العدد 3001 - الثلثاء 23 نوفمبر 2010م الموافق 17 ذي الحجة 1431هـ

الشفافية الدولية تكرم ثلاث شخصيات بجائزة النزاهة

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

غالبت أناتوليا والدة المحامي الروسي سيرجي ماجنتيسكي دموعها وهي تتقدم إلى المكرفون لتتسلم جائزة النزاهة التي فاز بها ابنها.

المحامي الروسي سيرجي ماجنتيسكي لم يستطع تسلمها بنفسه لأنه وبكل بساطة قضى نحبه في أحد سجون موسكو - التي اعتقل فيها في نوفمبر 2008 وذلك بعد سنة من سجنه - بسبب الإهمال المتعمد من قبل سجانيه رغم إصابته بنوبات حادة، وذلك قبيل تقديمه إلى محاكمة كيدية، بسبب دوره في فضح فساد مسئولين كبار في الاستيلاء على ما يقدر بـ 230 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب.

أناتوليا تحدثت وهي تغالب دموعها، بحنين وحب وفخر على ابنها سيرجى مؤكدة أن عائلته فخورة به، وكذلك كل من عرفه أو عرف عنه، وأن سيرجي ما كان إلا أن يتبع الطريق ذاته لو أنه بُعث مجدداً.

سيرجي ماجنتيسكي واحد من ثلاثة اختارتهم لجنة خاصة من شخصيات قيادية لعدد من فروع منظمة الشفافية الدولية ويرأسها عضو مجلس الشفافية المغربية المخضرم سيمون أسيدون. وإلى جانب ماجنتيسكي فقد فاز بالجائزة أيضاً السريلانكي أتوج بريما جانياثا والجابوني جريجوري نجباوا مينستا، لكل من هؤلاء الثلاثة حكاية تستحق الذكر والتفكر.

سيرجي ماجنتيسكي، هو محامي صندوق الاستثمار الأميركي هيرميتاج. وقد قادته تحرياته إلى أن مسئولين كباراً من مالكي أسهم هيرميتاج في روسيا يستغلون ذلك احتيالاً لاستعادة أموال الضرائب والتي قدّرها بـ 230 مليون دولار. وقد تقدم بالفعل إلى النائب العام لمدينة موسكو، ولكن بدلاً من أن يكافاً على كشف المفسدين وحماية المال العام، جرى اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 وتوجيه تهمة التآمر إليه. على امتداد عام كان سيرجي يعاني من تدهور في صحته، لكنه تُرك دون علاج عمداً حتى قضى نحبه في نوفمبر 2009. ورغم أنه جرى فتح تحقيق في حادثة الموت إلا أنه اكتفى بصرف بعض مسئولي السجن من الخدمة، لكن الفاسدين ظلوا بمأمن من المحاسبة.

أتوج بريما جانياثا، الصحافي الجريء لم يستطع الحضور أيضاً لأن وضعه الصحي الناتج عن تعرضه للاختطاف والضرب لا يسمح له بالسفر.

على امتداد عقدين ظل الصحافي أتوج أو بادولا كما يعرف بتوقيع مقالاته يلاحق حالات الفساد والمفسدين في قطاعات الخدمات العامة كالصحة والتعليم والنقل. ومن ضمن ما كشف عنه فضيحة الاستيلاء على الضريبة المضافة لبضائع وخدمات لم تقدم وقدرت قيمتها بـ 37 مليون دولار. تعرض أتوج للتهديد والتخويف عدة مرات لكنه لم يجبن، وفي يونيو/ حزيران 2009 جرى اختطافه وضربه ضرباً مبرحاً؛ ما تسبب بإعاقة جسدية دائمة. وقد اضطر أتوج للتوجه إلى المنفى حيث يعيش في المملكة المتحدة وقد تسلم جائزته عضو مجلس الشفافية السريلانكية، السير ويليامونا الذي انتخب للتو لمجلس أمناء الشفافية الدولية والذي ألقى كلمة تحية لزميله أتوج، معرفاً بسيرة حياته الحافلة ومواقفه الصلبة في مكافحة الفساد.

أما الناشط الجابوني في مكافحة الفساد جريجورى نجباوا مينستا والذي يعيش حالياً في فرنسا فهو الوحيد الذي تسلم جائزته بنفسه.

الجابون دولة إفريقية نفطية صغيرة، ظل يحكمها لعقود الرئيس عمر بنجو والذي اعتبر كغيره من المستبدين الجابون ونفطها ملكاً شخصياً له، وجمع ثروة طائلة، وقد عمل جريجوري بالتعاون مع منظمة الشفافية الفرنسية على التحقيق في ثروة الرئيس عمر بنجو وعائلته في فرنسا حيث نجحوا في توثيق 39 عقاراً وحسابات مصرفية في 70 بنكاً. وقد تقدم جريجوري وقياديو الشفافية الفرنسية ومنهم ماك تيري - الذي انتخب لمجلس أمناء الشفافية الدولية في ديسمبر/ كانون الأول 2008 - بدعوى أمام المحاكم الفرنسية بتعقب ثروات رؤساء أفارقة والتي استولوا عليها واستثمروها في مؤسسات على الأراضي الفرنسية.

وبسبب ذلك جرى اعتقال جريجورى في يناير/ كانون الثاني 2009، ولكن وبسبب الضجة العالمية الاحتجاجية جرى إطلاق سراحه، واضطر إلى مغادرة البلاد والعيش في المنفى الفرنسي.

لكن نضال وتضحيات جريجوري والنشطاء الجابونيين وبالطبع منظمة الشفافية الفرنسية لم تذهب هدراً، حيث قبلت المفوضية العامة الفرنسية للشرطة المختصة بقضايا الفساد قبول الدعوى والبدء في التحقيق بشأن ثروات غير طبيعية لرؤساء أفارقة مثل الرئيس الجابوني السابق عمر بنجو وعائلته، والرئيس دينيس ساسو نجوسو وعائلته، والرئيس اوباسانجو وعائلته، ورغم اعتراض النيابة العامة على الدعوى وإسقاطها مؤقتاً في أكتوبر/ تشرين الأول 2009 إلا أن منظمة الشفافية الفرنسية استأنفت القضية أمام المحكمة العليا الفرنسية والتي قبلت النظر في الدعوى يوم الثلثاء 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 للمصلحة العامة الفرنسية، كون ممثلة بمنظمة الشفافية الفرنسية متضررة من فساد هؤلاء الزعماء.

وإذا سار التحقيق في مجراه الطبيعي فسيكشف النقاب عن جرائم فساد ارتكبها زعماء أفارقة وغيرهم بحق شعوبهم وتواطؤ فرنسيين وغيرهم في هذا الفساد المتمثل في الاستيلاء على الثروات العامة وإهدارها. وستمثل سابقة تجريم هؤلاء في فرنسا أولاً، وقد تتبعها بلدان أوروبية أخرى بحيث لا يكون هناك ملجأ لمن يسرقون ثروات بلدانهم وشعوبهم ويستمتعون بها في الغرب. أي لا حصانة للفاسدين.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3001 - الثلثاء 23 نوفمبر 2010م الموافق 17 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:10 م

      تعقيب

      اتمنى ان لا يكون هناك ابدا ملجأ لمن يسرقون ثروات بلدانه وشعوبهم ويستمتعون بها ليس غربا و حسب و انما شرقا وفي كل شبر من الارض....لتمنى قريبا ان لا حصانة للفاسدين المفسدين....و............بسنا فساد
      ودمتم سالمين

اقرأ ايضاً