العدد 2998 - السبت 20 نوفمبر 2010م الموافق 14 ذي الحجة 1431هـ

روح ما بعد النتائج

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

منذ أن انتهت الانتخابات، وأسفرت عن نتائجها، ونسبة لا يستهان بها من المواطنين يتطلعون نحو قواها السياسية التي تمثلها، سواء تلك التي فازت في الانتخابات، أو تلك التي لم يحالفها الحظ، كي تأتي بقراءة جديدة تكون قادرة على نسج تحالفات جديدة ومن نمط جديد تتناسب ومرحلة ما بعد تلك الانتخابات، وتكون قادرة على إحداث التفاعل الحي الذي يلبي احتياجات متطلباتها. لا يختلف اثنان على أن خارطة العمل السياسي القادمة، وفي القلب منها القبة البرلمانية، تتطلب من القوى كافة، بما فيها قوى السلطة التنفيذية إعادة النظر في سياساتها، من أجل ترتيب أوراقها كي تكون قادرة على التفاعل بإيجابية مع تلك المستجدات. ولكي تتمكن القوى من مخاطبة تلك التطلعات ينبغي أن تكون قراءتها لتلك النتائج صحيحة، ونابعة من تقويم سليم للعوامل المستجدة، التي يمكن رصد أهمها في النقاط التالية:

1. تعمق التخندق الطائفي، فقد تحول السلوك الطائفي، وهذا أمر يؤسف له، إلى ظاهرة ملازمة لبناء العلاقات السياسية. لا يقلل من حضور هذا التخندق وسلبياته، بعض الحالات الاستثنائية التي تمارسها بعض القوى الديمقراطية، أو بعض الشخصيات المنتمية للتيار ذاته. خطورة انعكاسات ذلك التخندق على العلاقات السياسية، كونه، وللأسف الشديد، المعيار الذي بدأت تبنى على أساسه التحالفات القادمة، سواء في داخل البرلمان أو خارجه.

2. غياب ممثلو التيار الوطني الديمقراطي عن البرلمان، وهذه خسارة كبيرة، كما إنه أمر في غاية الأهمية لمن يريد أن يعكس البرلمان ألوان الطيف السياسي كافة في البلاد. ولقد أتاحت الانتخابات الأخيرة الفرصة لهذا التيار كي يبرز عضلاته التي يتمتع بها، والتي حاول البعض أن يحجّمها. هذا الغياب، وهذه الرغبة في ضرورة التمثيل، يتطلبان، إن صفت النوايا، بناء قنوات مختلفة عن تلك العاملة داخل أروقة البرلمان، فقط، تكون قادرة على تعميق العلاقة القائمة بين البرلمان والشارع من جهة، وفتح المجال أمام القوى الغائبة كي تدلوا بدلوها من جهة ثانية.

3. بروز الاختلافات المستورة بين بعض دوائر السلطة التنفيذية، وبعض ممثلي تيارات الإسلامي السياسي السني، وطفوها على السطح السياسي، الأمر الذي يطرح تحدياً جديداً أمام القوى التي كانت تصنف الإسلام السياسي إلى تيارين، أحدهما يقف في صفوف من تصفهم بـ «الموالاة» على نحو مطلق، وآخرون تضعهم في خانة «المعارضة»، وبشكل مطلق أيضاً. هذه الحالة المستجدة تتطلب من أولئك المصنَّفين، والمصنِّفين أن يعيدوا النظر في مقاييسهم السياسية.

4. تمظهر بعض المستجدات على المسرح السياسي التي ترفع علامات استفهام كبيرة تستفسر عن العوامل التي أفرزتها، وتطالب بتفسيرات لما رشح عنها من خلال تلك المستجدات. لاشك أن مثل هذه التساؤلات لن يكون في وسعها الاستمرار في مواقعها الحالية، ومن الطبيعي أن تسعى كي تستقر في أماكنها القادرة على تفسير الظواهر التي تشاهدها، كي تستطيع أن تمارس دورها السياسي الصحيح.

في ضوء هذه النتائج التي أفرزتها الانتخابات تتوقع تلك النسبة من المواطنين أن تباشر تلك القوى ذات العلاقة، إلى اتخاذ الخطوات التالية:

1. اعتراف القوى البرلمانية بدور تلك القوى التي لم تصل إلى القبة البرلمانية، وتمسك الأخيرة بحقها في ممارسة دورها السياسي على نطاق شمولي، بما في ذلك مشاركتها غير المباشرة في صنع القرار السياسي داخل البرلمان. هذه القناة، أو الوسيلة التي تضع البرلمان في موقعه الصحيح، وتعطيه حجمه الذي يستحقه، دونما زيادة أو نقصان، ترسم أيضاً معالم أطر علاقات صحيحة بين مختلف القوى السياسية العاملة. هنا لابد من الإشارة إلى قضية مهمة، وهو أن طريق الوصول إلى هذه المعادلة، طريق ذا اتجاهين ينبغي أن تسير فوفه قوى الطرفين المعنيين، البرلمانية وغير البرلمانية.

2. تمسك القوى غير الممثلة في البرلمان، والتي شاركت في الانتخابات، بحقها في المساهمة غير المباشرة في أنشطة البرلمان، وإصرارها على أن يحظى هذا الدور باعتراف، حتى تلك القوى التي لا تألوا جهداً في النيل من القوى غير البرلمانية. هذا يتطلب من هذه القوى غير الممثلة أن تعد برنامجها «البرلماني التخيلي»، إن جاز لنا القول الذي يبيح لها ممارسة هذا الدور بشكل فعال.

3. عمل وطني شامل، تنضوي تحت راياته الواسعة، مختلف أطياف المعارضة، ويشكل في جوهره، وعلاقاته التنظيمية، مظلة وطنية واسعة تكون قادرة على تبني برنامج وطني يساهم بشكل بناء في وضع أسس التحول نحو مجتمع المملكة الدستورية والدفاع عنه. قد تبدو مثل هذه الدعوة مثالية حالمة، وهو تعليق وصلني من أكثر من قارئ تعليقاً على دعوات مشابهة تضمنته مقالات سابقة، لكن منطق تطور الأمور، وما آلت إليه نتائج الانتخابات الأخيرة، جميعها تدفع نحو هذا الاتجاه، وتبشر بإمكانية تحقيقها. مثل هذا اللقاء الوطني ليس من المفترض فيه أن يلغي الاستقلالية التنظيمية، والانتماء الفكري والعقيدي لأي من التنظيمات المنضوية تحت لوائه.

تلك كانت إشارات سريعة لما أفرزته الانتخابات، وما أسفرت عنه من نتائج، لاشك أنها لا يمكن أن تتجاوز حدود العناوين العريضة، التي تحتاج إلى المزيد من المناقشة والحوار كي تتحول، في نهاية المطاف، إلى ورقة عمل أولية، تتضافر جهودها مع أوراق عمل أخرى، تتجه جميعها نحو ذلك اللقاء الوطني الذي نحلم، وليس هناك ما يحول دون تحقيقه

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2998 - السبت 20 نوفمبر 2010م الموافق 14 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 12:00 م

      خلط الاوراق

      ارجوك اساذ عبيدلى , كفى خلط للاوراق ... لن ولا يجب ان يستمر اى تحالف مع اية قوى طايفية وخاصة الوفاق. اذا كان بأمكان التيار الوطنى والديمقراطى ان يصل بالتنسيق الى درجة التحالف فذلك هو المطلوب واذا لم يكن ممكن فلا ضير , الايام سوف تحسم ذلك .

    • زائر 5 | 10:44 ص

      نيابي 2010 خسر وعد

      لقد خسر مجلس النواب مرشحي وعد الموعودة لأن الشعوب تحتاج إلى مرور سنوات وسنوات ومبالغ كبيرة كي تنتج منيرة فخرو وابراهيم شريف وسامي سيادي ( المحامي من الطراز الأول) ، وأنا بصفتي من ناخبي الوفاق اتحسر على عدم استفادة نيابي 2010 من قدرات فرسان وعد الشرفاء الأوفياء لشعبهم بالقول والعمل على جميع الصعد.
      لذلك يا سماحة الشيخ علي سلمان لن نرضى بقائمة في 2014 دون دخول فرسان وعد الثلاثة في دوائرنا حتى نستفيد كفاءاتهم.

    • زائر 4 | 7:57 ص

      زائر رقم ن

      الأخ عبد علي فريدون ، حالكم والله يثير الإستغراب و يشبه كثيراً حال الموظف المغلوب على أمره في الوزارة أو المؤسسة مع مديره أو رئيسه و خال ما ينتهي من دوامه و يعود لمنزله يبدأ بصب جام غضبه على زوجته و أهله و عياله. الملام الأول و الأخير هو أنتم و من دبر توزيع الدوائر الإنتخابية و أغدق المال السياسي ! إذا تقدر تهوب صوبهم خلنا نشوف ! وأترك الوفاق عنك ...... الوفاق لو تنازلت عن مقعد أو مقعدين كانت ستظل المعارضة على 18 فمالفائدة من التخلي عن دوائرها المضمونة ؟

    • زائر 3 | 11:04 م

      أبن المصلي

      أستاذي الفاضل هذا البرلمان لايؤخر ولا يقدم يعني برلمان بالمقاس وها نحن نشم من بعض نوابه ومن تصريحاتهم مالايرتجى منه فائدة للمواطن الغلبان حيث خرج علينا البعض ممن يؤيدون رفع الدعم عن المحروقات وبعض السلع الغذائية الرئيسية بتصريحات تتضحك الثكالى يعني بغيناهم عون صاروا علينا فرعون والجايات أعظم من الرايحات يعني ياشعب البحرين يا من تجشمتم العناء والوصول الى صناديق الأنتخاب ترى تمشون وراء السراب الذي يحسبه الظمآن ماءً لأن الشبعان مايدري ولا يشعر بالجوعان نفسي نفسي الله في الوجود وعليه المعول في الشدة

    • زائر 2 | 10:42 م

      الأخ العزيز عبيدلي؛ دائماً و أبداً ما يدعو ل"عمل وطني شامل"، و لكنّه لا يذكر من الذي يخشى أو يتهرّب من العمل الوطني الشامل؟؟ مع علمه بذلك!!. أما الكلام في العموميات و"الدعوات المثالية الحالمة" فهذا لا يجدي نفعاً، خصوصاً بعد نتائج الإنتخابات-الإنقلابات- الأخيرة! لنطرح السؤال هكذا: هل الوفاق كانت مع العمل الوطني الشامل بما فيها الإنتخابات؟؟ ، هل "وعد" كانت جادّة لعمل وطني شامل؟؟
      تحياتي...
      عبدعلي فريدون.

    • زائر 1 | 10:17 م

      عَـلَى قَـدْرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ === وتَــأتِي عَـلَى قَـدْرِ الكِـرامِ المَكـارِمُ
      وتَعظُـمُ فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها === وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ \\\\ مسج إلى النائب الذي سقط في الدائرة الخامسة وفشل فشلا ذريعا إذا كان هذا مستوى المتعلمين فما بال حثالة المنطقة ومسعوريهم كيف يمكنك التلفظ بهذه الألقاظ على هذه الدائرة ومعروف عن التجار المعروفين الذين لهم أيادي بيضاء والعائلات العريقة كيف تصفهم بالمعتوهين وأصحاب الشهوات

اقرأ ايضاً