العدد 3047 - السبت 08 يناير 2011م الموافق 03 صفر 1432هـ

حصاد الأسبوع الأول من 2011

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل كان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري متفائلاً أكثر من اللازم، حين صرّح الأسبوع الماضي، انه مهما كان العام 2011، فلن يكون أسوأ من العام 2010؟

إذا استمر العام الجديد على نفس حصاد الأسبوع الأول، فإنها ستكون سنةً تأكل اللحم وتهشم العظم! ولنبدأ من لبنان، حيث قدّم وزير العمل بطرس حرب مشروعاً يمنع بيع الأراضي بين اللبنانيين من طوائف مختلفة. وحين اعترضوا عليه لما يخلقه هذا المشروع من حواجز بين أبناء الوطن الواحد، أجاب: «بالعكس، فهذا المشروع لن يتسبب في إقامة غيتوات، بل سيحقق مزيداً من الاندماج والتعايش بيننا»! وهو كلامٌ لا تدري أيضحكك أم يبكيك، خصوصاً أنه يريد أن يُجرّبه لفترة مؤقتة (15 عاماً فقط)، ثم سينظر ماذا سيحدث، كأن الشعب اللبناني حقل تجارب لنظريات الانعزاليين!

في مصر استهل العام الجديد دقائقه الأولى بتفجير كنيسةٍ، يُشم منه رائحة «الموساد»، واستغرق الأمر أسبوعاً حتى تهدأ النفوس، بعد أن كادت تتحوّل إلى فتنةٍ بين الأقباط والمسلمين. وهو تفجيرٌ جرى التمهيد له مبكراً، بصدور بيانٍ مريبٍ قبل شهرين «منسوبٍ» للقاعدة في العراق (لا يمكن التحقق من صحته لأن الفاعل لن يكشف لعدوه عن خطته)، يعلن استهداف الكنائس المصرية. ولم نفهم القصد إلا حين جرى التنفيذ ورأينا مفاعيله، وأدركنا كيف تقوم المخابرات بأعمالها بإتقان.

إلى الجنوب، تنتظر أكبر دولة عربية قرار التقسيم، بمباركةٍ أميركية، وفي ظل حديثٍ متزايدٍ عن كلفة الانفصال وماذا قُدّم من صفقاتٍ لإنجاحه، أولها رفع اسم النظام عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، بينما يجول الرئيس ملوّحاً بعصاه، مبشراً بتطبيق الشريعة، وبزوغ عهدٍ جديدٍ من الثورة! ولو كان في قارةٍ أخرى لطالبت الجماهير باستقالته تمهيداً لمساءلته على ما انتهت إليه سياسته من تقسيم البلاد التي أقسم على حمايتها ووحدة ترابها.

هذا في وادي النيل، أما في المغرب فقد فاض الكأس وبدأ يقذف بالحمم. ففي الجمهورية الأولى أدّى انتحار شاب جامعي عاطل، مُنع من التكسب ببيع الخضروات على عربته، إلى تفجير موجة عارمة من الغضب، امتدت لولايات أخرى، سقط خلالها قتلى وجرحى. وتوعد الرئيس المتمردين العصاة بالعقوبة المغلّظة، وإن عاد قبل يومين مبشّراً بمد مشاريع التنمية للمناطق المهمشة منذ عقود.

تكرّر المشهد الغاضب في الجمهورية الثانية مع مطلع العام الجديد، بعدما أدت قرارات الحكومة إلى ارتفاع الأسعار. ولا تخلو نشرات الأخبار هذه الأيام من أخبار المظاهرات والمصادمات في هاتين الجمهوريتين اللتين لم تهتديا إلى سياسةٍ أخرى غير زيادة الأسعار على الشعب، الذي يعاني من نسبة بطالة تصل إلى 14 في المئة، وهناك دولٌ أخرى مازالت تفكّر برفع الدعم عن السلع دون اكتراثٍ بما يعنيه ذلك من نشر مزيدٍ من البؤس وزيادة أعداد الفقراء.

النظامان استطاعا تفريغ الساحة تماماً من المعارضة، فلم يعد يُسمع إلا صوت الحكومة، التي لم يعد يثق بها الناس. وأسكِتَت الصحافة المستقلة، وأتيح المجال للصحافة التابعة الرديئة لاستفزاز مشاعر الناس، فانتهى الأمر بنزولهم للشارع كالسيل العرِم، في حركةٍ جماهيريةٍ عفويةٍ يصعب اتهامها بالانقلاب أو العمالة للخارج!

الصحافيون المستقلون في شمال إفريقيا يقولون إن ما جرى كان متوقعاً وطبيعياً، بعدما وصل النظام إلى درجة لا تصدق من الاستهتار بمشاعر الناس ومستقبلهم ولقمة أطفالهم، مع انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية وتغلغلها في أجهزة النظام، حيث وصفتها وثائق «ويكيليكس» بأنها «عصابات مافيا».

