العدد 2987 - الثلثاء 09 نوفمبر 2010م الموافق 03 ذي الحجة 1431هـ

ثقوا بأنفسكم!

سليمان الهتلان comments [at] alwasatnews.com

-

جملة واحدة (هي حقاً حكمة) سمعتها قبل أيام من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ويمكنها أن تفتح آفاقاً واسعة للتفكير الإيجابي والعملي في محيطنا: «ثقوا بأنفسكم»، قالها الشيخ محمد وهو يغادر القاعة التي ضمت نحو 400 من القيادات العربية الشابة خلال الفعالية الناجحة التي نظمتها منظمة القيادات العربية الشابة في دبي قبل أيام وعنوانها العريض كان ريادة الأعمال.

و»ثقوا بأنفسكم» يمكن أن تكون دافعاً أساسياً للإصرار على العمل والوصول للهدف. وكم شبابنا اليوم بحاجة حقيقية للثقة بالنفس في ظل كثير من الإحباطات والتحديات المحيطة بهم.

إنها معادلة صعبة أن تتعامل مع الصورة القاتمة من حولك، على أكثر من اتجاه، بتفاؤل وإيجابية. ولهذا كانت حوارات ملتقى القيادات العربية الشابة خلال يومين منقسمة ما بين صورتين: واقع سلبي وكئيب في المحيط العربي عموماً ورؤية إيجابية فاعلة، للتعاطي مع هذا الواقع. فجيل «الانتظار» العربي يحتاج إلى «ثقوا بأنفسكم» للفعل الإيجابي من أجل الخروج من دائرة الانتظار القاتمة، انتظار الوظيفة والمساندة والفرص الثمينة!

في الجلسة الأولى من الملتقى، تحدث المهندس محمد حمد الماضي، رئيس شركة سابك العملاقة، عن بدايات هذه الشركة التي لو استسلم مؤسسوها للشكوك والإحباطات التي أحاطت بهم حينها لما أنتج العالم العربي واحدة من أكبر شركات التصنيع في العالم. وكان في حديثه عن التجربة يعطي مثالاً حياً للأفكار الطموحة التي تتحول مع العمل والصبر والإيمان إلى مشاريع ناجحة وعملاقة. وفي الجلسة ذاتها، تحدث رجل الأعمال النشط الشيخ خالد بن زايد بن صقر عن جملة من المثبطات في محيطنا العربي وعلى رأسها التعليم! الشيخ خالد أشار أيضاً إلى مسألة ثقافية مهمة وهي نظرتنا - هنا في العالم العربي - إلى الفشل. ففشل المحاولة الأولى أو الثانية أو العاشرة لا يعني أبداً أن صاحب المحاولة إنسان فاشل. بل إن كثيراً من المحاولات الفاشلة - خاصة في التجارة - كانت من أسباب النجاح الكبير لاحقاً.

وخلال الملتقى، تحدث مجموعة من أصحاب المشاريع الكبرى الناجحة عن تجاربهم وكان «الفشل» من ضمن القواسم المشتركة لتلك التجارب، إذ لم تبدأ مسيرة النجاح إلا بعد مرات عديدة من المحاولات المتعثرة والفاشلة.

وبين التجارب التي تروى خلال الفعالية تأتي حكمة «ثقوا بأنفسكم» رافداً مهماً لما تحقق من نجاح. فلولا ثقة هؤلاء الناجحين بأنفسهم لما كانوا في موقع يتحدثون فيه عن تجربتهم ونحن نستمع إليهم.

وأهمية هذه الحكمة تأتي في وقتها ومكانها. فبينما تعصف الأزمة المالية العالمية بكثير من المفاهيم الاقتصادية وتشتد وطأتها على اقتصاديات العالم يسهل على المرء أن يفقد ثقته في نفسه، في فكره ومحاولاته وربما في كل شيء يحيط به. أما مكانها فهو هنا، في دبي، التي لولا ثقتها بذاتها لما تجاهلت وتجاوزت هجمة التشكيك الشرسة التي طالت كل شيء في دبي حتى وجودها! فدبي نفسها هي من أهم تجارب النجاح الملهمة في المحيط العربي وخارجه مهما ذرفت أقلام الغيرة من حبر التشكيك والتشفي.

وهكذا كانت فكرة «ثقوا بأنفسكم» خارطة الطريق لأغلب حوارات الملتقى لأنها فعلاً اختصرت الطريق المعقدة والشائكة نحو «الحل» المنشود للخروج بشباب منطقتنا من نفق الإحباط والتردي إلى عالم فسيح من الإبداع والإنجاز والبحث عن أفق جديدة لإثبات الذات وخوض مسيرة الطموح.

ومن بين نجوم الفعالية الكثر كان رجل الأعمال القدير فادي غندور بنظرته الإيجابية لمشهد ريادة الأعمال في المنطقة وبقدرته الفائقة في الإلقاء وضرب أمثلة النجاح من محيطنا العربي الذي هو فعلاً بأمس الحاجة للاحتفاء بتجارب النجاح على مستوى الأفراد والشركات والمدن.

وفادي غندور، الذي يفطر في مدينة ويتعشى في أخرى، من رجال الأعمال العرب «الجدد» الذين يدركون أن دورهم لابد أن يتجاوز جمع المزيد من المال وشراء المزيد من البيوت والسيارات والساعات. إنه ينشد التغيير والإصلاح. وهكذا أصبح فادي - بكل جدارة - من رموز التغيير والإلهام لشباب منطقتنا لأنه ببساطة يريد أن يكون إنساناً فاعلاً في محيطه العربي وخارجه ليس فقط بشركاته ولكن بفكره وعطائه وإيمانه.

«ثقوا بأنفسكم» ربما كانت واحدة من مفاتيح الحل التي ينشدها شبابنا اليوم للخروج من مآزق التنمية ومن أنفاق البطالة والتراجع المخيف على أكثر من صعيد. ولن ننتصر في معارك التنمية إن بدأناها ونحن أصلاً يائسون من جدواها تماماً مثل المحارب الذي يرتدي خوذة القتال وقد أقنع نفسه أنه يخوض معركة خاسرة!

وماذا بعد؟

خلف كل هذه الأضواء وزحمة الحوارات المهمة، يقف جنود كثر لم نرَهم كثيراً على منصة الحوار. كانوا فعلاً رائعين في تنظيمهم وحضورهم. على رأس القائمة اثنان من شباب الإمارات المبدعين بجهدهم وإيمانهم بأدوارهم، يستحقان فعلاً التقدير والثناء على نجاح فعالية منظمة القيادات العربية الشابة. إنهما الشيخ سلطان بن سعود القاسمي والآنسة نجلاء العوضي. لقد أثبتا حقاً أن «ثقوا بأنفسكم» يمكن أن تترجم الحلم إلى فعل حتى في الظروف الصعبة.

إقرأ أيضا لـ "سليمان الهتلان"

العدد 2987 - الثلثاء 09 نوفمبر 2010م الموافق 03 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:28 ص

      حكم

      أنا دائما أقول حكم بس مافى أحد يسمعنى

    • لالا | 11:38 م

      اتفق معك

      «ثقوا بأنفسكم» يمكن أن تترجم الحلم إلى فعل حتى في الظروف الصعبة.

اقرأ ايضاً