العدد 3033 - السبت 25 ديسمبر 2010م الموافق 19 محرم 1432هـ

جامعة البحرين ... ودعم «الحرية الأكاديمية للطلبة»

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

حقاً... إنها لإنجازات ومشاريع نوعية نفتخر بها، والتي نسجها بأحرف من ذهب طلبة جامعة البحرين في معرض المشاريع والابتكارات الطلابية، والذي أُقيم في نوفمبر 2010م.

صحيفة «الوسط» كانت إحدى الجهات الإعلامية الراعية للمعرض، حيث تمَّ تخصيص سبع جوائز تقديرية بعدد كليات الجامعة «لأفضل مشروع إبداعي»، والمشاريع الفائزة تمثلت في الآتي:

أولاً: كلية تقنية المعلومات: فاز مشروع «الغواصة البيئية للمراقبة المستمرة للملوثات البحرية وصيد الأسماك عن بعد»، والذي حظي بدعم من مركز الإبداع الشبابي بالمؤسسة العامة للشباب والرياضة، وهو المشروع التقني الذي شارك في الملتقى العلمي الثاني عشر لشباب مجلس التعاون بدول الخليج العربية الذي عقد في سلطنة عمان في الفترة 23 ـ 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتتلخص فكرة المشروع في إيجاد حل مقترح لمشكلة تدمير البيئة البحرية الآخذ في التزايد، بسبب عمليات الردم بقصد التوسعة العمرانية، إضافة إلى مد الأنابيب المعرضة للتسرب، والتي تؤثر على الحياة البحرية وابتعاد الأسماك عن السواحل، ما يجعل الصيادين في اضطرار للذهاب إلى مناطق بعيدة، وتعرضهم للمخاطر المختلفة، من أجل جلب كمية من الأسماك، مع احتمالية أن تكون ملوثة وغير صحية.

ثانياً: كلية القانون: وفاز مشروع حول «النظام القانوني لعمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية»، و»الحق الأدبي لفنان الأداء».

ثالثاً: كلية الإعلام: إذ فاز مشروع برنامج (الشباب والجامعة)، وهو برنامج إذاعي في قالب إذاعة أسبوعية يتمُّ بثُّه عبر أثير إذاعة البحرين.

رابعاً: كلية التعليم التطبيقي: وتضمن فكرة المشروع الفائز «إعادة استخدام مياه الوضوء في المساجد».

خامساً: كلية إدارة الأعمال: وفاز مشروع «الخطة الإلكترونية المقترحة لجامعة البحرين، المتضمنة حلولاً تسويقية».

سادساً: كلية الهندسة: وفاز مشروع «تصميم وصناعة الفرن الأسمنتي الدوار»، إلى جانب الفريق الذي نفَّذ المرحلة الثانية من مشروع «العمل على آلية تغذية الفرن الأسمنتي الدوار».

سابعاً: كلية العلوم: وفاز مشروع «التحليل البكتيري لبعض الخضراوات الورقية المباعة في البحرين».

حتى الآن، فإن المعرض يمثِّل خطوة مهمة على المسار الصحيح، ونقطة تحول إيجابية، وعلامة بارزة على وجود رغبة حقيقية لدى إدارة جامعة البحرين في الارتقاء بالعمل الطلابي الخلاق والمبدع من جهة، ووجود ذهنية وإرادة طلابية منفتحة على مفردات الابتكار، ومتحررة من كافة ألوان قيود العمل الفردي من جهة أخرى، فقد شاهدنا أرقى صور العمل الطلابي الذي بدأ يلاحق المعرفة ليقارب بعض أسرارها، والذي تجسد في اشتراك مجموعة من الطلاب والطالبات من مختلف التخصصات العلمية والأكاديمية، لتحقيق إنجاز هنا وإنجاز هناك، وللتأكيد على أهمية وجدوى «التعلم التعاوني Cooperative Learning»، في جامعتنا الوطنية، والذي من شأنه خلق جوٍ من التنافسية لدى كليات الجامعة، لا على المستوى المحلي فحسب، وإنما على مستوى الجامعات الخليجية والعربية والعالمية.

