العدد 2441 - الثلثاء 12 مايو 2009م الموافق 17 جمادى الأولى 1430هـ

عريضة التجنيس... إلى أين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أطلقت ست جمعيات سياسية السبت الماضي «الحملة الوطنية لمناهضة التجنيس السياسي»، بتدشين التوقيع على العريضة النخبوية، في مقر جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي بمدينة عيسى، بحضور عددٍ من رؤساء الجمعيات والمحامين ورجال الصحافة والمهتمين بالشأن العام.

التجنيس أثار مشاكل كبيرة حتى الآن، وسيثير مشاكل وكوارث أكبر في المستقبل المنظور والبعيد. من هنا سيظلّ قضية تؤرّق المواطن البحريني، وخصوصا بعد أن بدأت تداعياته ومفاعيله تؤتي أكلها على الأرض وتظهر للعيان.

إطلاق العريضة سبقه مؤتمرٌ صحافي شارك فيه ممثلو جمعيات «وعد» و»الوفاق» و»المنبر التقدمي» و»التجمع القومي» و»أمل» و»الإخاء»، أكدوا فيه أن العريضة المناهضة للتجنيس تأتي ضمن برامج الجمعيات الثمان، التي ترى ضرورة إيقاف العملية، والعمل على بلورة رؤية وطنية توافقية بين جميع القوى السياسية والحكم، للخروج بقانونٍ للجنسية يحفظ للبلد هويته ومقدراته وأمنه ومستقبله، ويتفادى سلبيات التجنيس التي بدأت بطحن عظام البلد.

أول رد فعل من جانب الحكومة صدر عن سعادة وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وركّز فيه على قانونية التجنيس، الذي يتم وفق الشروط والضوابط، وأن التعامل مع التجنيس يتم بكل شفافية وموضوعية ووضوح. ردّ الوزير غلبت عليه اللهجة الهادئة، إلا أنه بدا وكأنه خارج السياق، بعد أن تجاوزته الأحداث على الأرض. فالموضوع لم يعد جدلية قانونية وإنّما أصبح كارثة أو نزيفا أصاب الوطن، بعد أن أخذت انعكاساته السلبية تهدّد جميع البحرينيين.

رغم كآبة الوضع وتعقّد هذا الملف، فإن هناك بارقة إيجابية في تصريح الوزير، بخصوص دعوة الجمعيات لقانون جنسية متوافق عليه، حيث دعا للعودة إلى البرلمان باعتباره السلطة التشريعية التي تمثّل الشعب قاطبة. وهي إمكانيةٌ مقبولةٌ ومرحّبٌ بها حتى عند الجمعيات الثمان، بل إن إبراهيم شريف (وعد) دعا الجمعيات الممثّلة بالبرلمان إلى التحرك لـ «حل هذا الملف حسب ما هو متاح لها من أدوات». في حين نقل عضو المنبر التقدمي (فاضل الحليبي) عن أحد النواب من غير الوفاق أن الجماعة يتداولونه ويرون ضرورة معالجته عبر قانون جنسية متوافق عليه، فالتجنيس ليس ضارا بطائفةٍ دون أخرى، بل أصبح كالمنشار الحديد.

اليوم لم يعد السؤال: هل التجنيس إشكاليةٌ قانونية أم لا، وإنما باتت تطرح أسئلة كبرى، عن مدى تهديده للهوية الوطنية، وتخريبه للنسيج الاجتماعي، فضلا عن الأضرار الاقتصادية التي أثقلت كاهل الدولة، فانعكست بجلاء على الخدمات التي تقدّمها تقليديا للمواطن، سواء في السكن أو الصحة أو التعليم أو تنمية المجتمع، وهي أمورٌ يلمسها ويكتوي بها الجميع.

التجنيس لم يعد جدلا قانونيا باردا بعد اليوم، فهناك استنزافٌ متسارعٌ للثروات والموارد المحدودة للبلد، بسبب إلحاق أعدادٍ ضخمةٍ من أبناء الجنسيات الأخرى بالجنسية البحرينية. وهي عمليةٌ تحمّل الاقتصاد الوطني أعباء إضافية لإعاشة هذه الأعداد الغفيرة من البشر، وإسكانهم وتعليم أبنائهم، ويكون ذلك حتما على حساب المواطن البحريني دون مراء.

يوم السبت الماضي، التاسع من مايو/ أيار 2009، سيُذكر في تاريخنا الحديث بإطلاق العريضة النخبوية المناهضة للتجنيس، يوم التقت شخصياتٌ وطنيةٌ تحمل الهم المشترك، من تياراتٍ سياسيةٍ ومشاربَ فكريةٍ مختلفة، على هدف وطني واحد، وهو دفع هذه الكارثة التي تهدّد حاضر ومستقبل البحرين بالضياع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2441 - الثلثاء 12 مايو 2009م الموافق 17 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً