العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ

«سواق الأجرة» يلاحقون لقمة العيش بالـ «رخصة» المأسوف على حظها

شبح... ينام عاماً ويصحو عاماً آخر!!

هو القرار الأكثر جدلاً في حياة سواق سيارات الأجرة. .. قرار ينام عاما ويصحو عاما آخر، فبعد أن صدر قرار الإدارة العامة للمرور بسحب رخص ولوحات سواق سيارات الأجرة من الذين يمتلكون سجلات تجارية أو يعملون في أي قطاع في العام ،1990 عاود الخمود مرة أخرى. كأن شيئا لم يكن، فلم تكد تمضي عشر سنوات حتى بدأ القرار يخرج من الأدراج مرة أخرى في العام ،2000 ما اضطر سواق التاكسي والنقل العام إلى الاعتصام أمام الديوان الملكي ومن ثم صدور الأمر الملكي بإيقاف التنفيذ. وكلمح البصر، ظهرت علامات القرار مرة أخرى في هذا العام، ما اضطر سواق الأجرة إلى اللجوء إلى أكثر من وسيلة، آخرها لجوئهم إلى «الوسط» قبل أن يلغى القرار بأيام قليلة... أسئلة كثيرة تحوم في الأفق» فلماذا يطبق القرار على أشخاص قلة أمضوا ما يقارب من 30 عاما في الخدمة؟ ولماذا يصدر القرار الآن والإدارة تعلم بأن سواق الأجرة يعملون في أماكن أخرى حين صرفت لهم اللوحات؟ وهل صحيح أن القرار سيسهم في حل مشكلة البطالة؟

الحق في امتلاك الرخص

ليست المشكلة في الواقع وليدة الظرف كما يقول محمد عبدالله محمد: «إن مشكلتنا ليست وليدة اليوم مع الإدارة العامة للمرور، فهي مشكلة وجدت منذ الثمانينات ولكن أشد ما واجهناه كان في العام 1990 حين قررت الإدارة سحب أرقام ورخص وسائل النقل العام المملوكة للسواق الذين يعملون في وظيفة أخرى. وقد قمنا بطرق جميع الأبواب من دون فائدة تذكر إلى أن كان يوم اعتصامنا جميعا عند دوار رأس الرمان. وبعد ذلك طلبنا لقاء سمو رئيس الوزراء، وبالفعل قابلناه وشرحنا له المشكلات التي نعاني منها، وأكد سموه على حقنا في امتلاك الأرقام والرخص مع العلم بأن أكثرنا اشترى تلك الأرقام بمبالغ ولم توهب إلينا مجانا، وعلى إثر هذا اللقاء أمر سموه بوقف القرار واستمر الوضع مستتبا لمدة عشر سنوات». السواق طرقوا عدة أبواب، وفي ذلك يقول محمد: «بعد ذلك بدأ القرار يصحو من جديد في العام 2000 بعد أن دخل في سبات عميق قوامه عشر سنوات كما أسلفنا، وعدنا مرة أخرى إلى الشد والجذب مع هذا القرار الظالم بحقنا وطرقنا مرة أخرى جميع الأبواب وعرضنا مشكلتنا على الكثير من الشخصيات البارزة من نواب ورجال دين ووجهاء واستمرت تلك المشادة بيننا وبين إدارة المرور لمدة سنتين تقريبا من دون أن نصل إلى نتيجة مع الإصرار الذي لاقيناه بسحب أرقام ورخص النقل العام الممنوحة لنا، وبالفعل تم سحب الكثير من اللوحات والرخص ما حدا بنا بعد أن استنفدنا كل السبل إلى الاعتصام أمام الديوان الملكي وبعدها استدعى المسئولون في الديوان ثلاثة منا لشرح مطالبنا وبعد شرح وجهة نظر الجماعة وما يعانونه من ظلم جراء تنفيذ هذا القرار طلب منا كتابة التماس إلى جلالة الملك كي يعيد أمره بوقف القرار».

قرار سحب اللوحات ينام مرة أخرى

ويعود بنا أحمد كاظم إلى اجتماع سواق سيارات الأجرة بإدارة المرور قائلا: «بعد ذلك تم استدعاؤنا إلى الإدارة العامة للمرور وضمنا اجتماع مع مدير الإدارة العامة للمرور وعدد من الضباط. وفي هذا الاجتماع أبدينا وجهة نظرنا بكل شفافية وشرحنا ما يترتب على تطبيق هذا القرار من ضرر علينا وعلى أسرنا وبعدها طلبنا وقف القرار وإعادة الأرقام المسحوبة وفعلاً تم ذلك، وبدا لنا أن هذا القرار سيبقى حبيس الأدراج إلى الأبد أو إلى ما شاء الله، ولكن للأسف لم يكن هذا التوقف نهائيا ليعود مرة أخرى الآن ولنعاني وليكتب علينا بأن نعيش في قلق وتوجس وخيفة من سحب لوحاتنا أو عدم تجديد رخصنا وعندها فإن حياتنا ستنقلب رأساً على عقب لأننا بنينا حياتنا على العمل مع «التاكسي»، بل أن «التاكسي» أصبح جزءا لا يتجزا منا، ولا نغالي حين نقول بأنه أصبح فردا من العائلة...». ويتساءل علي حسن إبراهيم» إذا كانت الجهات المعنية ستطبق القرار بحجة أنه السبيل إلى حل مشكلة البطالة التي تؤرق البلد، فأين الدراسة التي قدمتها هذه الجهات؟ فعلى الأقل نريد أن نعرف عدد الأشخاص الذين ينوون أخذ رخصة ولوحة، وهناك مشكلة أخرى فالدخل لم يعد كالسابق بعد دخولنا مع منافسات شديدة مع الشركات الخاصة «وربما يقول البعض بأن المشكلة في نوعية السيارات التي يمتلكها البعض منا وأنها أصبحت غير صالحة للاستعمال وقديمة ولكن المدخول لا يكفي ولو أن الحكومة تدعمنا بدل الضغط علينا لتمكنا من شراء السيارات التي تريح الراكب». هل يشعر السواق بالأمان؟ كلا، فإبراهيم يواصل: «لقد عشنا أكثر من عشرين سنة من دون أن نحس بالأمان، ونعمل وننام على وجل لأننا نعلم بأن هذا القرار سيعاود الخروج والصحو مرة أخرى... أليس من حقنا أن نعيش بكرامة في هذا البلد؟ إذا كان الجرم الذي اقترفناه هو الحصول على دخل ثاني إضافي فلماذا لا تلتفت الدولة إلى المسئولين الكبار الذين يقومون بأكثر من عمل ولديهم أكثر من سجل، هل لأن أولئك لا يوجد من يحاسبهم ويراقبهم؟». ويشير محمد عبدالله محمد إلى أن جميع سواق الأجرة ممن يشملهم القرار عملوا لأكثر من ثلاثين عاما، وكانوا فيها مخلصين ومتفانين في العمل، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فهل هذا جزاء الخدمة الطويلة؟ وهل يعد جرماً أن يحاول المرء تحسين وضعه المادي والمعيشي خصوصا أن مشقات الحياة تصعب وتزداد يوما بعد يوم لاسيما بالنسبة لنا نحن أصحاب العوائل (...) نحن نحلم بأن ندخل أبناءنا في الجامعات ونحلم بأن نساعدهم على تحمل تبعات الحياة، فهل نحن من كتب عليهم حل أزمات البلد؟ وهل يكون حل أزمة البطالة على حسابنا، هذا الحل كمثل من يحاول معالجة المريض بالسرطان ­ أجارنا الله وإياكم ­ بحبة «فولترين»، ونحن من هذا الصرح، نناشد جلالة الملك بأن يوقف هذا القرار نهائيا خصوصا أن عددنا لا يزيد على المئة وعشرين شخصاً، ومعظمنا قارب على التقاعد من عمله أو قارب على الرحيل من الدنيا.

يمتلك زريبة ويهدد بسحب السجل!

ماذا يقول منصور أحمد عبدعلي؟: «لو أن الإدارة وضعت القرار على من سيلتحق بهذا العمل ­ أي الشباب ­ فمن الممكن أن يكون القرار معقولا، لكن لا يمكن أن يطبق علينا لأننا حصلنا على اللوحات بعلم الجميع. صحيح أن الكل يريد الراحة، ولكننا بنينا حياتنا على هذا الأساس. فهل توقفت الأعمال على التاكسي؟ (...) أنا أمتلك سجلا تجاريا لزريبة فيها مجموعة من الأغنام ولدي عامل آسيوي يرعاها، ولكن إذا هددت بسحب الرخصة فإن ذلك يعني اعتمادي على الزريبة في الدخل، وهل تعتبر الزريبة سجلا لأحاسب عليه في الأساس،». غريب أمر هذا القرار، فبعد أن خمد أعواما كثيرة عاد مرة أخرى ولكنه اختفى في الأدراج من جديد، واختفاؤه في الأدراج لم يحمل الجديد فهو ما كان يحصل في الأيام الخوالي... وعلى هذا الحال، سيعيش سواق الأجرة ما بقي لهم من عمر على وجس، فمن يضمن بقاء القرار نائما من دون أن يصحو. السواق يعرفون أمرا واحدا» فقد حصلوا على اللوحات بمالهم، كما أن المسئولين يعلمون بأنهم يعملون في أماكن أخرى حين صرفوا لهم الرخص، وإذا كانت الحكومة مصرة على تطبيق القرار فعليها أن تطبقه على المبتدئين في عالم التاكسي... السؤال الذي يطرح نفسه هو» إلى متى سيبقى قرار سحب الرخص من سواق الأجرة الذين يحصلون على دخل إضافي خامدا هذه المرة؟ و إلى أن يصحو مرة أخرى سيكون للحديث بقية.


ما هو موقف الإدارة العامة للمرور؟

في الإدارة العامة للمرور، لا يبدو هذا الموضوع مغفولاً عنه، فحسب مصدر مسئول، فإن الإدارة عقدت مجموعة اجتماعات مع جمعية سواق وسائل النقل العام، وبحثت الموضوع إذ تم الاتفاق على تقديم رسائل من قبل السواق الذي يعملون بنظام (العمل الجزئي) للنظر في أوضاعهم والسماح لمن تستدعي حالته باستمرار العمل ذلك أن وجود أعداد من السواق الموظفين أو من حملة السجلات، يؤثر على السواق الذين تعتبر هذه المهنة المصدر الوحيد لرزقهم، ما يتطلب تنظيم السواق، ومن المقرر أن يصدر قرار في القريب العاجل يصب في مصلحة السواق. وفيما يتعلق بالمذكرات التي رفعت الى الإدارة، وهي ذاتها التي رفعتها الجمعية الى شئون مجلس الوزراء والبرلمان، يشير المصدر الى أن تلك المذكرات نوقشت وتم تنفيذ بعض المطالب الرئيسية. وبادرت الإدارة بتوزيع استمارات استبانة على السواق لدراسة أوضاعهم وهي ماضية في هذه الخطوة. لكن من بين البيانات التي اصدرتها الجمعية ما يشير الى أن المطالب لم تنفذ ولم ينفذ منها الا مطلب السماح ببيع وشراء سيارات الاجرة، لكن الطلبات الكثيرة ومنها وقف اصدار تراخيص شركات سيارات الأجرة التي تهدد ما يقارب من 1500 سائق يعيلون أسراً، وإعادة النظر أيضاً في التعرفة التي لم تتغير منذ العام .199

العدد 1207 - الأحد 25 ديسمبر 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً