العدد 3045 - الخميس 06 يناير 2011م الموافق 01 صفر 1432هـ

مقالب الولد الشقي!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أول مرّةٍ قرأت فيها مقالاً للكاتب الساخر محمود السعدني في منتصف الثمانينيات، في عددٍ قديمٍ من مجلة «الدوحة» القطرية، يستهله بالاعتراف بأنه سُجن ثلاث مرات: مرةً لأنه كان ضد الحكومة، ومرةً كان مع الحكومة، أما المرة الثالثة فلم يكن مع الحكومة ولا ضدها... ومع ذلك سجنوه!

في السنوات اللاحقة، حرصت على اقتناء عددٍ من كتبه التي يستعرض فيها حكاياته المرّة في الحياة، «الولد الشقي في السجن»، «الولد الشقي في المنفى»، و «ملاعيب الولد الشقي». وبعض كتبه تكفيك قراءة عناوينها لتضحك، مثل «الموكوس في بلاد الفلوس»، و «السعلوكي في بلاد الافريكي»، و «أمريكا يا ويكا»، و «ابن عطّوطة» (حيث تشم في الأخير رائحة ابن بطوطة)! وله كتاب «حمارٌ من الشرق»، ربما يعارض فيه توفيق الحكيم الذي كتب «عصفورٌ من الشرق»... ولو كان في دولةٍ أخرى لقال بعض كتّابها ممن لم يسمعوا بعد عن الكتابة الساخرة بأنه «يتطنّز عليه»! أما في مصر فيقول عنه كامل الشناوي: «يخطئ من يظن أن السعدني سليط اللسان فقط، بل هو سليط العقل والذكاء أيضاً».

في إحدى السنوات، كتب مقالاً بعنوان «النائب وأنف الحاقدين»، ابتدأه بسؤال: لا أدري كيف سمح وزير مسئول لنفسه بالنطق بهذه الكلمات التي اتسمت بالجليطة وقلّة الذوق؟ كلمات منفوضة بالغرور والتعالي وعدم المبالاة»؟

ويضيف: «الكلمات التي أقصدها هي التي نطق بها الوزير سيد مشعل، الذي أصبح نائباً من نواب الشعب عن دائرة حلوان, وقد نطق الوزير بها في ندوةٍ بأحد المعاهد, قال لا فض فوه: (أنا أشهر نائب في البرلمان, لأنني أصبحت نائباً بالرغم من صدور 6 أحكام ضدي... ولكني وبالرغم من كل شيء ها أنذا أصبحت نائباً رغم أنف الحاقدين)». فالنائب المخضرم يتفاخر بأنه وصل للبرلمان رغم كل القضايا المرفوعة ضده، ورغم الأحكام القضائية التي منعته أصلاً من الترشيح!

في كتاباته، يعرض السعدني مغامراته في الحياة وحكاياته في الصحافة، ويقول: «رغم الظلام الذي اكتنف حياتي، ورغم البؤس الذي كان دليلي وخليلي إلا أنني لست آسفاً على شيء، فلقد كانت تلك الأيام حياتي».

في إحدى المرات، كتب مقالاً صغيراً من 250 كلمة، عن أحد الوزراء الذين تجاوزوا سن التقاعد بعقدين ولم يُحل للمعاش، فردّ عليه برسالةٍ من 2500 كلمة، تغطّي صفحةً كاملةً من الصحيفة، يعني ردّ على كل كلمةٍ بمئة كلمة، وطالب بنشرها على الصفحة الأولى أو الأخيرة، من باب حق الرد! وحاول في الرسالة أن يثبت حاجة الجمهورية الماسّة إلى خدماته، حيث لا يوجد خبيرٌ زراعي آخر في مصر كلها غيره يمتلك نصف مؤهلاته، مع أنه كان قد مضى على تخرجه من جامعة فؤاد الأول سبعون عاماً!

إحدى مشاكل السعدني كانت تحدث مع بعض زملائه الذين تحوّلوا من مهنة المتاعب إلى دواوين الوزارات لتولّي كتابة الردود نيابة عن الوزراء المقصّرين في أعمالهم. وبعضهم كان مبتدئاً ويعاني من ضعفٍ في الاستيعاب وركاكةٍ في التعبير، فيقرأ المقالات ويفهمها بالمقلوب!

يقال إنه سبب وفاته رحمه الله، أنه كتب ذات مرةٍ مقالاً يؤيد فيه سياسة وزير الزراعة في توزيع البذور والسماد على الفلاحين، ولكنه تفاجأ في اليوم التالي بوصول ردّ سطحي، فأصيب بنوبةٍ من الضحك، وكان آخر كلمة تلفظ بها: «ايه ده، دول ميفهموش عربي خالص، منين جايبينهم؟ من الكونغو برازافيل»؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3045 - الخميس 06 يناير 2011م الموافق 01 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 8:53 ص

      هه

      للأسف تمللت واني اقرأ

      وادري انكم ما بتحطوووون تعليقي :)د
      وع

    • زائر 17 | 12:38 م

      زائر واحد خذ..هذا المثال,مثلاً..

      مع احترامي لك أخي الزائر رقم واحد,إلا أنك بالضبط من ضحايا (السعدني) و(قاسم حسين) الذين يُظلمون حين لا يُفهمون.
      أما السيد قاسم فأقول له :البعض يسجن لأنه يهاجم الحكومة لكن البعض قد يسجن لأنه يمدح الحكومة!!تماماً مثل السعدني.!!
      الجدحفصي الحكيم..

    • زائر 16 | 10:15 ص

      الى زائر رقم 11

      السيد قاسم حسين وقع كغيره على ميثاق الشرف للكتابه الصحفيه والتزم به حرفيا ومهنيا بينما الاخرين وبعضهم ممن دعا وشدد على ذلك الميثاق هم اول من نقض العهد الذى اصبح مجرد حبر على ورق ولا ندرى متى سيعود سيدنا الى سابق عهده

    • زائر 15 | 10:06 ص

      مثقف يسموني دودة كتب

      اتفق مع الاخ القاريء عكراوي، لكن أحب اضيف ان فن الكتابة الساخرة من اصعب الفنون، وقليل جدا جدا من كتابنا يجيدونه. والمشلكة ان الكاتب الذي يجيده يصطدم بحواجز اجتماعية وسياسية كثيرة، فكثيرين يفهمونه غلط وبالمقلوب كما ذكر صاحب المقال. يمكن ملاحظة ذلك سواء من ردود الوزارة أو من رد زائر رقم 1 على سبيل المثال. ربما نحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتقبله الوضع، كما في لبنان او مصر او حتى الكويت. بقية الدول العربية محرم فيها هذا اللون من الكتابة وربما البحرين هي في نقطة الوسط.

    • زائر 14 | 5:17 ص

      مقال موفق

      أسجل أعجابي وأحترامي الكبير لهذا المقال الرائع ،،، قاسم حسين لم أعد أقرأ له كما كان سابقا والسبب تغير مواقفه في الكتابة ولم يعد قويا كما في السابق ، سابقا كنت أشتري الجريدة يوميا لقراءة مقال قاسم حسين وأما الآن اقرأه ولكن بدون حماس والمقال ينقصه الكثير وعلى الأخ العزيز قاسم حسين أعطاء المقال روح،وعليه ان يكتب بجرأة عن مأساة المواطن البحرينيي وما يعانيه من سوء حال،،أتمنى ان تكون المقالات لصالح المواطن لأجل الوطن،،، من أجل العيش سواسية في ولا فرق بين سني وشيعي وعجمي ، وعليك ان تحارب التجنيس

    • زائر 13 | 3:32 ص

      هلا

      ما تجوز عن سوالفك سيد ترى في من يترقب مقالات الوسط ليملا بها عموده بكمات مضحكة

    • زائر 12 | 3:11 ص

      لنكون حضاريين

      ولنفرض بأن زائر رقم 1 ما أدرك المغزى والإسقاط ، هل يستحق كل هذا الذم، الرجل لم يكفر ، يجب أن ننوه له باسلوب راق فيه الكثير من الذوق بدل ما ننعته بأوصاف لا داعي لها، وهانحن العرب وبالذات البحرينيين نصلح شيء ونخرب شيء آخر
      عكراوي

    • زائر 11 | 3:08 ص

      حلو الاسقاط

      مقال به اسقاط على الوضع هنا، ولكن في قالب رائع للغاية، ومحمود السعدني رحمة الله عليه من أفضل الكتاب الذين أثروا في بناء تفكيرنا ونضجنا الثقافي، طبعا ً أفضل كتبه على الإطلاق مسافر ع الرصيف لأنه ينضح بالرقة والإنسانية والسخرية المرة ويتضمن تجارب مؤلمة لاسيما مرض أبنته (هالة) وله كتاب آخر يتناول فيه رحلته للخليج في عام 69 ودخوله البحرين مع فريق الاسماعيلي الزائر وهو متخفي في شخصية أخرى ولكن نسيت اسم الكتاب. أحس هناك شبه من بعيد بين قاسم والسعدني من أول ما قرأت لقاسم.
      عكراوي

    • زائر 10 | 2:17 ص

      الى زائر رقم 1

      أعلاه اسم كتاب يناسب مداخلتك

    • زائر 9 | 1:53 ص

      صح النوم

      يبدو انك انت مازلت نايم يا زائر 1، صح النوم وبعدين تكلم، ترى سيد قاسم يتكلم عن البحرين وانت مو عارف السالفة.والانسان اذا مو فاهم شيء الافضل له يسكت وينتظر لكي يفهم، مو يطب ويهدر ويكشف عن جهله. فلعلمك السيد كتب قبل يومين عن احدى الوزارات يمتدح موقفها من معارضة لرفع اسعار الاسمنت، لكنهم فهموا انه ينتقدهم، فكتبوا رد سطحي مضحك واكيد القراء يعرفون السالفة زين، وانت بعدك ما صحصحت.

    • زائر 8 | 1:44 ص

      ضربة معلم

      يبدو ان بعض القراء يا سيد نفس موظفي العلاقات العامة في الوزارة التي تقصدها، ما يفهمون شيء عن المقالات ويفهمونها بالمقلوب. فالزائر رقم واحد يفكر انك تكتب عن مصر، لكن الرسالة وصلت لمن يعنيهم الامر، فأنت تكتب في الصميم. بس انتظر رد بكرة من الوزير المقصود مكوّن من 2500 كلمة، واكيد راح يطالبكم بنشر الرد على الصفحة الاولى!!!!! ضربة معلم، بس يريد من يفهمك.

    • زائر 7 | 1:07 ص

      والله مقالبك سيدنا اشد شقاوة من السعدني

      وللمسئولين الذين بالوزارة الذين جيء بهم من جزر الهنبه ان يدركوا مع من يتسلل ردهم الاسمنتي حين يمتزج طحين ذهنيتهم بملحك المر ياسيدنا ويعطيك العافية على سخريتك الجمعوية الصباحية كي نتنسم من شهر النحوسة"صفر" ضحكة نبتسم من خلالها( وياشديد القوي .. وياشديد المحال, ياعزيز -ياعزيز -ياعزيز أني كنت من الظالمين..الخ) وجمعة مباركة ويبعد عنا وعنكم نحس هذا الشهر بتلاوة الدعاء عشر مرات يوميا وسلام لك سيدنا- ابوعلي

    • زائر 3 | 10:28 م

      محمد أبو احمد


      يتبع. وأما رد الأمس فهو النكتة الكبرى وبالذات عدم المأمك باللغة وأحسبهم يقصدون لغة الكونغو طرابيل فهي عصيه عن الفهم. وحقيقية أتمنئ خيرا اليوم فقد اضحكتنا ياسيد ومالك حل أبدا

    • زائر 2 | 10:20 م

      محمد أبو احمد

      هههههههه فعلا يا أستاذ فقد حاولت قراءة مقال الانتفاضه أكثر من مره علني أجد مايسئ للوزاره ولم أجد شيئا ولكن أنت أساس المشكله فهم لم يتعودو منك على المديح فطنو انها من باب السخريه وأما مقال اليوم فهو ابداع أنامل أصيله تعزف الحانا سياسيه قاتله ويعطيك طول العمر

    • زائر 1 | 9:46 م

      قصص مثلا؟

      قصص ما قبل النوم؟
      البحرين فيها الكثير لتكتب عنه استاذي العزيز
      اكتب عن الاقلام المأجورة في بعض الصحف
      اكتب عن الشخصيات التي تزعج الناس بنباحها و نعيقها

اقرأ ايضاً