العدد 3061 - السبت 22 يناير 2011م الموافق 17 صفر 1432هـ

لماذا لم ينتظر الشعب التونسي ثلاث سنوات أخرى؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

السياسة واحدة من المجالات التي تتطلب من ممارسيها امتلاك قدرات للاستعداد للأمور غير المتوقعة، لكن هذا الأمر يغيب بسهولة عن أولئك الذين يعتبرون السياسة مسألة حسابية، على نمطِ واحد زائد واحد. وفي العادة، فإن الذين يقعون في هذا الخطأ هم الذين يحجبون أنفسهم عن المحيط الذي يعيشون فيها، وتصبح علاقتهم بالناس وبالعالم الخارجي تمر من خلال طبقة نفعية يخلقونها بأنفسهم ويسلطونها على الناس... وهذه الطبقة النفعية تزيِّن لمن تستفيد منه ما يقوم به، وتسمعه ما يود سماعه، وتقلب الحقائق له بطريقة تنتهي بإلقاء اللوم على كل البشر في العالم ماعدا الجهة أو الشخص الذي استعان بهم لممارسة هذا الدور النفعي.

السياسي الذي يصل بطريقة شرعية إلى الحكم، ويخضع للانتخابات، وليست له علاقة بفساد، تكون لديه قدرة أكبر على الاستعداد ومواجهة الحوادث السياسية غير المتوقعة، وفي حال ازدادت الأمور سوءاً فإنه يترك الساحة لغيره، ويعود إلى أهله وحياته سالماً آمناً. أما السياسي الذي يمارس عمله «على رغم أنف» الدساتير والأنظمة والقوانين، ويصر على إخضاع المجتمع لسلطة الطبقة النفعية التي يخلقها من أجل تمرير ما يشاء، فإنه يعجز عن فهم مسار الحياة في بلاده أو في المحيط الذي يتحرك فيه. ولذلك، فإن الأحداث المفاجئة تأتي بنتائج مذهلة لمن يعتقد بأن التقارير التي تطبخها طبقته النفعية ستنفعه في توجيه الشأن العام بطريقة ما.

الأحداث الجارية في عالمنا العربي، وفي مناطق في مختلف أنحاء العالم، توضح لنا أن هناك أنواعاً من الساسة... نوع يدخل الساحة السياسية بسبب الإيمان بمبادئ، وهذا النَّوع من المفترض انه يسعى إلى خدمة الناس. وهناك نوع آخر وجد أن السياسة وسيلة لتعظيم الذات، وهذا النَّوع ينتشر أكثر في البلدان التي تفتقر إلى الديمقراطية، ويتحول هدف هذا النَّوع من السّاسة إلى المحافظة على موقعهم بأي ثمن، ويحيطون أنفسهم بطبقة من النفعيين (من الأقارب ومن البيروقراطيين والأجهزة الأمنية والعسكرية)، الذين يعمُون بصرهم ثم لا يعودون يرون ما يحدث في مجتمعاتهم ولا يستطيعون سماع ما يدور بين الناس.

ليست هناك مشكلة في المرور بمرحلة تقشُّف في أي بلد من ناحية المبدأ، فعدة بلدان متقدمة، من بينها بريطانيا، تمر حاليّاً بمرحلة تقشُّف وتطلب من شعبها أن يتحمل ذلك، وفي الوقت ذاته، فإن السياسيين يتقشَّفون أيضاً، ويمارسون ضبط النفس، ويقبلون النَّقد ويستعدون للرحيل من مواقعهم إذا فقدوا ثقة الناخبين. أما إذا رأى الناس أن الذين يدعونهم إلى التقشُّف وتحمل زيادة كلفة المعيشة إنما هم بعيدون عن التأثر بما يمر به الإنسان العادي، بل إن بعضهم يزداد في جني الثروات والإسراف في نمط الحياة (معتمدين في ذلك على المال العام) ، فإن الوضع يكون مختلفاً عندما تحدث أمور غير متوقعة.

لقد كنَّا ندرس في المدرسة قصة ماري انطوانيت (زوجة الملك الفرنسي لويز السادس عشر) في نهاية القرن الثامن عشر، التي ورد أنها استغربت لماذا لا يأكل أبناء الشعب الفرنسي البسكويت (الكعك) عندما قيل لها إن الخبز أصبح غالياً، وكانت غير مؤهلة وغير مستعدة لفهم ما يدور حولها. واليوم أيضاً نسمع حديثاً مماثلاً لماري انطوانيت، وذلك عندما استغرب الزعيم الليبي (بعد يومين من هروب زين العابدين بن علي)، قائلاً: «لماذا لم ينتظر الشعب التونسي ثلاث سنوات أخرى؟». الجواب يكمن في قصة ماري انطوانيت، وفي الأحداث التي عاصرتها

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3061 - السبت 22 يناير 2011م الموافق 17 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 33 | 8:40 ص

