العدد 3004 - الجمعة 26 نوفمبر 2010م الموافق 20 ذي الحجة 1431هـ

البيئة وزوبعة رفع الدعم الحكومي

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مهما كتب عن هذا الموضوع من مقالات في الصحف أو في الانترنت أو في المنتديات الفكرية أو نوقش في ندوات عامة، أو المجالس الأهلية أو في الإعلام المرئي سوف لن نستوفيه حقه بسبب أن هذا الموضوع يمس حياة الناس بشكل مباشر «لقمة العيش».

لذا نقول، ليس من السهل أن يقبل أي شخص برفع الدعم الحكومي عن النفط (البترول والديزل والكيروسين) مع تحفظنا التام أيضاً على السلع الأخرى (اللحوم والدجاج والرغيف والحليب).

مع علمي ويقيني التامين، بأن رفع الدعم عن مشتقات المحروقات قد يخفف آثار ضرر التلوث، ويقلل الغازات المتصاعدة من عوادم المواصلات المتنوعة، نتيجة احتراق وقود السيارات المكتظة بها شوارعنا - غلاء النفط سيخفض استهلاك النفط مما سيخفف الضرر على البيئة، إلا أنه بالمقابل سينتج عنه أوضاع اقتصادية غير مريحة لكثير من المواطنين (الطبقة الكادحة) وهذا لا نقبله البتة.

رفع الدعم يؤول إلى صعوبات معيشية واقتصادية للناس وخاصة الطبقة الفقيرة التي لا نقبل بأن تتضرر أكثر، وذلك لما ستتولد عنه من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي وربما السياسي ومن الأمراض المزمنة للفقراء من داء العصر، كالضغط والسكري والقلب، وبالتالي قد يؤدي إلى ضغط على وزارة الصحة ومصروفاتها من توفير العلاج والأدوية ومتعلقاتها، وأيضاً ستزداد نسبة الفقر مما سيشكل ضغطاً على وزارة التنمية المهتمة بشئون المجتمع، وبذلك يعني ما ستوفره الحكومة هنا ستصرفه هناك، فليس بهذه الطريقة غير المدروسة تحل الأمور.

إذا كانت هناك فعلاً صعوبات في الموازنة، فالأجدى التفكير في مصروفات الحكومة العالية والمتكررة على بدلات السفر والمخصصات للوزراء والوكلاء والنواب والمديرين، بالتقليل من المشاركات الخارجية للوفود البحرينية التي تستنزف أموال الخزينة وتعتبر هدراً للمال العام.

عموماً، لا أعتقد بأن هناك عجزاً في الموازنة، والسبب أن الموازنة قد وضعت طبقاً لمعيار 60 دولاراً للبرميل، في حين أن متوسط سعر البرميل في السنتين الماضيتين كان 80 دولاراً فكيف يكون هناك عجز، بل من المفترض أن يكون فائضاً في الموازنة بمقدار 20 دولاراً للبرميل!

كما هو معروف أن المواطن لا يستطيع تحمل ضغط على راتبه بزيادة سعر سلعة هنا أو مصروفات إضافية هناك، ففي الوقت الحاضر، السواد الأعظم من الناس لا يستطيع أن يلبي متطلبات الأسرة إلا ما قل وندر، فما بالكم بعد رفع الدعم؟

إن رفع الدعم سيزيد الطين بلة، ولكن قبل التفكير برفعه هناك طرق عديدة للتصدي للأزمة المالية، نقترح بوضع خطة عمل جادة، أو استراتيجية لتطوير شبكة المواصلات، بتدشين شبكة القطارات أو مترو الأنفاق بين المدن والباصات للقرى، وستكون هذه الشبكة تعمل على مدار الساعة ضمن أوقات محددة لكل محطة وحسب الحاجة. بالإضافة إلى عمل بطاقات تموينية للمواطن كمقترح النائب المستقل عيسى الكوهجي، وزيادة الرواتب التي من صفاتها الجمود في بلدنا مقارنة بدول الخليج الأخرى.

ضمن هذا الاستراتيجية سيتحقق هدفان رئيسيان، الهدف الأول التقليل من آثار التلوث الناتج من احتراق الوقود من السيارات الممتلئة بها قرانا وشوارعنا وبين الدهاليز، والهدف الآخر تقليل الازدحام على الشوارع والمدن وبين البيوت، فبدلاً من أن تكون هناك 50 سيارة تسير بالشارع فالباص قد يحمل 50 راكباً، والقطار قد يصطحب ما بين 500 و1000 شخص وبذلك سنخفف الضغط في وقت الذروة (خروج ودخول الموظفين)، كما إننا سنخفض تلوث الهواء نتيجة إطلاق أكاسيد الكربون والنتروجين والكبريت من عوادم السيارات مما قد يحد، ويقلص من تراكم هذا الكابوس (التلوث) الذي أصبح يهدد صحة الناس وحياتهم لما له من أضرار سلبية على جميع الكائنات الحية وغير الحية، بالإضافة إلى آثاره على البيئة العامة والمناخ كظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة وغيرها.

ليس لدينا أدنى شك بأن هذه الاستراتيجية سوف لن يستسيغها المواطن لأن كل شيء في بدايته صعب ولكننا متأكدون سوف يتماشى مع الوضع القائم في نهاية المطاف إذا وصلنا لقناعة بأن الحياة هي المحافظة على البيئة من التلوث، أو لن يمضغها كثير من الناس الذين تعودوا على قيادة سياراتهم بهدف الوصول بأسرع وقت، والخروج حسب المزاج وفي الزمن المطلوب، إلا أننا متأكدون لو كانت هناك شبكة مواصلات نظيفة ومتطورة ومريحة سوف تتغير قناعات هؤلاء الأفراد وتتبدل ثقافاتهم بأخذ المواصلات بدلاً من ضغط الشوارع - عمدة لندن يستقل الباص ذهاباً وإياباً من وإلى العمل - بسبب أن معظم السواق أصبحوا يملون السياقة ويصيبهم الإعياء من القيادة، وطول الانتظار بشوارعنا الضيقة التي باتت لا تستوعب هذه الكثافة السكانية الهائلة المهاجرة من أقاصي البلدان وأدناها، ولا تتحمل هؤلاء النفر من العمالة الوافدة الذين لهم الدور الأكبر في التأثير على الصحة البيئية ونظافة البلد، الذين تكتظ بهم أسواقنا قبل شوارعنا.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3004 - الجمعة 26 نوفمبر 2010م الموافق 20 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 11:52 م

      واصل يا دكتور دفاعاتك عن البيئة

      تسلم دكتور أحمد على مقالاتك الرائعة

    • زائر 5 | 4:05 م

      صدق انت قوي يا دكتور ,, واصل كتاباتك

    • زائر 4 | 12:48 م

      كل مكان تتكلم عن البيئة

      شكرا استاذ كنت مدرس محبوب ، وين رحت
      طالب متفوق

    • زائر 3 | 12:44 م

      ما فيه احد يفكر في الفقراء

      كما هو معروف أن المواطن لا يستطيع تحمل ضغط على راتبه بزيادة سعر سلعة هنا أو مصروفات إضافية هناك، ففي الوقت الحاضر، السواد الأعظم من الناس لا يستطيع أن يلبي متطلبات الأسرة إلا ما قل وندر، فما بالكم بعد رفع الدعم؟

    • زائر 2 | 12:41 م

      كلام في الصميم

      مهما كتب عن هذا الموضوع من مقالات في الصحف أو في الانترنت أو في المنتديات الفكرية أو نوقش في ندوات عامة، أو المجالس الأهلية أو في الإعلام المرئي سوف لن نستوفيه حقه بسبب أن هذا الموضوع يمس حياة الناس بشكل مباشر «لقمة العيش».

    • زائر 1 | 12:40 م

      تسلم دكتور وصح لسانك

      إذا كانت هناك فعلاً صعوبات في الموازنة، فالأجدى التفكير في مصروفات الحكومة العالية والمتكررة على بدلات السفر والمخصصات للوزراء والوكلاء والنواب والمديرين، بالتقليل من المشاركات الخارجية للوفود البحرينية التي تستنزف أموال الخزينة وتعتبر هدراً للمال العام.

اقرأ ايضاً