لم نقف بعد على المحصلة النهائية للمعرض، كما لا يساورنا الشك بأن ما تحقق يعدُّ إنجازاً للبحرين قبل أن يكون إنجازاً لجامعة البحرين فحسب، لأن من شأن ذلك أن يعزز مكانة ومصداقية جامعتنا الوطنية، وفي الوقت ذاته دعوة صريحة إلى توجيه بوصلة التعليم العالي ـ الذي تعرض مؤخراً إلى هزَّات عنيفة ـ نحو توسيع هامش الحرية الأكاديمية للمزيد من الإبداعات الطلابية، بدلاً من تحويل الصروح الجامعية إلى دكاكين أشبه ما تكون بمطاعم «الفاست فود»!

والسؤال المطروح: كيف تُصنَّف بعض الجامعات على أنها من أرقى وأعرق الجامعات في العالم؟

وللإجابة عن هذا السؤال يكفينا الإشارة إلى أنها تلك الجامعات التي اتخذت من مفهوم «الحرية الأكاديمية Academic Freedom» شعاراً ومنهجاً لتحقيق أعلى معدلات التميُّز عالمياً، وذلك على المستويات الثلاثة: الطلبة، وأعضاء هيئة التدريس، والمؤسسة التعليمية في رسم سياستها الإدارية والتعليمية والمالية.

دعونا ندرس تاريخ أوروبا، وتحديداً أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، فإن التوجه نحو إصلاح التعليم العالي والجامعي كان عبر النافذة الأوسع، وهي «الحرية الأكاديمية»، كما واشتهرت الجامعات الألمانية بذلك، إذ تمَّ منح الامتيازات لأعضاء هيئة التدريس، والتي لا تمنح لغيرهم من الموظفين المدنيين، حتى غدت أعرق الجامعات الأميركية تنادي بالمطالب نفسها في نهاية القرن التاسع عشر، في الوقت الذي كان أساتذتها من الذين تخرَّجوا من الجامعات الألمانية، إلى أن أصبحت الدعوة إلى «الحرية الأكاديمية» في تلك الدول جزءاً لا يتجزأ من منظومة إصلاح التعليم بين الفينة والأخرى.

إن ترجمة مفهوم «الحرية الأكاديمية» كما أشرنا سابقاً، مطلوبة وملحَّة في هذه المرحلة من مسيرة التعليم العالي، فلا نهدف من خلال هذه الوقفة إلا إلى التأكيد على ضرورة البدء بتطبيقات مفردات هذا المفهوم، وقد بدأناه بالطلبة أولاً، ونتطلع مستقبلاً إلى مراجعة شاملة ومستمرة لأوضاع هيئة التدريس في جامعة البحرين، ومنحهم الامتيازات التي تليق بمهامهم ومكانتهم العلمية والأكاديمية المرموقة، من حيث الحصانة الأكاديمية، وإطلاق البرامج التدريبية والابتعاث إلى الخارج وفق مبدأ تكافؤ الفرص الوظيفية، والنظر بجدية في نظام الرواتب والحوافز، وتشجيع المبدعين منهم.

نؤمن بأن لـ «الحرية الأكاديمية» الدور الأكبر في الحراك الإبداعي بالدول المتقدمة، فليس تقليلاً من قيمة الشعر أو الأدب عندما تخصص جائزة بعنوان «التفرغ الإبداعي»، بقدر ما يهمُّنا الإجابة عن السؤالين الآتيين:

هل الحراك الإبداعي في المجتمعات المتقدمة هو نتيجة تفريغ مجموعة من الأدباء بعد نهاية الخدمة لإنتاج عمل معين مقابل مكافأة مالية، أم بوجود إرادة إبداعية، نابعة من وجود حرية أكاديمية؟!

وما القيمة المضافة من تفريغ شعراء وفنانين للعمل الإبداعي؟!

بينما نجد في المقابل قامات أكاديمية وطنية لها مشاركات بارزة ومشهودة في أشهر الدوريات والمجلات العلمية في العالم، وتتعاقد معها جامعات خليجية وعربية معروفة.

إن الأوساط الأكاديمية عندما احتفت وكرَّمت العالم أحمد زويل، بمنحه جائزة نوبل في الكيمياء في العام 1999، ليس لأنه كان متفرغاً للإبداع حسب مقاييسنا في الوطن العربي، وإنما للسقف العالي من الحرية الأكاديمية الممنوحة للطلبة في الجامعات الأميركية.

يجب النظر إلى «الحرية الأكاديمية» بوصفها حقاً أصيلاً من حقوق الإنسان، من جهة أنها حرية خاصة بأعضاء المجتمع الأكاديمي، ضمن ما بات يُعرف بـ «الحق في التعليم»، واتفاقية منظمة اليونسكو المناهضة للتمييز في التعليم سنة 1960م، ومواثيق حقوق الإنسان التي تؤكد على حرية الرأي والتعبير والتفكير وما إلى ذلك.

ولأن الحرية الأكاديمية مهمة في عملية التقييم، ضمن حزمة المؤشرات الدالة إحصائياً على حصول تقدم في سجل حقوق الإنسان، فقد أطلقت وزارة الخارجية الأميركية في 11 مارس/ آذار 2010 تقارير قطرية حول ممارسات حقوق الإنسان للعام 2009، وشمل التقرير 19 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما في ذلك البحرين، فقد أشار بوضوح إلى واحدة من نقاط القوة وهي أنه «لم تكن هناك قيود تفرضها الحكومة على الحرية الأكاديمية أو الفعاليات الثقافية».

أناشد رئيس جامعة البحرين الدكتور إبراهيم جناحي، الذي أكنُّ له كل الاحترام والتقدير، لتشجيع المزيد من هذه المبادرات مستقبلاً، وإقامة معارض مشابهة لأساتذة الجامعة، لتتكامل الحرية الأكاديمية للطلبة مع الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس.

يقول جبران خليل جبران «جميل أن تعطي من يسألك، وأجمل منه أن تعطي من لا يسألك، وقد أدركتَ عوزه»

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3033 - السبت 25 ديسمبر 2010م الموافق 19 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:16 م

      على الجامعة توظيف الكوادر الوطنية

      لن نتطور وترقى الجامعة إلا بتوظيف الكوادر الوطنية والأستفادة منهم ومن خبراتهم في مجال التعليم.
      فهم أمل المستقبل.

    • زائر 3 | 7:29 ص

      السؤال المهم

      السؤال هو إلى أين ستذهب هذه الإبتكارات ؟ بالطبع مصيرها خزانة الجامعة وصور بالفيس بوك وإنتهى
      ولكن أين الإستفادة منا؟

    • زائر 2 | 12:42 ص

      شكرا استاذ حبيب على الموضوع المتميز

      اتقدم بخالص الشكرا للاستاذ حبيب على الموضوع المتميز لان البحرين تملك الكثير من المبدعين والمبتكرين وهم يحتاجون للدعم وتسهيل امورهم ... نتمنى من حكومتنا الرشيد الاهتمام بمبدعيها وخاصة في المجالات العلمية والتقنية والعلوم الانسانية والاقتصادية . ونتمنى من جامعتنا الوطنية الاهتمام بالجانب الابداعي للطلبة ونشكر القائمين على المعرض كما نتمنى الاستمرار في اقامة المعرض في السنوات القادمة ... لان فئة المبدعين فعلا تستحق العناية والاهتمام لانهم يرفعون اسم البحرين بمختلف المحافل الدولية والعالمية ...

    • زائر 1 | 10:57 م

      المدارس وو الجامعة

      استاذ حبيب ركز على اللي تعرفه و هو المدارس و خلك من الجامعة للعارفين بأمورها .. تصنيف الجامعات موجود و يمكن تراجعه على النيت

اقرأ ايضاً