العدد 3015 - الثلثاء 07 ديسمبر 2010م الموافق 01 محرم 1432هـ

أبواب خاصة في إساءة معاملة المرأة

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

الباب الأوّل: إساءة معاملة المرأة جسديا

الباب الثاني: إساءة معاملة المرأة جنسيا

الباب الثالث: إساءة معاملة المرأة فكريا

كلّها أبواب تدلّنا على إساءة معاملة المرأة، وإن اختلف باب عن آخر، ففي نهاية المطاف هي نوع من أنواع الإساءات التي تحتملها المرأة وتبلعها من أجل أسرتها وأبنائها، وهي مفاهيم خاطئة للأسف، ويغذّيها عدم وجود قانون رادع يجرم العنف الأسري.

في الباب الأوّل لدينا مجموعة قصص عن مجموعة نساء تعرّضن للضرب المبرح من قبل أزواجهن، ولا يستطعن طلب الطلاق حتى لا يخسرن كلّ شيء وعلى رأسه الأبناء.

تقول السيدة «س»: زوجي إذا أراد تأديبي على زيادة الملح في الطعام، يضربني بشدّة، وان كنت أناقشه يوما في موضوع ويرى أنّ كلامي غلب كلامه، فإنّه يربط يدي في مروحة غرفتنا، ويجعلني مربوطة مدّة ساعات حتى يأتي من الخارج، وبالطبع لا أستطيع الذهاب الى الحمّام بسبب الأسر، وتعرفون الباقي....

أما الأخت «م،ع،أ» فتذكر أنّ أوّل يوم قام زوجها بضربها هو في ليلة زواجها، لأنّها كانت حيّية جدا، ولا تعرف ماذا تقول أو تفعل، ولم يصبر عليها حتى تتأقلم مع وضعها الجديد، فأخذ يحرقها بسجائره المشتعلة، وفي إحدى المرّات طلبت منه الطلاق بعد زواج دام سنتين، لم يستطع تمالك نفسه فأضرم النار في ثيابها، ولولا لطف الله لاحترق وجه الأخت، بعد أن احترق الجسد!

السيدة «هـ ، ت» تقول: كنت في يوم من الأيّام ابنة أحد الشرفاء، لكني تزوّجت أحد الجاحدين الحاقدين على المرأة، إذ منذ ارتبطت به وأنا أبلع الضرب تلو الضرب، ففي يوم كسر ذراعي، وفي يوم آخر ضربني على بطني حتى أجهضت، وفي بعض الأحيان أذهب الى العمل وعيني سوداء تماما، ويا ليته كان يشرب الخمر لأعطتيه العذر، بل كان لا يترك فرضا الاّ وذهب الى المسجد ليؤدّيه.

العنف الجسدي من أسوأ أنواع العنف الأسري، وهو واضح للعيان، وقد تكون العادات والتقاليد الخاطئة تمنع المرأة من التحدّث عنه، وبالتالي لا تعرف المرأة كيف تتخلّص منه الا بعد فوات الأوان، فقد تصبر على حالها، وقد تطلب الطلاق ويضغط عليها الأهل بالرجوع.

أما الباب الثاني: فهو من الأبواب المؤرّقة والمؤلمة للمرأة، فالجنس حاجة طبيعية في جسم الانسان، ولكن عندما يتحوّل الجنس الى أداة تعذيب، فانّ المرأة لا تستطيع عمل شيء، وخاصة في محيط الأسرة، لأنّ بعض الرجال يظنون أن الجنس حق من حقوقهم وان أبت المرأة تقديم جسدها في يوم من الأيام، آخذين الحق من بعض الأحاديث ومتناسين أحاديث أخرى وصّت الرجل بالاهتمام بمشاعر المرأة وخاصة في العلاقة الزوجية الحميمية.

«ن، و» تقول: «لم أعرف من قبل أنّ زوجي مريض بما يسمّى السادية، ولا أستشعر طعم الحياة الخاصة معه بسبب الضرب المبرح قبل معاشرتي، وعندما ذكرت لأمي ما أتعرض له من ضرب وجروح، فهو يستخدم السكّين في بعض الأحيان لجرحي في بعض الأماكن الخاصة في جسدي، تنهرني وتقول لي: عيب تتكلّمين عن علاقة مقدّسة بينك وبين زوجك، وأنا الى اليوم أتجرّع الألم خوفاً من الفضيحة، وأشكو الى الله همي وحزني عساه يحرّرني من هذا الوحش الذي دخل حياتي».

الأخت «ل،ف» تذكر معاناتها الجنسية والإساءة التي تتعرّض لها من قبل زوجها في هذه العلاقة، وتقول إنّ زوجها لا يعاشرها معاشرة الأزواج بل يعاشرها معاشرة الحيوانات، ويجبرها على مشاهدة بعض الأفلام الاباحية كذلك من أجل التلذّذ بمشاهدة وجهها وهي تبكي لرؤية ما يقوم بمشاهدته، وعندها تحوّلت المرأة الى علاقة مع امرأة أخرى، احتوتها وفهمت ما تحتاج إليه، وهي تعلم أنّ ما تقوم به حرام في حرام، ولكن القانون لم ينصفها ولا الأهل كذلك، فالطلاق والبعد عن عش الزوجية هما جلّ اهتمامها، وليس كيانها كامرأة، وتطلب من الجميع الدعاء لها لتعدل عمّا تفعل ولتتطلّق من هذا الرجل القبيح من الداخل، وتعيش مع أبنائها بأمان.

إنّ إساءة معاملة المرأة جنسيّاً له حكايات وقصص كثيرة، لا نستطيع سردها في مقال واحد، وهي سبب من أسباب الشبق الجنسي عند بعض الرجال، أو حتى قد يكون سببا في الأمراض النفسية، التي لها تأثيرها على المرأة وعلى أطفالها وعلى المجتمع بشكل عام، وعليه فإنّ الوعي قبل الزواج بالممارسات الصحيحة في الجنس ليس حراماً بل هو حاجة ملحّة على مجتمع، دخلت عليه أوبئة فكرية جنسية خاطئة من مجتمعات أخرى.

أما الباب الأخير، وهو اساءة معاملة المرأة نفسيّاً، فمتزايد في وقتنا الحاضر، وقد لا تشعر به المرأة في بعض الأحيان إلاّ بعد أن يطوف عليها زمن طويل، وبالطّبع قد لا يراه الآخرون، فبعض الرجال يسيئون معاملة المرأة نفسيّاً عن طريق الضغط عليها وتخويفها والتشديد في أمور قد لا تحتاج منهم الى ذلك.

تقول «ذ،م،ج»: إذا دخل زوجي البيت لا أستطيع النوم، لأنّه سينتقذني على هاتفي المحمول وعلى النافذة المفتوحة وعلى وضعية حركة مفتاح الباب، إذ إنّ الشك يكاد يقتله، فمهما قمت أو عملت يذكّرني بأنّه يظن بأني على علاقة مع رجل، وقد أعطيته هاتفي النقّال، وذكرت له أنّني أخاف الله، لكنه يقول لي دائما إنّ هذا الأسلوب قديم ولا يفيد لإقناعه بأنّني خالية من العلاقات المشبوهة، وبعد فترة من الزمن في حياتي معه، أخبرني العديد من الناس أنّه على علاقة بالعديد من الفتيات الصغيرات، وتيقّنت بأنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف يثق بي وهو يقوم بالفحشاء؟.

أما الأخت الثانية تقول: «ما أن يدخل زوجي البيت حتى يستقبلني بشتم وكلام جارح كل يوم لمدّة 10 سنوات منذ تزوّجنا، ويلعن اليوم الذي تزوّج بي وارتبط اسمه باسم أهلي الذي لا يشرّفونه، مع انّ أهلي أنظف منه وأفضل، ما عدا أنّهم خائفون منه ليطلبوا لي الطلاق، وكذلك يحرمني من مصروفي حتى أجن وأنا أفكّر في الغد مع انّه يملك الكثير، وآخر صيحة له هذه الأيام هو تهديدي بأخذ أطفالي مني وعدم رؤيتهم الى الأبد، وبالفعل أعطاني أوراقا ثبوتية تدل على صدق كلامه، ما العمل وأنا لا أعمل ولا أستند على شيء يقوي موقفي تجاهه، فما العمل الاّ الدعاء عليه وعلى اليوم الذي ارتبطت به!

هذا الباب من أصعب الأبواب كذلك على المرأة، اذ تستطيع المرأة إثبات سوء المعاملة الجسدية، ويستطيع الطبيب الشرعي اثبات سوء المعاملة الجنسية، ولكن سوء المعاملة النفسية مخفي ولا يستطيع تحديده الاّ المختصّون في هذا الشأن ان لجأت اليهم المرأة، وهي في غالبية الأحيان لا تلجأ الى أحد خوفاً من الفضائح وطمعاً في الستر!

المفهوم الخاطئ، والتغذية الرجعية غير الصحيحة من قبل المجتمع، أدّت الى تفاقم اساءة معاملة المرأة، ويكفينا اليوم فخرا وجود المجلس الأعلى للمرأة بمطالباته ومناشداته في احتواء المرأة والحفاظ عليها، اما من خلال مساندة قانون الأحكام الأسرية، أو من خلال مركز شكاوى المرأة المعني بالاهتمام بقضايا نساء البحرين، وما أكثرها في ظل مجتمع لن نقول عليه محافظاً، ولكن بمفهوم خاطئ عن معاملة المرأة، فالمجلس منذ بدايته احتوى مشكلات المرأة البحرينية، ويحاول تثقيف فئات المجتمع حوله، وبالتالي التقليل من العنف الأسري والعنف ضد المرأة بشتّى أبوابه.

نناشد المسئولين عن اتّخاذ قرار قانون أحكام الأسرة - الشق الجعفري، بتمريره وعدم عرقلته، فالمرأة البحرينية بحاجة اليه اليوم، وكذلك نتمنّى من مؤسسات المجتمع المدني وضع يدها بيد المجلس الأعلى للمرأة، حتى ينشروا ثقافة معيّنة يسعى اليها المجلس ويحاول تحقيقها في شأن المرأة البحرينية.

إنّ عرقلة استكمال المنظومة القانونية التي تحمي المرأة وأطفالها عند مواجهة أشكال العنف الأسري ستؤثّر على المجتمع بشكل سلبي في حفظ حقوق المرأة أمام اساءة معاملتها، ولن نستطيع ردع من تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم ضد المرأة، فهل لنا أن نحقّق ما يطمح اليه المجلس الأعلى للمرأة في مساندة المرأة البحرينية؟!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3015 - الثلثاء 07 ديسمبر 2010م الموافق 01 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 2:23 م

      لماذا يا قانون الجعفرى بسنا التخلف

      عرقلة القوانين الايجابيه ضرر للمراه والاسره ...امان الامان من قضاة واحكامهم ...الى ايده بالنار غير الي ايده بالماي...

    • زائر 6 | 12:44 م

      الرجال قوامون؟؟؟؟

      ليس الأمر كما يرون ويفهمون من القوامة ، فليس قوامة الرجل في الإسلام قوامة السطوة والاستبداد والقوة والاستعباد ، ولكنها قوامة التبعات ، والالتزامات والمسؤوليات ، قوامة مبينة على الشورى والتفاهم على أمور البيت والأسرة ، قوامة ليس منشؤها تفضيل عنصر الرجل على عنصر المرأة ، وإنما منشؤها ما ركب الله في الرجل من ميزات فطرية ، تؤهله لدور القوامة لا توجد في المرأة ، بينما ركب في المرأة ميزات فطرية أخرى ، تؤهلها للقيام بما خلقت من أجله ، وهو الأمومة ورعاية البيت وشؤونه الداخلية.

    • زائر 5 | 3:36 ص

      ما الفايدة

      الاخت العزيزة مريم يعطيج الف عافية لطرح مثل هذه المواضييع الحساسة ولكن ما الفايدة اذا الحق ضايع فبعض الازواج يعلمون زين ان الزوجة ما بتحصل على حقها مهما فعلت فالحق ضايع في المحاكم مع وجود الواسطة حتى لو تم تطبيق قانون الاسرة فالحق ضايع ضايع وما بتحصل الا على التعب وحرق الاعصاب على الفاضي
      والعجيب ان امريكا اللي مو عاجبة المسلمين تطبق قانون حماية الزوجات من الازواج وكانها تطبق الدين الاسلامي!!! وعندنا حق الزوجة ضايع وعيب تروح المحاكم !!! فليش تعب روحها وتشتكي ؟!

    • زائر 4 | 2:27 ص

      مجردهمس

      ليس كل من ينظر يرى ولاكل من يرى يرى ولو كان كل من يرى يرى لما خفيت خافية فيا أيها النساء أعطن الكثير وتوقعن القليل فهذه هي فلسفة حياتنا ولا تنسن انه الرجال قوامون على النساء هل في اعتراض على كلام ربنا

    • زائر 3 | 2:02 ص

      مقال راااائع

      نماذج مؤلمة .....أشكر الكاتب العزيزة على عرضها ..نسأل الله أن يأخذ بيد الظالم

    • زائر 2 | 12:31 ص

      نويدراتي

      كلام جميل وفيه نقاط مهمة وتبقى مسئولية الرجال معروفه في تصحيح اوضاعهم مع زوجاتهم لما في ذلك من انعكاسات وسلبيات تعود على عش الزوجية وعلى نفسية المرأة وتعاملها مع الحياة بشكل عام ومع اهلها بشكل خاص ومهما كان الامر والخلاف فان الضرب والحرمان من الجنس او مصادرة الرأي الاخر أمر مرفوض عقلا وشرعا وقانونا والحياة بلا حب وحنان وتعامل وصداقة والفة ليست حياة لانها الموت بعينه.... نسأل الله أن نوفق لما يرضيه ويرتضيه .

    • زائر 1 | 12:11 ص

      ما فهمت هالنقطة !

      "وعندها تحوّلت المرأة الى علاقة مع امرأة أخرى، احتوتها وفهمت ما تحتاج إليه، " ما فهمت هالمقطع !! ؟؟ ممكن أحد يوضح ؟

اقرأ ايضاً