العدد 3052 - الخميس 13 يناير 2011م الموافق 08 صفر 1432هـ

من أجل صناعة معارض بحرينية مجدية (2 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كي تستطيع البحرين أن تنال حصتها من صناعة المعارض والمؤتمرات الإقليمية في حدودها الدنيا، بشكل حقيقي، كي تشكل رافعة مهمة في مشاريع التنمية، بما فيها تلك التي وردت، أو أشير لها بشكل ضمني، في رؤية 2030، لابد من توفر العوامل والمقومات التالية:

1. قرار حاسم وصريح من أعلى جهة في المؤسسات ذات العلاقة، ينطلق من رؤية واضحة، وقناعة راسخة بأهمية هذا القطاع، ودوره في تغذية الاقتصاد الوطني بعناصر جديدة تولد قيمة مضافة تمارس دورها في تعزيز موارد الدخل، وإنعاش المؤسسات التجارية والصناعية المحلية. مثل هذا القرار، ينبغي أن يكون شمولياً، بحيث، وهذه أهمية صناعة المعارض والمؤتمرات، يكون قادراً على زج جميع قوى المجتمع الضالعة في عمليات الإنتاج والتنمية، في مشروع وطني واحد يهيئ البحرين كي تكون إحدى الحاضنات المميزة لمجموعة مختارة من المؤتمرات والمعارض. حتى الآن، ورغم تصريحات المسئولين عن بناء مراكز مؤتمرات ومعارض متطورة، تستبدل القائمة اليوم، لكنها، كما تبدو من تلك التصريحات لا تعدو تشييد مجموعة من المباني العصرية، لا يتجاوز دورها، في غياب تلك الخطة الإستراتيجية التي نتحدث عنها، دور البؤرة الملفتة للنظر، أكثر من تلك القادرة على استقطاب الفعاليات الضخمة التي ينبغي أن يتعقبها ذلك القرار. ومن هنا فالبحرين اليوم، في أمس الحاجة إلى خطة محكمة تستند إلى مثل هذا القرار، الذي ينتشلها من واقعها ذي الإمكانات المحدودة المجيرة لتنشيط هذه الصناعة، إلى فضاء رحب يستند إلى خطة متكاملة تعززها إمكانات مالية، ودعم سياسي، لا مناص منهما.

2. تحديد القطاع الصناعي أو التجاري الذي ستخاطبه البنية التحتية الملائمة لصناعة المعارض والمؤتمرات، والمقصود هنا أن هناك فئتين متميزتين في تلك الصناعة، الأولى أفقية، وهي التي تخاطب مجموعة من القطاعات ذات العلاقة، مثل معارض الصناعة والتجارة التي تقيمها، في أحيان كثيرة، غرف تجارة وصناعة دول مجلس التعاون الخليجي، ومعظمها ذات خلفية سياسية تهدف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين: الدولة المضيفة، وهي التي يقام فيها المعرض، والأخرى المستضافة، وهي التي تملأ معروضاتها أجنحة ذلك المعرض، أما الفئة الثانية وهي العمودية، فهي تلك التي تقيم معارض متخصصة، مثل معارض الكتب، أو معرض تقنية الاتصالات والمعلومات (جايتكس في دبي)، و معارض السلاح (آيدكس في أبوظبي). لكل من هاتين الفئتين، متى ما أحسن اختيار المشاركين فيهما انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد الوطني. هنا ينبغي تحاشي العشوائية في اختيار القطاع المعني، أو اللهث وراء الكم في استضافة أكبر عدد من المعارض أو المؤتمرات. وسنضرب مثالاً حياً، من واقع البحرين، على الحالتين: السلبية والإيجابية. فمعرض مثل معرض الخريف، باستثناء استئجاره، وبمبلغ زهيد نسبياً المساحة التي تقام فوقها أجنحة العارضين، يصعب الحديث عن مردود إيجابي ملموس على الاقتصاد الوطني، في حين، أن معارض أخرى هو معرض «الجواهر العربية»، أو «المؤتمر الهندسي العربي»، أو «مؤتمر الشرق الأوسط للبنية التحتية»، وجميعها تعقد في البحرين، تولد الكثير من القيم المضافة للاقتصاد الوطني، وتشرك نسبة لا بأس بها من المؤسسات المحلية في تلك الفعاليات. وكلما أحسن اختيار القطاع، كلما تضاعفت القيمة المضافة التي يولدها، ومن ثم ارتفعت مساهماته الإيجابية في الاقتصاد الوطني، على الصعيدين: الخارجي، في قدرته على استقطاب الأفضل في القطاع المعني، والداخلي، من حيث إشراكه فئة مختارة من المؤسسات الوطنية القادرة على التفاعل مع القادمين من الخارج.