قديماً... وفي لحظة تاريخية عصيبة، وقف الإمام علي (ع) في أخريات أيامه وهو يرثي لحال عاصمته الكوفة، التي كانت تُؤذِن بالدخول في مرحلةٍ من الموت الحضاري، ليخاطبها: «إن لم تكن إلا أنتِ تهب أعاصيرك فقبّحكِ الله»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3047 - السبت 08 يناير 2011م الموافق 03 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 9:51 ص

      رصد مهم

      انت ود منصور ترصدون أهم الاحداث التي تجري على الساحة الدولية التي قد تمثل مرحلة جديدة غير التي نعرفها، خصوصا في العالم العربي. انها حركة شعوب راهنوا على تنويمها طويلاً.

    • زائر 17 | 7:31 ص

      اختك مثلك

      قدّم وزير العمل بطرس حرب مشروعاً يمنع بيع الأراضي بين اللبنانيين من طوائف مختلفة. واعترضوا عليه لما يخلقه هذا المشروع من حواجز بين أبناء الوطن الواحد، ألا يذكركم ذلك بما حدث في بعض المحافظات عندنا حين منع المواطنون من شراء أراضي فيها؟

    • زائر 16 | 5:54 ص

      الشواهد

      هذه الشواهد وشواهد أخرى تشير إلى أن الإنسان اليوم في تخبط لعدم وضوح الرؤية. وعقلية الأمس لا تستطيع حل مشاكل اليوم. فقد تعقدت الأمور أكثر مع بداية القرن الحالي ، وأصبح جلياً بان العبث مع الطبيعة لا يحل المشاكل المترتبة من عدم قدرتنا على حلها فتدمير الطبيعة بحجة الاستثمار تارة وخلق وظائف تارة أخرى لا يجدي بل يخلق مشاكل بيئية لا يستطيع الإنسان حلها. حلول عرجاء لا تتوافق والعصر الحديث. إذا ما ذا يريد الإنسان؟ ومن أين يبدأ؟ و إلى أين يريد؟

    • زائر 15 | 5:01 ص

      متابع جيد للصحافة

      تعرف ليش الكتاب يلمّحون؟ لأن اللبيب بالاشارة يفهم. ثانياً: لأنك تكتب وتهرب، ما احد يعرفك بينما الكتاب محاسبين على كل كلمة يكتبونها ويهددونهم بأنكم محرضين، بينما انت قاعد في بيتكم وتكتب دون ان تتحمل حتى مسؤولية كلامك. ثالثاً يجب ان نعرف الصحافة تتراجع مع الايام مع زيادة الضغوط، ولا تحرق النار الا رجل واطيها. ورابعاً: تقول للسيد: قولها بكل صراحة ليش خايف؟ هل قصر قاسم واخوانه الكتاب المخلصين القلة، بس عندنا بربرة زايدة. خلوهم يكتبون اللي يقدرون عليه لا تطفشونهم وكفاية اللي تسويه الحكومة.

    • زائر 14 | 3:40 ص

      ليش تلمّح؟ صرّح!

      ليش ما تكتب بشكل مباشر عن البحرين يا سيد؟ ليش لازم تحتاج انك تجيب أمثلة منّي منّاك عشان تلمح؟ قولها بكل صراحة ليش خايف؟ الحكومة ظالمة والمتهمين أبرياء والبلد كلها فساد ودعارة وتجنيس وبطالة ورشاوى واختلاسات وتضييقات على الحريات الدينية وطائفية وتمييز

    • زائر 13 | 3:31 ص

      مقال رائع

      مقال جميل ، نرجو من السيد كتابة مقال عن حادثة تعذيب المواطنين أمام مرأى نائب برلماني

    • زائر 12 | 3:17 ص

      مدرسة شبه عاطلة

      ترى زائر 6 المستمل مثله أمثال..يعني انهم يتعبون مخهم اشوي ويقرون ما بين السطور أبدا..
      صدقت يا زائر 9..نحتاج لتوسيع الأفق ..ويعني حتى لو ما كان عندنا مشاكل في البحرين..ألا يستحق منا العالم العربي والإسلامي دقائق معدودة لمعرفة الحمم الفائضة من الكأس على أقل تقدير؟؟

    • زائر 10 | 2:48 ص

      أحذر عدوك مره و صديقك ألف مره

      بارك الله فيك يا سيد ، عجبني تعبيرك بخصوص الوضع في المغرب (فاض الكأس و بدأ يقذف بالحمم) و أعتقد كأسنا هو الآخر سيمتلىء و يقذف بالحمم إن بقى الوضع على ماهو عليه . زائر رقم 8 كلامك صحيح إذا كان الإمام علي عليه السلام لم يستطيع التغيير في هكذا عقول و توجيهها التوجيه الصحيح و آذوه و ملئوا قلبه قيحا و ألم و أفسدوا عليه رأيه و عصوه حتى قال فيهم أقواله المعروفه فما بالنا بشخص عادي سواء نوري المالكي أو غيره ماذا يستطيع أن يغيير في هؤلاء .

    • زائر 9 | 2:23 ص

      افق ضيق

      الى الزائر المستمل :)
      السيد كلامه واااضح ومرتبط ارتباط وثييييق بالبحرين
      مافي شعوب مهانة ومستضعفة مثل شعوب المغرب العربي!!
      لكن لمن حقت حقايقها ما سكتوا
      والبحرين بعد بيصير فيها مثل الشي
      فقط وسع افقك وانت تقرأ لترى ما بين السطور
      وعليك بالعافية بقهوة الكوفي شوب من زائر 7

    • زائر 8 | 2:18 ص

      !!!!!!!!!!!

      If Emam Ali he can not control this people what about normal presdent for example Nory ALmaliky

    • زائر 7 | 12:48 ص

      زائر 6 مستمل

      انتون شنو امسوين علشان الناس تتكلم عنكم؟ خله يتكلم عن لبنان يمكن تتعلم المعارضة كيف تعمل سياسة وتقييم تحالفاتها على اساس وطني. وخله يتكلم عن لبنان علشان تعرفون معنى الكرامة والشرف. شنو قال استملينا ليش ما تتكلم عن البحرين. معتبرين نفسكم سياسيين بعد. ما عليك منهم سيد.عملك موضوعي ومحترم.(زائر 6 اذا مستمل روح كوفي شوب اشرب قهوة)

    • زائر 6 | 12:00 ص

      إلى متى يا سيد

      بصراحة يا سيد إستملينه من كلامك على لبنان وين الكلام عن البحرين؟

    • مازن البحراني | 12:00 ص

      سؤال لسيدنا قاسم

      سيدنا وهل يمكن ان نطبق قول الامام علي عليه السلام بشأن ا-ل-ب-ح-ر-ي-ن ؟
      «إن لم تكن إلا أنتِ تهب أعاصيرك فقبّحكِ الله»

    • زائر 5 | 11:37 م

      هذا هو حال عالمنا العربي اكثر من مبكي

      في كثير من دول العالم نشهد تطوير للأحسن ولو حدث انتكاسة في مجال معين فإن التطور الحاصل في المجالات الآخرى يغطي إلا عالمنا العربي كله يرجع إلى الوراء افتتحنا العام بمظاهرات في تونس وفي الجزائر وتقسيم للسودان وحال كل دولة عربية اسوأ من الأخرى وهو وضعنا في البحرين إلى الوراء
      أعتقد أن شعوب الوطن العربي كلها يجب تغييرها وتبديلها بشعوب أخرى لأن الشعوب التي لا يمكن إصلاحها يجب تغييرها لتواكب وتلائم وضع حكامنا الحكماء الأفذاذ النوادر

    • زائر 4 | 11:17 م

      ألا يتعظون؟

      وهناك دولٌ أخرى للأسف مازالت تفكّر برفع الدعم عن السلع دون اكتراثٍ بما يعنيه ذلك من نشر مزيدٍ من البؤس وزيادة أعداد الفقراء. الا يتعظون؟ ألا ياخذون الدرس من ما يجري للىخرين؟

    • زائر 3 | 11:03 م

      الى الوراء سر !!!!!

      غمضت عين النبى (ص) وجارو علينة ... يالله يالله يالله .... يا فرج الله ... يا غياث المستغيثين ...

    • زائر 2 | 10:51 م

      ا

      اقتراح للوسط تفتح موقع على غرار بي بي سي لجمع تواقيع او مداخلات لطلب اطلاق سراح جميع السجناء اطلاق هدنه على اساس الجلوس على طاوله الحوار ...مو البحرين تستاهل يا سيد

    • زائر 1 | 10:38 م

      أصبحت الشعوب مثل الألعوبة في أيدي "الأطفال".

      الله يستر من الأيام القادمة بما فيها من مشاكل إقتصادية دولية عظيمة و مدى إنعكاسها الكبير علينا في ظل عدم وجود إستغلال أمثل لكل المليارات على مدى عقود مضت..و كل هذا الفشل الإقتصادي يعاقب عليه المواطن المطحون في ظل سياسة شد الحزام و الإقتصاد نصف المعيشة و كل هذا الكلام عن شح الميزانية. يا إلهي ماذا فعلنا لنجني كل هذا.. لا أمان إقتصادي و لا أمان أمني...

اقرأ ايضاً