العدد 3037 - الأربعاء 29 ديسمبر 2010م الموافق 23 محرم 1432هـ

أزمة ساحل العاج... ابحث عن فرنسا

ابراهيم خالد ibrahim.khalid [at] alwasatnews.com

من بين الوثائق التي كشف عنها موقع «ويكيليكس» ادعى مسئولون في شركة «شل» النفطية العالمية أن الشركة «تعرف كل شيء فيما يتعلق بقرارات الوزارات في نيجيريا».

وقالت «شل» حسب تلك التسريبات إنها قامت بغرس متعاونين في جميع الوزارات الرئيسية في الحكومة النيجيرية، مما أعطاها الفرصة للاطلاع على كل تحركات السياسيين في دلتا النيجر في نيجيريا، وهي منطقة غنية بالنفط في البلاد.

ومن المعروف انه على رغم إنتاج نيجيريا لكم هائل من النفط الخام الذي يصب في السوق العالمي (تعتبر نيجيريا أكبر مصدر للنفط في إفريقيا وثامن أكبر مصدر للنفط في العالم) فان أعداداً كبيرة من النيجيريين يعيشون حالاً مزرية من الفقر تدفعهم في بعض الأحيان إلى كسر أنابيب النفط لسرقة الخام منها وغير خاف عن الكثير منا العديد من حوادث الانفجارات المهلكة التي صاحبت بعضاً من تلك عمليات النصب والتي يروح ضحيتها العشرات من الأنفس!

وبمثل ما تفعل «شل» في نيجيريا، حسب «ويكيليكس»، فان فرنسا كما يقول محمد البشير أحمد موسى في موقع «مسلم نت» تسيطر على ساحل العاج، التي تواجه خطر تجدد العنف واندلاع حرب أهلية حاليا، «بزرع عدد من المستشارين ـ كما يحلو للفرنسيين تسميتهم، وإنما هم في حقيقة الأمر مجموعة من «المرتزقة» ـ في كل الوزارات العاجية، وإدارة سياسة البلد حسب توجيهات باريس، فتخضع كلّ من وسائل النقل والمياه والكهرباء إلى مراقبة شركات فرنسية فيما تسيطر أخرى على القطاع المصرفي، بالإضافة إلى الشركات المسيطرة على الكاكاو والبن والخشب والنقل الجوي».

ويذكر البشير أن «ساحل العاج حققت - بفضل المسلمين الذين يشكلون الغالبية ويقطنون المناطق الشمالية - تقدمًا اقتصاديًا كبيرًا قبل الحرب الأهلية، التي اندلعت العام 2002- 2003، وبلغ معدل النمو نحو 6 في المئة وتفوقت البلاد في إنتاج الكاكاو حتى بلغ 40 في المئة من الإنتاج العالمي، لذا فأفضل خياراتها هو تأييد تسلم الحسن وتارا للحكم، مع سمعته الجيدة في مجال الإدارة الاقتصادية، وطواعيته لتنفيذ السياسات الغربية لاسيما الأميركية، فهو الصديق الأقرب لواشنطن بساحل العاج، منذ أن كان يعمل في صندوق النقد الدولي بتسعينيات القرن الماضي.

هذه المقدمة تجعلنا ندرك سر تأييد فرنسا في ظل حكم نيكولا ساركوزي القريب من الصهيونية العالمية لمرشح رئاسة مسلم لتولي زمام السلطة في ساحل العاج فيما تعارض بدعم دولي إفريقي تمسك رئيس ساحل العاج المنتهية ولايته لوران غباغبو بالسلطة بعد انتخابات 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

المحصلة تقول، بعيدا عن صدق أو كذب غباغبو بإعلان فوزه في الانتخابات، إن التقارب الأميركي الفرنسي الحالي يهدف إلى مواصلة السيطرة على ثروات ساحل العاج الزراعية وترك شعبها يرزح في حال البؤس الراهنة (ربع السكان البالغ عددهم نحو 20 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر الدولي من 1.25 دولار في اليوم) مادام هناك تجمعات إقليمية في القارة الإفريقية تعمل لصالح تلك القوى الغربية بادراك أو بدون إدراك لما تفعل وكلا الحالتين مصيبة.

الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «ايكواس» خير لها بدلا من إطلاق التهديدات بالتدخل العسكري في ساحل العاج أن تعمل العقل قليلا وتبذل الكثير من الجهد لجعل خيرات إفريقيا تصب لصالح شعوبها بدلا من جيوب الشركات المتعددة الجنسيات التي هي السبب المباشر في خلق القلاقل والاضطرابات في دول القارة من اجل استمرار السيطرة على ثرواتها وشعوبها بدعم واستغلال نفوذ بعض السياسيين الذين باعوا أنفسهم للمستعمر السابق لمصالح خاصة تبتعد بشكل تام عن الروح الوطنية.

ومن اللافت أن حفل التنصيب الذي أقامه غباغبو لتسلم الولاية الجديدة حضره سفيران فقط، حسب مصدر دبلوماسي في غرب إفريقيا، وهما السفير اللبناني ويبدو أن الآخر، الذي لم يحدده، من دولة عربية أيضا. والسؤال هنا لماذا وجد غباغبو تعاطفا من السفير اللبناني والإجابة تقول إن هناك عددا كبيرا من اللبنانيين يعمل في ساحل العاج عانوا المضايقة من المخابرات الفرنسية والإسرائيلية بزعم أنهم يساندون حزب الله اللبناني تصور!.

ويذكر هنا أن المسلمين بمن فيهم اللبنانيين في ساحل العاج عانوا خلال السنوات الماضية من سياسة التهجير وعدم الاعتراف بجنسيتهم عقب مغادرتهم البلاد خلال الحروب الأهلية وعانى وتارا نفسه من عدم الاعتراف بجنسيته في مرحلة سابقة من مراحل الانتخابات. فلماذا تسانده فرنسا والغرب والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حاليا؟

وضع غباغبو النقاط فوق الحروف عندما تحدث مؤخرا لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية عن «مؤامرة» تقودها فرنسا والولايات المتحدة لإبعاده عن السلطة. وقال «إنهم خصوصاً سفير فرنسا وسفير الولايات المتحدة، ذهبا لاصطحاب رئيس لجنة الانتخابات المستقلة، يوسف باكايو إلى فندق الغولف حيث مقر قيادة خصمي» وتارا.

وأوضح أنه وبينما كان رئيس اللجنة الانتخابية في الفندق «وحيداً، وهنا الخطورة، بلغني أنه قال للتلفزيون إن خصمي انتخب رئيساً. وفي الأثناء كان المجلس الدستوري يعمل ويقول إن غباغبو انتخب رئيساً».

وأضاف «انظروا إلى خريطة إفريقيا، انظروا أين يجري هذا الأمر بشكل جيد نوعاً ما أو بشكل سيئ نوعاً ما حيث لا تجرى أبداً انتخابات. إذا كانوا يريدون الحرب في كل هذه الحالات فأعتقد أن إفريقيا سوف تتزعزع بالحرب».

وكما كشف غباغبو للصحيفة انه «خلال اجتماعات الدول الإفريقية، كان ممثلو الدول الغربية بأعداد كبيرة في كواليس الاجتماعات الإفريقية. كما كانت الضغوط كبيرة جداً». فإلى متى يتكرر هذا السيناريو في القارة السمراء ومتى تنزاح الغشاوة عن أعين القادة الأفارقة؟

إقرأ أيضا لـ "ابراهيم خالد"

العدد 3037 - الأربعاء 29 ديسمبر 2010م الموافق 23 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:47 ص

      الخبائث

      رباعي الخبث الدولي اسرائيل و امريكا وبريطانيا وفرنسا دسائس في دسائس طوال تاريخيهم

اقرأ ايضاً