العدد 2987 - الثلثاء 09 نوفمبر 2010م الموافق 03 ذي الحجة 1431هـ

«الطرارة»... والدال على فعل الخير!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هل هناك فرق بين «الطرارة» وبين الدال على فعل الخير؟ وهل هناك صلة بينهما؟ أم أنّ هناك فرقاً بين الثرى والثريا، إذ إنّ أحدهما لا يتكلّم عن الثاني، وبعيدان كلّ البعد عن أهداف بعضهما البعض.

أحد الناس يظن بأنّ الدال على الخير ما هو إلاّ شخص يتّصف بذلك النوع من «الطرارة» بالعامّية، ومعنى «الطرارة» هو طلب المساعدة من الآخرين، على رغم عدم الحاجة والعوز، أما فعل الخير فهو شتّان عن ذلك، إذ يعني مساعدة أشخاص في أمسّ الحاجة إلى المساعدة أو التكلّم مع من يستطيع فعل الخير، ليدلّه على فعله. ومناسبة القول هو أنّ البعض - مع الأسف - يظنّون أنّ مساعدة الآخرين المحتاجين، هو نوع من «الطرارة» خاصة إذا كان الشخص الذي فتح يده «بينه وبينهم تحرّج» إما في القول أو في الفعل.

لا نعتقد بأنّ عمل الخير يقلّل من شأن الشخص، ولا يجعله مُدعاة للسخرية أو التقليل من احترامه أمام الناس، فإن كنت لا تستطيع المساعدة، وهناك من عنده القدرة، فلماذا لا تُعينه على ذلك؟ فأنت وهو أحوج بالحسنات من الغير!

إن كان هناك من يظن أن الطرارة هي من يدل على فعل الخير، فهلمّ بنا إلى الطرارة، حتى نرسم البسمة على وجوه من لا يستطيع التبسّم من شدّة الحاجة وصعوبة الحال، ويا ليتنا «نطر» لنساعد الآخرين، فهناك من أغلق بابه ولكنّه بات الليل يشكو الجوع والحرمان، ويا سعادة من استطاع فتح الباب وفتح اليد ليساعده ويساعد غيره، بدون المطالبة بأشياء يُريدها لنفسه.

قال الرسول (ص): «من فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة». ولكننا ننسى الأحاديث عندما نُشخصن المواقف، فتعمى أبصارنا وأفئدتنا عن اللذة الحقيقية في مساعدة الناس.

وتستغرب من أحدهم عندما يرميك بهذه الكلمة المؤلمة - «طرارة» - وأنت جُلّ مواقفك هي المساعدة وفعل الخير، وخاصة لمن يحتاجها ويطلبها بدون طلب، حيث ترى بأم عينيك المجرّدة مدى الحاجة الشديدة لبعض الأسر وفي المجتمع البحريني على وجه التحديد!

إذ لا يليق بالمرء اتّخاذ أوصاف غير ملائمة عندما يعي أهمّية مساعدة الناس ويطالب بها، فرأس المشكلة عندما نبتعد عن مبدأ وضعه ديننا الحنيف ألا وهو مبدأ التكافل الاجتماعي، وقمّة التخلّف عندما نصف الدال على الخير بـ «الطرّار»! ولا نعتقد بأن الدال على الخير ليس كفاعله، بل إنّه من قوائم المجتمع المسلم المؤمن، فهل في ذلك وصمة عار؟!

بالتأكيد ليس هناك عار أو ذلّة، عندما تريد فتح باب من أبواب الجنّة، وقد تكون أنت بنفسك لا تملك ديناراً واحداً، ولكن مساعدتك للآخر عبر آخرين عندهم القدرة للمساعدة، هي فرحتك وسعادتك في الدنيا قبل الآخرة، وهي أغلى من كنوز الدنيا إن اجتمعت.

قبل أن تجاهروا بكلمات تجرح الآخرين فكّروا بها ملياً، ففعل الخير ما بعده خير، و»الطرارة» فعل مشين يشيّن صاحبه، فلا تخلطوا بين الكلمتين وعندكم المعاجم العربية، فافتحوها وتبصّروا جيداً في الكلمات، فأنتم قد تكونون من الذين لم يتذوّقوا حلاوة فعل الخير، ولم تعيشوا لحظات ذلك الدال على الخير!

أرجو أن تكون الرسالة وصلت إلى من يهمّه الأمر.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2987 - الثلثاء 09 نوفمبر 2010م الموافق 03 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:04 ص

      الجمبزة الخيرية

      عمل الخير غاية إنسانية وحاجة لقاء اجر غير معلوم وغير منظور لوجه الله او في سبيل مبادئ إنسانية فهناك أوربيين يغادرون لبلدان أفريقيا وآسيا لأعمال تطوعية ولكن عمل الخير عندنا أصبح مقنناً في جمعيات او صناديق خيرية وأصبحت هذه الجمعيات طائفية ومعظمها يستغل عمل الخير لغايات وأهداف غير دينية ولا إنسانية وقد طرأ نوع جديد من عمل الخير بهدف الحصول على أصوات الناخبين لقاء ثلاجة او إيسي او دنانير او كوبونات ويبرز هذا النوع من الجمبزة الخيرية في مواسم الانتخابات النيابية والبلدية

    • زائر 1 | 12:57 ص

      السؤال الى الله

      المحتاج نفسه عزيزه ابدا لا يمد يده الى الغير ونحن نعيش في مجتمع كل شخص فيه معروف ونعرف من هو محتاج واهل الخير لا تقصر وهؤلاء الذين يمدون ايديهم ليسوا منا

اقرأ ايضاً