العدد 1203 - الأربعاء 21 ديسمبر 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1426هـ

المأساة: بناء البحرين على الطريقة الخاصة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

عجيب أمر نوابنا الأفاضل. ففي كل يوم يخرجون علينا باقتراح برغبة. وكثير من الرغبات تضحك الثكلى، فالعالم في واد ونحن في واد آخر.

لكن العتب ليس عليهم وإنما على المعارضة إذ قاطعت مجلس النواب فامتلأ الكأس بالرغبات البعيدة عن هموم الناس إلا ما رحم ربي. كذلك العتب على تصريحات بعض المسئولين مثل الوزير السابق محمد المطوع عندما فجّر مقولة المصيدة المستفزة (الاشتغال والانشغال) التي كان لها دور في ادخال المعارضة الى قفص المقاطعة فأكلت الطُعم. والسؤال: من سيعوض كل هؤلاء الفقراء تآكل 4 سنوات من عمر الناس. وها نحن عدنا لنخطط مرة أخرى لنبتدئ من الصفر لخيار المشاركة وعلى رغم كل ما طرح لم يتغير شيء من الواقع فالدستور هو الدستور والمواد هي المواد والمجلس هو مجلس النواب وكل الشعارات تكسرت على صخرة الواقع لشيء بسيط: ان الواقعية هي الواقعية. نعم كان الكثير يهزأ من هذا المصطلح ويعتبره انبطاحا وها نحن نرى كيف تقام الأعراس ويحرق البخور لهذا المصطلح!

أقول لكم: «الوفاق» ستشارك في 2006 ونحن نشجعها على ذلك بل يجب ان تشارك، لكن الأمل ان يعقد مؤتمر لمراجعة اداء الماضي وكل الشعارات وكل المؤتمرات والمواقف حتى لا نكرر الأخطاء في المستقبل. وهذه هي قيمة النقد الذاتي. ان نمتلك جرأة الاعتراف بالخطأ فالسياسة لا ترحم لا الرومانسيات ولا الأحلام ولا انفعال الخطب أمام الجماهير. لأننا بعد سنوات سيسألنا الناس: 4 سنوات تنقلوننا من خطبة الى خطبة ومن عريضة الى عريضة ومن اعتصام الى اعتصام وتحت أشعة الشمس، ثم بعد كل ذلك لم يتحقق مطلب واحد، وها نحن ندخل قانون الجمعيات الذي قنن تحت مظلة دستور .2002

أريد أن أقول: دعونا نقرأ الأمور بواقعية لأن حجم الخسائر لا تحصى على المستوى المادي والمعنوي. والصديق الحقيقي هو من يعطيك دواءً مراً لكنه يريد علاجك. يجب ان نمتلك جرأة مخالفة الناس في الموقف من أجل مصلحتهم وألا نعبأ بأي ضغوط مهما كان حجمها فالحصان هو الذي يقود العربة وليس العكس. قد يكون صعب على عقول السواد الأعظم من الناس فهم الموقف لكنه بعد سنين قد يفهمون المغزى والمصلحة. وقلب القائد يجب أن يكون مصفحا ضد الصدمات ولو اضطره ذلك لأن يبقى غريبا وحيدا فالكثرة لا تعني الحقيقة. والزعيم يجب أن يكون واضحا في خطابه لا يختلف فيه اثنان فيما يقصد ولا أصبح خطابا مطلسماً ويجب أن يمتلك استراتيجية واضحة فيما يريد ويقول: أنا كذا أريد كذا وهدفي كذا.

بالأمس طرح النواب اقتراحا برغبة بشأن اغلاق الورش والمحلات والمطاعم والمقاهي لمدة ساعتين لأداء صلاة الجمعة.

كنت أتمنى لو تم اقتراح برغبة توزيع أرغفة الخبز على فقراء المواطنين والنظر للعوائل المكدسة في الاقفاص في البيوت الآيلة للسقوط. النظر للمواطنين الذين يجرون وراءهم العربات المليئة بالقروض فلا يبقى شيء من رواتبهم. نريد مشروعات برلمانية للعوائل التي ليس لديها أراضٍ وهناك العشرات من الشباب البحريني باتوا لا يحلمون بقطعة أرض. بالامس تحدثت مع مواطن خريج طيران (28) مازال يتسكع على عتبات الوزارات للحصول على وظيفة واقول لشركة طيران الخليج لماذا لا تأخذون هذا الشاب بدلاً من تكدس الاستراليين حتى في المطابخ؟ سأعرض قصته بالتفصيل فهي مبكية مؤلمة بعد لقائه هذا الأسبوع.

اليوم تقترحون الاغلاق يوم الجمعة وغدا ستكون الى كل صلاة طيلة الاسبوع وهكذا الى ان نرى ميليشيات عقائدية تقف أمام المحلات لتضرب الناس بالعصا (صلاة صلاة) ثم يبدأ كل صاحب مذهب وتأدلج يفرض رؤاه وهكذا كل يريد بناء البحرين على طريقته الخاصة.

غدا سماع الموسيقى الكلاسيكية حرام ولبس النكتاي حرام وسياقة المرأة للسيارة حرام وترشيح المرأة حرام والاحتفال بالعيد الوطني حرام وتعليم المرأة في الجامعة حرام وهكذا.

اسمحوا لنا انتم وغيركم. سنحتفل بالعيد الوطني وسندعم المرأة في الانتخابات ولن نغلق متجرا. وكل له فقه يجب ألا يفرضه بالقوة على الناس. من يريد إغلاق محله فليغلقه ومن لا يريد فله ذلك «لا اكراه في الدين» (البقرة:256)، «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» (يونس: 99).

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1203 - الأربعاء 21 ديسمبر 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً