العدد 1167 - الثلثاء 15 نوفمبر 2005م الموافق 13 شوال 1426هـ

الأشواط الأخيرة

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

هل العراق هو الحلقة الأخيرة في سلسلة حروب بوش أم أنه الخطوة الأولى في إطار استراتيجية كبرى تقوم على فلسفة التقويض ونشر الفوضى في المنطقة العربية/ الإسلامية؟ حتى الآن الأجوبة الأميركية غامضة. وكل يوم يصدر عن المسئولين في إدارة "البيت الأبيض" تصريحات متعارضة. إلا إن الاتجاه العام يميل إلى ترك كل الخيارات مفتوحة. فالاحتمالات متأرجحة بين الحل الأمني "العسكري" والحل السياسي "الاحتواء" ولكن الهدف متطابق في نتائجه. فالهدف هو أضعاف دول المنطقة ومحاصرتها وعزلها عن بعضها بعضا حتى تستفرد الأنظمة وتطوع. وهذا التطويع يستخدم سلسلة أدوات متقاربة لتحقيق المشروع المرسوم. وفي هذا السياق يعتبر استبعاد الحل العسكري من أجندة السياسة الأميركية خطأ استراتيجيا. كذلك استبعاد امكانات التفاوض خطأ آخر. فالسباق بين الحلين وصل إلى أشواطه الأخيرة. واحتمالات المواجهة تملك من الفرص والامكانات ما يجعلها هي الأقوى قياسا بتلك الحلول المطروحة على طاولة التفاوض. الحل العسكري من الخيارات المطروحة بقوة في دائرة مراكز القرار في "البيت الأبيض"، ولكنه ليس الوحيد حتى الآن، وهناك موضوعات أخرى تنافسه في حال كسبت واشنطن المعركة بالتفاهم مع القوى الدولية الأخرى "أوروبا، روسيا، والصين". حتى الآن لاتزال الإدارة الأميركية تناور في الساحات الدولية. وكل التصريحات التي صدرت أخيرا تكشف عن وجود خطط مختلفة ولكنها كلها تصب في اتجاه مشترك وهو فرض المشروع على المنطقة سلما "بالتفاوض" أو حربا "بالمواجهة". كذلك يلاحظ ان معظم القراءات الاميركية لا تحبذ اللجوء إلى الخيار العسكري خوفا من ان تنجرف المنطقة العربية الاسلامية إلى فوضى سياسية يصعب السيطرة عليها لاحقا. الا ان تلك القراءات "والتصريحات" التي تنفي وجود خطة عسكرية "ضربة على الطريقة العراقية" لا تستبعد ايضا احتمال اللجوء إلى الحرب في حال فشلت الضغوط والعقوبات في كسب الجولة الاخيرة. السباق إذا في أشواطه الأخيرة. وحتى الآن لم يسحب الرئيس الأميركي ثقته من وزيرة الخارجية كوندليزا رايس التي يلاحظ من تصريحاتها انها تفضل تجنب الخيار العسكري مع سورية وإيران. الا ان ثقة الرئيس بوش مشروطة بمجموعة نقاط يصعب على دمشق وطهران تلبيتها بمثل هذه السهولة. وفي حال وصلت رايس إلى طريق مسدود في سياسة كسب المعركة من خلال التفاوض فهذا يعني ان بوش سيلجأ إلى الخيار الذي كرر مرارا انه غير مستبعد وهو الأخير في جعبته. الضغوط إذا هي السياسة المتبعة حتى الآن، ويمكن قراءة عناوينها من خلال تصريحات المسئولين في إيران وسورية. فكل يوم تصدر من طهران ودمشق سلسلة مواقف توضح تلك الجوانب الغامضة وتكشف للرأي العام العربي الإسلامي مواضع الضغوط والنقاط المطلوب تنفيذها في فترة سريعة. هناك إذا ملفات كثيرة موضوعة على طاولة المفاوضات وكلها تمس أمن وسيادة وحقوق إيران وسورية، مضافا إليها بعض النقاط البسيطة التي يمكن التفاوض بشأنها أو تجاوزها أو الاستغناء عنها. ولكن هناك سلسلة أمور تطالب واشنطن بتنفيذها وهي تدرك مسبقا ان دمشق وطهران غير قادرتين على تلبيتها لانها تزعزع استقرارها الداخلي وتخلخل بنيانها السياسي. والمشكلة الاكبر في الموضوع ان الفرصة الزمنية التي تعطيها واشنطن قصيرة جدا. فبالنسبة لايران هناك الملف النووي الذي تهدد أميركا بنقله إلى مجلس الأمن في اقل من شهر. وبالنسبة لسورية هناك "التحقيق في جريمة الاغتيال" الذي تهدد واشنطن باعادة طرحه في فترة اكثر من شهر. وفي الملفين هناك استحالة سياسية اضافة إلى صعوبات ميدانية وعملية تتصل بضيق الوقت. الهامش الزمني ايضا يلاحق إدارة بوش. فالرئيس الاميركي في سباق مع الوقت وهو يريد كسب اكبر عدد من النقاط لانقاذ سمعته وانعاش معنويات الحزب الجمهوري الذي يرجح ان يتعرض إلى هزيمة سياسية في مواجهة خصمه الديمقراطي. السباق إذا وصل إلى اشواطه الأخيرة. وكل الاحتمالات مطروحة وكل الحلول مفتوحة بينما الوقت أخذ يضيق في لحظات تحددت فيها ساحة الصراع. فالآتي كما يبدو من المشهد الاقليمي أصعب بكثير من كل تلك المواجهات التي عرفتها المنطقة في تاريخها المعاصر.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1167 - الثلثاء 15 نوفمبر 2005م الموافق 13 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً