العدد 2438 - السبت 09 مايو 2009م الموافق 14 جمادى الأولى 1430هـ

درسٌ طائفيٌ جديد!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من حقّ كتلة «الوفاق» أن تقول إن وزير الصحة فيصل الحمر انتحر سياسيا، وأنها هزمته 3/صفر! ومن حقّ الوزير أن يرد عليها بأن الاستجواب ضعيفٌ ومخالفٌ للدستور!

من المعقول أن يتلقى الوزير التهنئة من الوكلاء وكبار المسئولين في وزارته، ويعملون له «زفّة» حال خروجه من غرفة الاستجواب، لكن ليس من الطبيعي أن يعمل له نواب الكتل الأخرى (الأصالة والمنبر وما يسمى بالمستقبل) زفّة يحرصون خلالها على رسم ضحكاتٍ أُعدّت خصيصا للتصوير أمام الكاميرات.

لكن... هل ما حصل يوم الاستجواب غريب على هذا المجلس بتركيبته الطائفية المشوهة؟ ألم يكن ما حدث تكرارا مملا لسيناريو استجواب الوزير (...) العام الماضي؟ هل من جديد؟ ألم يبدأ نواب الكتل الأخرى الحرب على «الوفاق» منذ اللحظة الأولى لإعلان الرغبة في الاستجواب؟ ولماذا «يزعلون» إذا وصفهم أحدٌ بأنهم «نواب موالاة»؟ وهل هناك موالاة أشد من هذا الاستقتال للدفاع عن الحكومة؟

طوال حياتنا لم نجد سلطة تشريعية تتطوّع للعب دور المحامي عن السلطة التنفيذية؟ هل شاهدتم برلمانا يترك وظيفته الأصلية في الرقابة على الحكومة وتتحوّل بعض كتله إلى مناكدة كتلةٍ أخرى... كلّ جريمتها أنها تحاول أن تستخدم حقا دستوريا في محاسبة الوزراء؟

السيناريو لم يكن جديدا ولا غريبا ولا غير متوقع... حدث من قبل، وسيتكرّر حتما من بعد، فنظرية «وزيرنا» و»وزيركم» قد ضربت بأطنابها في أعماق النفوس، وأصبح من قواعد اللعبة أن استجواب وزيرٍ من أية طائفةٍ سيجعلها تستنفر للدفاع عنه، حتى أعمتنا عن البديهيات والأخلاق.

لم تعد المسألة حقا دستوريا يمارسه نواب الشعب للدفاع عن مصالح ناخبيهم، لحفظ المال العام ومحاربة أوجه الفساد المالي والإداري، وإنّما علينا النظر أولا إلى شخص المسئول، فإن كان «منا» فعلينا نصرته ظالما أو مظلوما، وعلى العكس إن كان «منهم»، فعلينا أن نشحذ الأسنة ونحدّ رؤوس الرماح!

كثيرا ما انتقدنا فيما مضى تلك الكتيبة العريضة من «كتّاب الموالاة»، المعروفة بتطوّعها الكامل في الدفاع عن كلّ ما تقوم به الحكومة من أعمالٍ وسياساتٍ، أما اليوم فنحن أمام حالةٍ نموذجيةٍ من انقلاب الصورة والأدوار، فيخرج وزيرٌ مستَجوَبٌ، محاطا ليس بأربعةٍ من وكلائه، وإنّما بأربعةٍ من النواب (سلف وإخوان ومستقل وما يسمى «مستقبل») الذين يرفعون يده عاليا، ليعلنوا الانتصار! يا لخيبة المسعى... ولبئس القرار!

لم نكن بحاجةٍ إلى إدانة الوزير أو براءته... لكنّا كنّا بحاجةٍ إلى فصل جديد ليكشف ما أوصلتنا إليه الطائفية السياسية، وتعرّي تجربتنا السياسية التي أثبتت للأسف ضعفها، وأن التشكيلة التي انتخبها الشعب، أبعد ما تكون عن الشعور بالمسئولية الوطنية، التي تفرض على الجميع وضع الأسس لمحاربة الفساد والحفاظ على المال العام. فتدهور خدمات وزارة الصحة يضرّ بكل البحرينيين، بغض النظر عن طائفة من يرأسها. فقبل ثمانية أشهر كنتَ تحتاج إلى 45 دقيقة من الانتظار حتى تحصل على الدواء من صيدلية مستشفى السلمانية، أمّا اليوم فتحتاج إلى ساعة و15 دقيقة من الانتظار.

لقد كنا بحاجةٍ فعلا إلى فصلٍ جديدٍ يعرّينا، فلا تشدّد «السلف» أفاد في التشدّد على بؤر الفساد، ولا انفتاح «الإخوان» أفاد في كشف مواقع الشبهات... دع عنك الهلاميات

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2438 - السبت 09 مايو 2009م الموافق 14 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً