العدد 1206 - السبت 24 ديسمبر 2005م الموافق 23 ذي القعدة 1426هـ

النواب يتهربون من مسئولياتهم في الحفاظ على ثروة الوطن

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بحسب التعريف الاقتصادي (الكلاسيكي) فإن الأرض تعتبر مصدر الثروة، والعمل (أو العامل البشري) هو القوة التي تنتج الثروة، والثروات التي تحتويها بعض أجزاء الأراضي (مواد أولية، نفط، الخ) مكوناً أساسياً لتكثير الثروة. أما رأس المال فيمكن الحصول عليه من خلال عدة طرق، منها: الاستحواذ على مصدر الثروة، أو مكونات الثروة الطبيعية، أو من خلال العمل المنتج والمبدع، أو من خلال الإرث (سواء كان المورث حصل على الثروة بالحلال أو الحرام). وعلى هذا الأساس فإن الصراع بين آباء البشر إما على الأرض أو على الثروات المختزنة في باطن الأرض، وتشكلت السياسات على مر التاريخ على أساس السيطرة على مصادر الثروة (النهج الدكتاتوري والظالم)، أو على أساس إنتاج الثروة والتوزيع العادل لمصادرها (النهج الديمقراطي والعادل). على أساس ذلك فإن الدولة الديمقراطية تشترط سيطرة ممثلي الشعب (من خلال البرلمان المنتخب) على مصادر ومكونات الثروة (الأرض، المعادن، النفط، الخ)، على ان يباشر ممثلو الشعب توزيع هذه الثروة أو توجيه استخدامها على أساس من العدل على أكبر عدد من الناس بحسب الجهود المبذولة لاستحصال الرزق الحلال. وفي حال كانت الثروات استراتيجية، فإنه لا يجوز تمليكها لأحد، وتصبح ملكاً عاماً تحت إشراف ممثلي الشعب. ومواصلة لحديث الأمس، فإن ما يطالب به أكثرية أهل البحرين هو أن تعود ثروات الأمة إلى الأمة، وأن تتوقف عمليات الاستحواذ على أراضي الأحياء والأموات، وان يتم تسليم الثروات (الأراضي، النفط، إلخ) إلى أجهزة احترافية بإشراف النواب الذين يمثلون الشعب. وعلى النواب ان يطالبوا بحقهم في ممارسة أهم دور بصفتهم ممثلين للشعب كما إنه يقع على عاتقهم كل التجاوزات التي تحصل في البحرين ما داموا يطلقون على أنفسهم مسمى «نواب الشعب». ولن يغفر لهم شعب البحرين، إذا هم انشغلوا بتوافه الأمور وبتشريد الأعمال التجارية والصناعية والخدمية من خلال اقتراحاتهم التي تحاول الدول المجاورة التخلص منها، بينما نقوم باستيرادها لتهريب المستثمرين. هذا في الوقت الذي يهرب النواب من مسئولياتهم المتوجبة عليهم وهي الحفاظ على الثروة العامة للبحرين. إن الاستحواذ على الأراضي وعلى مصادر الثروات الطبيعية يوقعنا بما حذّرنا منه ديننا الحنيف، إذ يوجهنا القرآن الكريم إلى عدم تحويل الثروات إلى فئة صغيرة «كي لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم» (الحشر/ 7). كما إن القرآن الكريم يشير إلى ان الله استخلف الإنسان على الأرض من أجل ان يعمّرها ومن أجل أن يقيم العدل فيها، ويقول أيضاً في محكم كتابه «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» (الجاثية/ 13). على أساس كل المبادئ الإسلامية والإنسانية، فإنه لا يحق لأحد ان يستحوذ على ثروات البلد ويحرم العباد منها، إلا إذا كان ذلك عن طريق الرزق الحلال ومن دون ان يكون في ذلك الرزق اضرار بالحرث والنسل أو بالبلد والعباد. وعلى أساس كل ما يحصل في بلادنا من مظاهر غير مقبولة من الاستمرار في الاستحواذ على الأراضي والسواحل والبحار وعدم وضوح كيفية التعامل مع الثروات الطبيعية، فإن على نواب الشعب مسئولية وواجباً أمام من انتخبهم لكي يمارسوا دورهم الرقابي وان يبرأوا ذمتهم أمام ربهم، فالدنيا فانية، والله يحاسب البشر في الآخرة ان فلتوا من حساب الدنيا... أليست هذه عقيدة المسلمين؟ وإذا كنا مسلمين حقاً، فلماذا يغلبنا غير المسلمين في القيام بهذا الدور الذي أمر به القرآن الكريم؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1206 - السبت 24 ديسمبر 2005م الموافق 23 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً