العدد 1149 - الجمعة 28 أكتوبر 2005م الموافق 25 رمضان 1426هـ

الخطأ "المعطبي"

قد ترتكب/ يرتكب ". ..؟.." خطأ فادحا في حق الحروف والكلمات من دون قصد، فبدلا من أن يكحلها بالحبر، يقحلها بالحرب... وبدلا من التحبير يتم التبريح... ويحل التدمير محل التعمير، فيهلك المعنى، وتتشرد الحروف... وتسبى الكلمات... لتصبح بسبب ذلك الخطأ صعيدا زلقا ويصبح حبرها غورا - في الصفحة - فلن تستطيع له طلبا... إذ لا تصل إليه يد التصحيح بعد نزوله بهذا الشكل. إنني لا أغالب... عفوا لا أبالغ عندما أصف الخطأ المطبعي بـ "المعطبي"... لأنه فعلا يعطب العمل الأدبي ويعطب مزاج صاحبه... كما يعطب فهم قارئه. و... سؤالا يطرح نفسه: يا ترى من المسئول عن هذا الخطأ...؟ هناك أطراف عدة... ربما أحدها، أو بعضها، أو كلها يتحمل مسئولية هذا الخطأ... إذن فنلفتح الجلسة... لتبدأ المحاكمة، ومن له حجة فليدل بها أمام هيئة القراء. ينادى على المتهمين...

المتهم الأول: مفاتيح الطباعة

بمجرد اتهامها... صرخت بعصبية شديدة لتقول إن الأمر ليس بيدها، وإنها في لحظة الطباعة تكون مأمورة، وميسرة... عفوا "مسيرة" وليست مخيرة. وتؤكد أنها ومنذ قديم الزمان قد تعهدت بتقديم الولاء والطاعة... لكل من يأمرها بالطباعة، وأن الخطأ لا يقع عليها، بل على من يسيء إليها في بعض الأحيان نتيجة السرعة، ويضغط على رأسها بقوة ويرغمها على ارتكاب الخطأ، أو يسيء التعامل مع حروفها ورموزها أو لا يجيد استخدامها... لذا، فهي - على حد تعبيرها - بريئة كل البراءة من التهمة المنسوبة إليها... واللوم يقع بأكمله على من يقوم بالطباعة.

المتهم الثاني: القائم بالعباطة... "الطباعة"

عندما أشير إليه بإصبع الاتهام... أعترف بأن التعب الشديد أو الإرهاق بسبب الموضوعات الكثيرة التي يكلف بطباعتها، قد يجعله يخطأ "أحيانا" أثناء الضغط على المفاتيح، فيقدم حرفا على آخر، أو يؤخره، أو يضع أحدهما مكان الآخر من دون قصد...وقد يتعامل معها أحيانا بحسب فهمه أو توقعه الخاص لمعناها! طبعا بعد بذل الكثير من الوقت والجهد! ويرى أن المسئولية الكبرى تقع على عاتق معد الصفحة، الذي يستوجب عليه القيام بالمتابعة، والتعديل، والتصحيح، والقيام بعملية الإخراج النهائي للصفحة بشكل لائق ومن دون أخطاء مطبعية... أما هو فإنه خارج نطاق دائرة النوم... عفوا "اللوم".

المتهم الثالث: معد الصفحة

... ينفي عن نفسه التهمة الموجهة إليه... بهدوء شديد، من دون أي انفعال... مؤكدا أن البعض من المعدين - وليس الكل - قد يرتكبون مثل هذا الخطأ، مع سبق الإصرار والترصد لحاجة في نفوسهم أو لغاية معينة! وفي أحيان كثيرة يحدث الخطأ المطبعي من دون قصد، والسبب قد يعود إلى عدم دقة الكاتب أو الشاعر مثلا في كتابة الموضوع أو القصيدة التي أرسلها إلى المعد، فقد يكون الموضوع مكتوبا بخط اليد "المسماري" أو بلغة هيروغليفية غير واضحة المعنى... أو قد يرسله مطبوعا ولكن الكاتب تنقصه القدرة الإملائية، بالرغم من قدرته اللغوية! أو لا يجيد استخدام مفاتيح الطباعة! وفي أحيان كثيرة قد يخذل النسيان... الإنسان، ويوقعه في خطأ غير مقصود... إذن... فهناك متهم رابع!

المتهم الرابع

بمجرد النداء عليه، ضجت القاعة بأصوات كثيرة، متشابهة... متشابكة... لقد تشابكت أسلاك الكلام فحدث تشويش أدى إلى عدم وصول الرسالة المطلوب توصيلها. المتهم الرابع: صاحب الموضوع المعطب يقف في دهشة واستنكار!... يتساءل: كيف يمكن أن يتحول المجني عليه إلى جان؟! يدافع عن نفسه بشدة... موجها التهمة إلى كل من لم يعط موضوعه الرعاية والاهتمام والتدقيق... "والكلام موجه إلى المتهمين الثلاثة"... وتزيد عصبيته لتجعله يلقي بالتهمة على طرف خامس... وهو... الساعة التي أرسل فيها موضوعه، أو مشاركته إلى تلك الصفحة... في... تلك الصحيفة... و... و... وبعد الصياح يتوقف عن الكلام غير المباح... ويمسك بمنديل هدوئه... ليمسح غبار عصبيته العالق بمرآة عقله... و... ينظر إلى نفسه نظرة، لا يعرف معناها إلا هو... ثم يمرر نظراته الحائرة على جميع الوجوه لتقف على وجه أحدهم... يا ترى وجه من؟! و... ينقطع الصمت بإعلان هيئة المحكمة أن الحكم... بعد المداولة

العدد 1149 - الجمعة 28 أكتوبر 2005م الموافق 25 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً