العدد 1189 - الأربعاء 07 ديسمبر 2005م الموافق 06 ذي القعدة 1426هـ

ندوة «الأبعاد الحضارية»: ما كان يمارس بالأمس جزءاً من تاريخ اليوم

ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي السوداني

المنامة-جعفر الديري 

تحديث: 12 مايو 2017

أكدت ندوة «السودان أبعاده الحضارية والتراثية» أن كل ما كان يمارس في سودان ما قبل التاريخ هو جزء من كل ما يمارس من سودان الفترة التاريخية وهو جزء من كل ما يمارس من تاريخ اليوم. وأضافت: «ربما ظهرت هذه العبارة صعبة الفهم. ولكن عندما ننظر إلى الثقافة المادية يتأكد لنا صحة ذلك». جاء ذلك، خلال الندوة التي عقدت مساء الاثنين 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري في متحف البحرين الوطني في افتتاح الاسبوع الثقافي السوداني بمملكة البحرين. وشارك في الندوة كل من أستاذ التاريخ العام بجامعة قطر عثمان سيدأحمد البيلي الذي تحدث عن منهجية دراسة تاريخ السودان وعلاقته بالعلوم الأخرى. وأستاذ الآثار في جامعة الخرطوم علي عثمان محمد صالح الذي تحدث عن الحضارة والتراث المادي المتأصل في بلاد النوبه.

مكونات بشرية

ومهد البيلي لمحاضرته بقوله: «ان أقصر طريق للحديث عن هذا الموضوع هو مقاربة أبعاد الموضوع كما عددها من تطرق إليه. فالحديث أولاً عن السودان ثم أبعاده وعلاقته بالدول. وبسرعة شديدة جداً أود منكم أن تتخيلوا خريطة السودان، الممتدة من البحر الأحمر حتى حدود السودان. فهذا الفضاء الجغرافي الكبير الشاسع والمتنوع هو جزء من أبعاد تلك الحضارة. ثم يأتي داخل هذا الإطار المكونات البشرية المختلفة التي شاء الله أن تكون الآن في سودان اليوم بحدودة الجغرافية السياسية. طبعاً هذا لم يكن في الماضي القريب. فلو رجعنا 100 عام إلى الوراء. لوجدنا أن السودان بدأ يحتله الغزو الخارجي ومن ثم كانت أجزاؤه تتساقط».

عربية إسلامية

وأضاف: «ان هذه المكونات للسودان هي قديمة في هذا المكان، عريقة في تاريخ هذا المكان. ولها من تراثها المحلي الكثير جداً. لأسباب ربما تعلمونها، ذلك لأن الغزو الذي أتى من الشمال ثم اتسع لم يستطع أن يقضي على الثقافة المهيمنة في تلك الأجزاء في تلك الفترة. وهي الثقافة العربية الإسلامية. ولكن لابد من التفريق هنا بين ثقافة عربية وبين ثقافة عربية إسلامية. فليس بالضرورة أن تكون الثقافة الإسلامية ثقافة عربية والعكس صحيح. لأن هناك مسيحيين ويهوداً يمكن أن يسموا عرباً».

مزيج ثقافي

ومتحدثاً عن المزيج الثقافي الذي تختص به السودان قال البيلي: «أنا أود مرة أخرى أن تعودوا بذاكرتكم لتاريخ القسم الشمالي من السودان. بدءاً ببلاد النوبة التي تبدأ من أسوان في مصر وتنتهي إلى سوبا. وتذكروا سريعاً الممالك القديمة. وأثر هذه الحضارة التي قامت في هذا الجزء من السودان. فقبل أن تكون هذه المنطقة عربية إسلامية كان قدمت ثقافة عريقة قديمة هي مزيج بين الثقافات. لأن بلاد العرب ليست فقط هي الجزء الآسيوي وانما هي جزء ممتد من الجزيرة إلى المحيط. وقطعا كان هناك عرب تنوبوا في شمال السودان كما كان هناك نوبا تعربوا في شمال السودان. ثم لنترك هذه المنطقة ونمشي إلى الغرب فسنجد هناك دارفور. وهذه مملكة قديمة عريقة ومذكورة ومعروفة لها ارتباطها بمصر ولها ارتباطها بالحجاز ولها ارتباطها بالتجارة وبالثقافة العربية الإسلامية لاسيما القرآن. فهي تكاد تكون بوتقة ومركزاً للقرآن الكريم. وكانت فيها مملكة وكانت تنتسب إلى المعقول والمعقول ينتسب إلى العباسيين والأثر العربي الاسلامي. كما كانت هناك المسبعات وهي أيضا نماذج عربية إسلامية ثم كانت هناك آثار الزرقاء وهي ممتدة إلى كل أجزاء السودان. وأذكر هنا «كيروان» وهو أستاذ وله المام واهتمام كبير جداً بالدراسات المروية وكان يزور السودان كثيراً ومن ضمن اهتماماته واكتشافاته أنه وجد أن هناك مثلثا قاعدته في جنوب السودان وفي بلاد النوبة. هذا المثلث يري اتساع وانتشار هذه الحضارة وهذا التراث».

تراث وحضارة

وأضاف: «أريد أن أقول هنا إن هناك صلة بين التراث وبين الحضارة. فالتراث هو القديم العتيد المتمثل في الأشياء مادية كانت أم تقليدية وتأتي الحضارة لكي تنبني على هذا التراث والتفاعل بين التراث والحضارة تتحرك الثقافة وهذا مصطلح بارز لابد أن نهتم به لأن الثقافة هي كيف نفعل وكيف نتفاعل ونعالج الأشياء. ثقف أي هذب شذب. فالثقافة هي التهذيب فالمثقف هو الذي يكون مهذبا. إذاً في مقاربة هذه الأبعاد ­ وأنا أرجع هنا إلى الدراسة. وأذكّر بمحاولاتنا نحن المهتمين في محاولة للتغيير الجذري في معالجة تاريخ السودان. بالذات وكيف كنا نريده أن يتكون من هذه المكونات. وينفتح كل السودانيين لكي يعرفوا أن هناك صلة قديمة وعريقة ­ عندما قلت إن السودان الحديث هذا هو تكوين الغزو لعلي لم أصدق. فالمفهوم الجغرافي السياسي نعم. لكن في المفهوم التراثي الحضاري فان الحركة بين هذه الأجزاء المختلفة التي تشكل سودان اليوم هي قديمة جدا وعريقة جداً والوجود الذي يمثل المجموعات المختلفة في كل جزء من هذه الأجزاء هو أيضا عريق».

نموذج فريد

وتحدث أستاذ الآثار في جامعة الخرطوم علي عثمان محمد صالح عن الحضارة والتراث المادي المتأصل في بلاد النوبة. فذكر: «ان الدراسات التي تجري بشأن السودان من علوم آثار وغيرها وعلوم تاريخ بفروعه المختلفة وآلياته المختلفة جعلت من الضرورة بمكان أن يلتفت الناس لهذا التاريخ فهو نموذج فريد في تاريخ العالم. فالسودان بهذه المساحة وهذا التعدد سلك طريقا عتيدا في تطوره حتى. فمن يتحدث اليوم عن أن امكان فصل السودان إلى أجزاء لا يعرف قيمة السودان. فهذه الدولة وهي السودان هي إحدى الدول التي تطورت عبر التاريخ».

اتصال حي

وأضاف: «ان التطور التاريخي في السودان متصل اتصالاً حيا. فكل ما كان يمارس في سودان ما قبل التاريخ هو جزء من كل ما يمارس من سودان الفترة التاريخية وهو جزء من كل ما يمارس من تاريخ اليوم. ونحن عندما نقول ذلك، ربما ظهرت هذه العبارة عبارة صعبة الفهم. ولكن عندما ننظر إلى الثقافة المادية نجد أن ذلك صحيح. فهي فكرة نشأت من طبيعة الأرض وطبيعة المناخ. وهذه الاستمرارية ليست استمرارية مادية فقط وانما هي موجودة أيضا في الثقافة غير المادية بل حتى في الثقافة الروحية أيضاً. فنستطيع أن نتحدث عن طبيعة تعبد السودانيين ونتحدث بين الاله الرسمي واله الشعب. ان هذه الاستمرارية التي نجدها اليوم هي التي تكشف عن شخصية الإنسان السوداني. فنحن عندما نتحدث عن الماضي نتحدث عنه وكأنه كان وانتهى. فنستعمل كان بعيداً جداً عن يكون. فبينما الحاصل اننا اكتشفنا ان الإنسان السوداني الذي كان. كان إنسانا عارفاً ببيئته وعارفاً باحتياجات تلك البيئة ومتأقلما مع ضرورات هذا الوجود. ومستغلاً لهذه البيئة التي وجد فيها وتكونت شخصيته منذ 1300 قبل الميلاد استنادا على الحفريات التي عثر عليها حديثاً».


الأسبوع الثقافي السوداني... احتفاء بالثقافة يليق بالسودان الشقيق

المنامة ­ المحرر الثقافي

أكد السفير السوداني في البحرين بشرى الشيخ دفع الله أن الأسبوع الثقافي السوداني جاء معززا للتواصل في إطار فعاليات العام الثقافي في السودان. فالخرطوم الآن تمثل عاصمة للثقافة العربية حسب قرارات جامعة الدول العربية. لذلك كانت هنالك أنشطة داخل وخارج السودان. خلال هذا العام ابتداء من يناير/ كانون الثاني وحتى ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وأضاف في تصريح لـ «الوسط»: «ان الثقافة هي لغة التواصل بين الشعوب، وهي أهم أساسيات الدبلوماسية الشعبية. فهي في رباط لا ينقطع وعلاقات متصلة بين الشعوب بعكس العلاقات الدبلوماسية الرسمية». وكان وزير الإعلام وزير الدولة للشئون الخارجية محمد عبدالغفار افتتح مساء الاثنين 5 ديسمبر الجاري في متحف البحرين الوطني فعاليات الأسبوع الثقافي السوداني بكلمة أكد فيها أن هذا الأسبوع هو تعبير عن عمق الوشائج التي تربط بين الشعبين الشقيقين. فالثقافة هي أهم جسور التقارب في عالم شاسع تهب عليه رياح العولمة. وأن هذه المشاركة تكشف عن مدى تنوع هذا الثراء الثقافي كما تكشف عن مدى انتشار ثقافة التسامح. فالعالم العربي الذي باعدت بينه التيارات السياسية تستطيع الثقافة أن تقارب بينه. ودعا إلى أن تكون الثقافة جسراً وتأكيداً لوحدة الأمة العربية. أما رئيس الوفد عثمان جمال الدين فأكد الاعتزاز بمشاركة الدول العربية للسودان هذه الاحتفالية الكبيرة وهي اختيار السودان عاصمة للثقافة وبحضور البحرين في هذه الاحتفالية تكون دائرة الاحتفال اكتملت. وقال إننا نسعى إلى أن نجمع بين عروبة السودان وبين إفريقيتها لنخرج بهوية خاصة بنا





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً