العدد 3015 - الثلثاء 07 ديسمبر 2010م الموافق 01 محرم 1432هـ

بند استراتيجي طارئ على طاولة القمة الخليجية (2 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كما ورد سابقاً، تفصلنا عن موعد الاستضافة القطرية لمونديال 2022، ما يزيد على عشر سنوات، قد تبدو فترة كافية للتخطيط، والتنفيذ، والتطوير على حد سواء، لتحويل التهيؤ للمناسبة، أسوة بدول أخرى احتضنتها، عنصراً مهماً من عناصر تطوير الاقتصاد الوطني، من خلال دمج ما تولده الاستعدادات الضرورية لإنجاح الفعالية في ذلك الاقتصاد، بطريقة إبداعية مبتكرة قادرة على إحداث مثل الدمج ونتائجه المطلوبين.

هذه النظرة الاستراتيجية تقلص من عمر تلك الفترة، وتعتبرها قصيرة جداً عندما يؤخذ بعين الاعتبار، ضرورة التقيد بمقاييس قواعد الجودة، وعدد المنشآت ومنصات خدمات الاتصالات. فهناك قائمة المباني، من ملاعب تقام عليها المباريات، ومساكن يقطنها اللاعبون، بالإضافة إلى مساعديهم، وأطقمهم الإدارية، ومعهم بعثاتهم الطبية، والبنى التحتية الأخرى التي يحتاجها، أيضاً، أفراد البعثات الإعلامية، ومعهم جميعاً، المشجعون والمناصرون للفرق المتنافسة. كل ذلك يتطلب أن تبدأ حركة الاستعدادات من لحظة إعلان النتائج، إن لم يكن قبلها.

ثاني خطوة على طريق الاستعداد للاستفادة مما أنجزته قطر بفوزها في حق استضافة مونديال 2022، وخاصة بعد رؤية علاقة التناسب الطردي الإيجابية بين صناعة الرياضة والاقتصاد الوطني، هي أن يرى قادة القمة الخليجية أن ما حققته قطر هو، في جوهره، إنجاز خليجي تشكل الدوحة رأس حربته التي بوسعها أن تساعد الرياضة الخليجية أن تختار مقعدها العالمي الذي ستجلس فوقه في صالة الفعاليات الرياضية العالمية. فطالما اعترف «الفيفا» بحق الدوحة في الاستضافة، فينبغي، إنطلاقاً من إيمان عميق بالمسئولية الخليجية الجماعية، أن تمد العواصم الخليجية، الدوحة، بالدعم الفني، واللوجستي، والبشري، بل وحتى المالي، الذي تحتاجه كي تتمكن من الوفاء بعهودها التي التزمت بها أمام العالم.

ليس القصد هنا «تقزيم» الإمكانات القطرية الذاتية، بقدر ما نهدف إلى إلقاء الضوء، وبشكل عملي قابل للتطبيق، على إمكانية رفع مستوى الأداء القطري، من خلال تحمل المسئولية الجماعية على المستوى الخليجي.

ونتوقع أن تستجيب الدوحة، لمثل هذه الرؤية الجماعية الإيجابية الخليجية، التي نأمل أن ترى طريقها إلى النور، فتمد قطر يدها كي تصافح شقيقاتها من العواصم الأخرى، دون أن تحرم هذه الروح التعاونية، الدوحة من حقها في جني ثمار ما زرعته، وبذلت جهودها، وسخرت إمكاناتها، من أجل حيازته.

هذا التكامل الجماعي المطلوب يحقق هدفين أساسيين: استفادة دول مجلس التعاون من هذه الفعالية العالمية من جهة، ورفع كفاءة الأداء القطري من جهة ثانية.

بعد الاقتناع بجدوى وفاعلية التعامل الجماعي مقارنة مع تحمل الدوحة العبء منفردة، نصل إلى الخطوات العملية الأخرى المطلوب الإقدام عليها خليجياً كي يكون الدعم راسخاً، ومن ثم قادراً على الصمود أمام أية تغييرات يمكن أن نراها خلال العقد المقبل.

لابد أن يمتلك هذا الجهد الجماعي، قاعدة معرفية غنية وصلبة، تمكنه من مقاومة، ومن ثم التفاعل الحي، أي شكل من أشكال التغييرات المتوقعة، دون أن تفقد تلك القاعدة جدواها الاقتصادية من جهة، وبالقدر ذاته، أن تتوافر فيها المرونة والتفاعلية الدينامية التي تمدها بالقدرة على الاستمرار، والنمو، والتطور.

خطوة بناء القاعدة المعرفية تقود حتماً نحو التأسيس لصناعة رياضية، من خلال تشييد أكاديمية تدرس صناعة الرياضة كي يتخرج منها الأجيال القادرة على وضع اللبنات الأولى لصناعة رياضية. قد يثير مثل هذا الربط شيئاً من الاستغراب، المشوب ببعض الغموض. لذا لا نستبعد أن يحاول البعض منا التقليل من أهمية هذا البعد المعرفي، لكن من يرصد حركة واتجاه «الصناعة الرياضية»، بوسعه أن يكتشف، وفي سهولة، أهمية مثل هذا الربط وضرورته. لذا ربما أصبح الوقت مناسباً أن يشرع مجلس التعاون في البحث عن الصيغة المالية والقانونية الأفضل لتشييد أكاديمية الصناعة الرياضية، التي يمكن أن تبني قنطرة الدمج المطلوب تشييدها بين مخرجات التعليم، ومتطلبات السوق. للعلم فقد قامت الدوحة بخطوة عملية في هذا الاتجاه، عندما أسست منطقة «أسباير» (Aspire Zone)، والتي هي عبارة عن مجمع صحي وأكاديمي في آن.

ينبغي أن يتزامن كل ذلك، مع خطوة أخرى، وهو تشكيل لجنة خليجية «مونديالية»، ليس الهدف من وراء إنشائها، تهميش الدور القطري، أو تجريد قطر من حقها في الاستمتاع بما انتزعته بجهودها الذاتية، بقدر ما هو تحقيق تضافر جهود الدول الخليجية لتعزيز الخطوة القطرية، من خلال مدها بالبعد الإقليمي الذي تستحقه وتحتاجه في آن.

الخطوة التالية المطلوب التفكير فيها، هي التشارك الخليجي فيما ستولده فعاليات هذه المناسبة من فرص استثمارية تكاد أن تكون لا محدودة من حيث نسبة «الربح على الاستثمار (ROI)»، أو على مستوى عدد الاستثمارات التي ستنطلق على نحو مواز، زمنياً، خلال السنوات المقبلة التي تفصلنا عن بدء فعاليات المناسبة.

هذه الفرص اللا محدودة عددياً وربحياً، ربما تكون الإمكانات القطرية غير قادرة على استيعابها أو تلبية متطلباتها،. والأمر لا يتعلق، كما قد يتوهم البعض، مجرد توفير درجة عالية من الجاهزية في السيولة النقدية، التي على الرغم من أهميتها، لكنها تبقى عنصراً واحداً من عناصر مشروع مركب يحتاج إلى قائمة طويلة من العناصر المتفاعلة فيما بينها، تؤمن له مقومات النجاح التي ليس في وسعه الاستغناء عن أي منها. يكفي أن نبرز هنا مهمة ملء مدرجات الملاعب بالمشاهدين، في دولة لن يتجاوز عدد سكانها بحلول العام 2022، عدة ملايين، لن تستطيع أن تؤمن الحد الأدنى لعدد المشاهدين.

تقودنا دعوة التعاون هذه، إلى ضرورة أن يعيد قادة الخليج، وهم يحضرون بلدانهم للتعاون في مسيرة إنجاح ما حققته الدوحة، النظر في الكثير من القوانين والأنظمة التي تعيق أبسط أنواع التعاون بين مؤسساته القُطْرية، ومن ثم يمكن أن يكون مونديال 2022 دافعاً قوياً.

هذا العرض يبرر الدعوة لإضافة هذا البند الاستراتيجي على طاولة القمة الخليجية التي أنهت أعمالها في أبوظبي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3015 - الثلثاء 07 ديسمبر 2010م الموافق 01 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • مواطن مستضعف | 7:31 ص

      المقياس

      عوضاً عن كل ذلك ... أوَ لم يخطر ببالك يا أستاذي الفاضل ... ماذا سيلحق و يحلّ بدولة قطر الشقيقة الوادعة, من أضرار جسيمة تمسّ الإسلام, و تطعن الشارع المقدّس, وتبيح المحرّمات (كالخمر و العياذ بالله) و غيرها, كما أنّ "العدوّ الإسرائيلي" سيتلقّى الضوء الأخضر لزيارة "قطرنا الحبيبة" لسبب أو لدونه!!
      سؤال يطرح نفسه: ما قياس ذلك مادياً؟
      الجواب: لا شيء.
      -معنويا: هو كلّ شيء.
      مع وافر التحية

اقرأ ايضاً