلى حيث لا أعلم ولا أدري.. أأضيع...؟! ربما... وربما أتجدد ويكون لي شأن ...؟! لكن بعدما...؟؟ بعد أن تأخذني الريح بعيدا عن شجر الزمان... لا في الوجود الذي أفكر بأن أصرخ به...! بعدما أسقط... في سكون... .أبكماء أنا...؟! لا صوت لي حقا...؟! أم اني لا أزال أبحث عن تلك الأذن التي تصغي لخفقة الفؤاد...؟ ألا أزال أبحث...؟! ربما... وربما وجدتها... فأصبحت بكماء! وجدتها... أذن تسمع الصمت وتصغي للصدى...! عين ترى الجسد وتبصر الروح...!!! يد تلمس الكلمات وتحس بالدفء المخبأ في المعاني... عقل راشد يفكر بوعي وحكمة... قلب لا يسكن حجراته سوء الظن... إحساس بدم الحياة يجري في الوريد... دبيب نبض خجول يخفق به الفؤاد على استحياء... كيف لا أصبح بكماء أمام هذا الوجود لمثل هذه الروح...؟! أخرس صوتي الشاكي الكليم عن مسمعها... أخفي دمعة الهم والألم عن مرآها... أخيط جروحي النازفة... وأرتدي رداء الصحة والعافية على جسدي المريض... أظهر بسمة الطفلة في داخلي... وإن أحبت سماع صوتي ... أتبسم... وأنظر لها بعين الحمد والشكر لله... لا أكذب عليها... لا... فهي تصغي وتسمع صمتي...! وجودها نعمة أشكر الله عليها صباح مساء... أتساءل... في حومة الحياة والضجيج والشكوى والوجع... الكل يتكلم ويصرخ كما لو أنه الوحيد الذي حباه الله بنعمة الصوت والقدرة على النطق... لكني قليلا ما أجد لسانا ينطق بما يستحق أن يصغى له...! وأذنا تصغي بوعي...؟! قليلا ما أجد من يصغي ويصمت متأملا ما يقال ومتفكرا في ما يقول...... هل ألام إن أصبحت بكماء في حومة الحياة...؟! وإن فقدت صوتي الذي نادرا ما أجد أذنا تجيد فن الإصغاء له... هل أكون بكماء يا نفسي...! ..
العدد 1148 - الخميس 27 أكتوبر 2005م الموافق 24 رمضان 1426هـ