3. التسويق الذكي الفعال، ففي مجتمع اليوم فقد الكثير من أدوات التسويق التقليدية فعاليتها التي كانت تتمتع بها في السابق، فمع تطور نظم المعلومات والاتصالات، استحوذت محركات البحث من أمثال «غوغل»، والشبكات الاجتماعية من مستوى «فيسبوك»، على مساحة واسعة من مساحات الإعلان التي كانت تنعم بها وسائل التسويق من مجلات وصحف، بل وحتى محطات تلفزيونية. ومن هنا بات على الدولة التي تريد أن تتموضع كموقع دولي لصناعة المعارض والمؤتمرات، أن تعير هذه القنوات الإعلانية الجديدة ما تستحقه من اهتمام أولاً، وأن تحسن الاستفادة منها عبر طرق ذكية معاصرة ثانياً. وعندما نتحدث عن الاستخدام الذكي لقنوات التسويق المعاصرة تلك، لا يقتصر الأمر على العنصر المالي وحده، رغم عدم إنكار أهميته، لكنه يشمل أيضاً عوامل أخرى تتقن مهاراتها المؤسسات ذات العلاقة بها، مثل قنوات حجز الإعلان، وتوقيت بثه، وتحديد دقيق للفئات العمرية والاجتماعية والجندرية التي يخاطبها. قضية أخرى تثيرها مسألة التسويق الذكي التي نتحدث عنها، وهي أن تكون خطة التسويق تشمل مرافق البحرين جميعها، من فنادق، ومنتجعات، وفعاليات ثقافية وترفيهية... إلخ. فأي تسويق للفعالية بشكل مبتور، وبمعزل عن الأخرى التي أشرنا لها، تقلص من أهميتها، وتفقدها نسبة عالية من قدرتها على جذب المؤسسات العالمية ذات العلاقة.

4. تأهيل الكوادر المحلية المنفذة، والمقصود بها هنا تلك الكوادر التي ستضطلع بالأنشطة التي تحتاجها إدارة أجنحة الجهات العارضة، كي تكون قادرة على منافسة مثيلاتها من الجنسيات الأجنبية. مثل هذا التأهيل سيقلص من نفقات أصحاب الأجنحة استعانتهم بالموارد البشرية المحلية أولاً، وسيولد قيمة مضافة من خلال الدخول التي ستجلبها اليد العاملة ذات المهارات العالية ثانياً. وهذا يطرح ضرورة البدء في تأسيس معهد محلي يتولى هذه المهمة وبمقاييس عالمية، بعيدة عن ما تقذف به بعض اليوم بعض المعاهد المحلية في سوق عمل صناعة المؤتمرات والمعارض البحرينية.

كما أوردنا سابقاً، فإن صناعة المعارض والمؤتمرات صناعة حديثة ومزدهرة، وبحاجة إلى من يضع سياسة إستراتيجية ذات أبعاد طويلة المدى تؤهل البحرين للمنافسة في سوق تلك الصناعة الإقليمية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3052 - الخميس 13 يناير 2011م الموافق 08 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً