دائماً ما تقوم أميركا بالطلب من باكستان بشديد الخناق على مقاتلي الحركات الإسلامية على حدودها مع أفغانستان، و يقول مسئولون ومحللون أميركيون إن أي تقييم أميركي للحرب في أفغانستان سوف يستشهد بمكاسب ملحوظة في الحد من قوة الدفع الطالبانية، لكن أي نجاح يعتمد بدرجة كبيرة على ما يحدث على الجانب الآخر من الحدود في باكستان.
ورغم الضغط المتزايد من جانب إسلام آباد على «طالبان» وتنظيم «القاعدة» والجماعات التابعة لهما في منطقة الحدود حيث تجد هذه الجماعات ملاذاً لتنفيذ هجماتها ضد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة والقوات الأفغانية، يعتقد المسئولون والمحللون إن هذا الضغط لم يبلغ مستوى يحد جدياً من التهديدات.
وقال المحلل بمنظمة الأمن العالمي، جون بايك: «لا أعتقد أن المرء يستطيع عمل شيء يثبت ويدوم على المدى الطويل إذا سمح للعدو بأن يكون له ملاذ». وأضاف: «لا يمكنك أن تسود في مواجهة عدو له ملاذ». وأجرى التقرير الذي نشر يوم الخميس الماضي تقييماً للتقدم الذي أحرز منذ أن حدد الرئيس باراك أوباما قبل عام استراتيجية جديدة لأفغانستان وباكستان وأمر إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. وكان جزء مهم من الاستراتيجية الجديدة هو تقوية العلاقات مع باكستان بمليارات الدولارات في صورة مساعدات عسكرية ومدنية للتدليل على الالتزام طويل المدى بتحقيق استقرار في المنطقة ، وبإقناع باكستان بقطع دائم لعلاقاتها التاريخية مع «طالبان» وقمعها. وخلص التقرير إلى أن التقدم في هذا الشأن كان «جوهرياً ولكنه غير متوازن». ورحب أوباما بتزايد التعاون الباكستاني وقال إن الولايات المتحدة سوف تواصل دعم جهود إسلام آباد ولكنه نبه إلى أن باكستان لا تزال تحتاج إلى عمل الكثير لاجتثاث جذور الإرهاب والتطرف على طول الحدود.
وقال: «إن التقدم لا يتحقق بالسرعة الكافية ولذلك سوف نواصل التأكيد للزعماء الباكستانيين أن الملاذات الأمنية للإرهابيين في نطاق حدودهم يجب التعامل معها».
ولا يزال المحللون يتساءلون عما إذا ما إذا كانت إسلام آباد سوف تقطع العلاقات مع «طالبان»، وهي الجماعة التي تؤيدها تاريخياً. وباكستان هي من حكومات قليلة اعترفت بنظام «طالبان» في أفغانستان قبل الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر/ أيلول العام 2001. وتنظر باكستان دائماً إلى الإبقاء على نظام صديق في أفغانستان حيث يمثل ذلك أمراً حيوياً لأمنها، لكنها تحتفظ بعلاقات مزعزعة مع حكومة الرئيس الأفغاني، حامد قرضاي. ومن ثم ينظر إلى «طالبان» في إطار سياسة تأمين إذا ما انهارت الحكومة الحالية في كابول حسبما يقول المحللون.
وقال الخبير في جنوب آسيا في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، دانيل ماركي :»إن السبيل الوحيد لإقناع قادة باكستان بتغيير المسار سوف يكون بتوضيح أن الولايات المتحدة جادة بشأن تحقيق استقرار دائم في أفغانستان».
وقال ماركي على موقع مركز الأبحاث على شبكة الإنترنت أن الإطار الزمني الخاص بواشنطن المؤكد في التقرير والقاضي بتخفيض الوجود الأميركي بداية من يوليو/ تموز وإسناد مسئولية الأمن إلى القوات الأفغانية إنما «يبعث برسائل مختلطة» إلى باكستان.
وأضاف ماركي إن الباكستانيين «سوف يفسرون هذه النتائج بنفس تفسيرهم لها في الماضي: إن الولايات المتحدة لم تهيئ بعد الظروف لتحقيق أمن دائم في أفغانستان، وأن واشنطن تتطلع إلى مخرج سياسي سريع لورطتها وسوف يكون على باكستان أن تواجه فوضى ما بعد الناتو في أفغانستان حيث السيطرة لمسلحيها بالوكالة». وهذا بدقة السيناريو الذي تحاول إدارة أوباما تجنبنه حسبما ذكرت وزيرة الخارجية ألأميركية، هيلاري كلينتون يوم الخميس. فقد اعترفت بأن الولايات المتحدة في العقود الأخيرة «كانت تنسحب في بعض اللحظات الحرجة».
العدد 3027 - الأحد 19 ديسمبر 2010م الموافق 13 محرم 1432هـ