منذ بضعة أشهر، لم يحالفني الحظ في أحد مطارات أوروبا؛ إذ جلست منتظراً لفترة طويلة. لم يكن السبب ثوران بركان، أو مخاوف أمنية أو مشكلة درامية، إنما لمجرد التأخير الروتيني المزمن الذي يواجهه الكثير من المسافرين.

لست في صدد تسمية المطار، ولكن بصراحة، قد يكون واحداً من بين العشرات من المطارات الرثة والمعتمة والمكلفة التي تفتقر إلى لوحات المعلومات ومملة لدرجة الألم؛ ما يزيل متعة السفر ويلغي فوائده السبعة الذي طالما كان متعة بحد ذاته، وليس الوجهة المقصودة فقط.

ومن بعد شهر، تكررت حادثة التأخير الروتينية وبقيت منتظراً في مطار دبي الدولي لبضع ساعات إضافية. إلا أن الفرق بين المطارين كان هائلاً؛ إذ كان المبنى نظيفاً وحديثاً، والمكان بأكمله يضج بحيوية المسافرين، وما أثار إعجابي، مدى الاهتمام البالغ بالتفاصيل الذي توليه الإمارة لتبرز كمركز سفر عالمي لا يستهان به. والحق يقال، يمثل مطار دبي الدولي واحداً من أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، وقد شهد هذا الإقبال دون حاجته للجوء إلى «مصنع الركاب»، النموذج السائد في أوروبا والولايات المتحدة. وتحتاج منطقة الشرق الأوسط إلى الإقتداء بدبي مثالاً، إذا أرادت أن تصبح المركز الأكبر للسفر في العالم، وأن تكون مفخرة رائعة نعتقد في أماديوس أن نشهدها بحلول العام 2025.

إلا أنه يوجد عدد من العوامل تعمل مجتمعة على إعاقة تحويل هذا الطموح إلى حقيقة واقعة؛ إذ من المتوقع أن يتضاعف عدد السياح القادمين إلى المنطقة ليبلغ 136 مليوناً بحلول العام 2020، وخاصة في ظل المنافسة الصحية التي تشهدها كل من مصر وعُمان والإمارات العربية المتحدة ولبنان وقطر والأردن، وغيرها من الوجهات المتنافسة لجلب الزوار. ولكن ليست الوجهة فقط هي من تستطيع إبراز جمال المنطقة.

جغرافياً، تتمتع منطقة الشرق الأوسط بموقع ممتاز يمكنها من الاستفادة من القوى الاقتصادية الصاعدة في الهند والصين، وغيرها من الاقتصادات الناشئة في الشرق، كون منطقة الشرق الأوسط تربط بين عدة وجهات عالمية رئيسية عبر رحلة واحدة، أكثر من أي مركز آخر.