      هيبــــــــة ... الحــــــــق

      تركيز الوهم بسطوة القوة والجبروت،فتنتشر في الأجواء غيوم الفزع والخوف والتظليل والشعب التونسي من هذا كله ذاهلون،سكنوا على الضيم واستكانوا إلى الاستغلال.فلم الانتظار؟ها قد بلغ الشعب الرشد،وبإرادة منجزة واعية،تجلّت في عاصفة عاتية أرتجف من هولها الطاغية فأودته وبطانته إلى الهاوية(فدمدم عليهم ربهم بذنبهم)،هذا ولن تقف سطوة أمام هيبة الحق المستمدة من الإيمان بالحق نفسه،وهي أفعل في النفوس من السطوة الفانية القائمة على الظلم والعبث بالحقوق والاستهتار بالكرامات.كل الشكر للوسط ... نهوض

    • زائر 31 | 7:46 ص

      مغربية اطلسية

      كثير من الناس و السياسين والاعلامين يستعملون معطر الجوالياسمين لثورة الشعب التونسي من اجل الكرامة والعزة... ''الثورة البوعزيزية'' وهدا ينافى روح التورة من اجل التغيروالحرية.....
      ان هده التورة ازلت الاقنعة عن الحكام الاثرياء والاحزاب الفاسدة والمصلحاتية والاستئصالية والانانية...والغرب المنافق والانتهازى...

    • مازن البحراني | 6:25 ص

      لصيرت ثلاثون سنة

      لو انتظر الشعب 3 سنوات أخرى يا دكتور ، لصيرت ثلاثون عاماً ....
      الحمد لله الذي قلع ابن علي
      وانشاء الله يقلع البقية الباقية
      اللهم أفرح بقية العرب كما أفرحت شعب تونس
      باذنك يا كريم

    • زائر 29 | 6:17 ص

      مغربية اطلسية

      كثير من الناس و السياسين والاعلامين يستعملون معطر الجوالياسمين لثورة الشعب التونسي من اجل الكرامة والعزة... ''الثورة البوعزيزية'' وهدا ينافى روح التورة من اجل التغيروالحرية.....
      ان هده التورة ازلت الاقنعة عن الحكام الاثرياء والاحزاب الفاسدة والمصلحاتية والاستئصالية والانانية...والغرب المنافق والانتهازى...

    • زائر 28 | 6:16 ص

      إلى الزائرين و الأخوه الكرام رقم - 4 . 14 . 18

      أولا - ماكان عندي كيبورد عربي الصبح لأني كنت بالدوام يا جماعه, والله العظيم -

    • مواطن مستضعف | 5:37 ص

      TO VISITOR NO. "1"

      ". "الزبدة" بالعربي: "لين طاح الجمل .. كثرت سكاكينه"

    • زائر 26 | 4:50 ص

      التقشف المؤبد

      في قانون التقشف أنه محدود الأجل ، لكن ماذا عن شعب فرض عليه التقشف حتى الموت ، معتبرينها أنها جزء من " التربية العربية " ؟!!

      أنت رائع يا دكتور

    • زائر 25 | 3:44 ص

      تحريض على التفكير

      مقالك رائع اليوم يا دكتور وفيه إسقاطات على حالنا يحرض تفكيرنا.. والتحريض على التفكير لا توجد قوانين قمعية لتقمعه.. استمر يا دكتور ويعطيك الرب ألف عافية وصحة.

    • زائر 24 | 3:42 ص

      الأحداث علمّتنا..!!

      الأحداث الجارية، أثبتت لنا أن هناك من الساسة.. يدخل الساحة السياسية بسبب الإيمان بمبادئ، حيث هذا النَّوع من المفترض انه يسعى إلى خدمة الناس..
      ولكن سرعان ما يتحول الى نوع آخر وجد أن السياسة وسيلة لتعظيم الذات، ويتحول الهدف إلى المحافظة على موقعهم بأي ثمن، ثم لا يعودون يرون ما يحدث في مجتمعاتهم ولا يستطيعون سماع ما يدور بين الناس..

    • زائر 23 | 3:32 ص

      عزيزي حسن

      عزيزي حسن،
      تكتب بالانجليزي ليش؟ نسيت لغتك مثلاً؟! و الله تطلب من الدكتور يكتب عن الشأن المحلي وتنسى تعلم نفسك اللغة المحلية العربية؟

    • زائر 22 | 3:14 ص

      ابو سيف يقول

      يقول ابو سيف كان المفروض على الشعب التونسي أن يصبر 3 سنوات اخرى حتى يتسني لشين العابدين إخلاء خزينة الدولة بالكامل
      وشفط كل ما تطاله يده ولا يدع قرشا لتونس
      كفى مسخرة وهزلا بالشعوب البائسة
      نسأل الله ان يكون يومك ويوم أمثالك قريبا

    • زائر 21 | 2:15 ص

      مقال فن

      رائع رائع المقال
      الطبقة النفعية مفتوحة لعدد من الناس تقوم بتزوير الحقائق وتصور الوطن العربي على انه مزرعة ورود بين الحكام والشعوب

    • زائر 20 | 1:35 ص

      ليس شرطا وحكما هم يحكمون بل تجدهم يتسلطون ايضا

      هناك فئة اعتادت وكما أخرين صنعوا لهم برزخا من خلال الصنف الثالث الذي وصفتهم فيه دكتورنا العزيز اي انهم خلقوا من انفسهم ولانفسهم تعظيما للذات وركبوا مراكب السياسة غصبا عن انف القاصي والداني وهم لا يفقهون تراهم كاللوز بدون الجوز اقاموا دكاكين بلبوس الدمقراطة وحرية التعبير وخلافه ويتوسمون بلباس السندس والاستبرق وهم عراة حفاة يوم يولدون ويبعثون - شكرا لك ابوعلي لطرحك الجريء متمنيا لك السؤدد والنجاح والله يوفقك فى كل خطوة بسلام منه

    • زائر 16 | 12:31 ص

      To Mr. Hassan

      If u read the article once again, i assuring u that Dr, Mansour has focused his conclusion in the local cases but in different way. and if concentrate more u will find the article totally talks about BAHRAIN

    • زائر 14 | 12:24 ص

      العالم العربي المنحوس

      توصيف دقيق يا دكتور لما يجري في عالمنا العربي المنحوس
      أبو حطبة

    • زائر 13 | 12:00 ص

      مع المنتصر ياشعوب

      لان بن علي سقط فمن أسقطه كان مجاهدا ولو كان لم يسقط لكان من اسقطه ارهابيا

    • زائر 12 | 11:53 م

      الثورة نجحت بفضل الجيش

      الثورة التونسية نجحت لان الجيش وقف معها والا لو كل الشعب يخرج ما استطاعوا تنحي بن علي !! يعني ما كان يضير بن علي بقتل المتظاهرين و يتهمهم بعمالة للخارج كما موجود في باقي الدول العربية و العرب كلهم بيكونوا معاه طبعا, لكن لان الجيش أراد التغيير فلم يكن امامه الخيار سوى الهروب !

    • زائر 11 | 11:35 م

      المعنى في قلب الشاعر

      الى أخي زائر "1":
      كلام الدكتور واضح..اليك الكلام واسمعي يا جارة
      ألا تلاحظ ان الدكتور تكلم في مقاله بشكل عام ولم يشر الى تونس إلا في نهاية المقال؟؟
      بوركت يا ابن الجمري والله يخلي كل الاقلام الحرة والمتزنة...

    • زائر 10 | 11:31 م

      مثل مصري

      المثل يقول "مين يا فرعون فرعنك آل مليأيتش حد يشكمني"
      كلنا سبب في وجود الوضع الحالي.

    • زائر 8 | 11:13 م

      تقشف طل بعيني

      ليست هناك مشكلة في المرور بمرحلة تقشُّف في أي بلد من ناحية المبدأ، > على اقل تقدير من ناحية التقشف الا يمكن شراء سيارات كامري للبرلمانيين بدل ال بي ام ؟ وتقليص الرواتب من 3000 الى 2000 مثلا، لان البلد تعيش التقشف ليس الا.... .... كيف تزاد رواتب الوزراء في الوقت الذي يستجدي الناس معونة لا تتجاوز ال 50 دينار لاسرة كاملة؟ قطع الكهرباء جيد لكن ايعلم صاحب الامر ان هناك فواتير بالملايين و لا احد كفو يمر صوب امتارهم مو يقطع كهرباء!

    • زائر 7 | 10:58 م

      khaishat Faham

      الحاكم يا دكتور يعرف وهو نفسه يتعالى لسبب واحد فقط: انظر ماذا حصل في تونس والشعب العربي البائس ما فلح الا في تقليد حرق نفسه وترك كل تلك العبر وابرزها اذا الشعب يوم اراد الحياة، هذه الشعوب الجاهلة هي من سمنت الحاكم واجبرته قسرا على كل ذلك الغرور.
      يا دكتور الحكام يتبرونكم اقل من....... وكل ذلك بسبب الجهل المتفشي في هذه الامة

    • زائر 6 | 10:53 م

      • بهلول •

      لماذا لم ينتظر الشعب التونسي ثلاث سنوات أخرى؟
      !!!!

      يجب أن ينتظر و يكون صابراً صبوراً محتسباً مقدراً شاكراً ممتناً و يجب أن يقبل الأيادي و الأرجل و الخشوم
      يكون ممتناً لأن العقيد لم يطلب منه ان ينتظر 8 سنوات ... فقط 3
      و بعد الثلاث الأولى سيتم تجديد الحبس و تجديد الطلب بأن ينتظر و يقضي 3 سنوات أخرى في عهدة الديكتاتور و هكذا إلى أن ينقضي عمر الشعوب العربية ليصبحوا في نهاية المطاف خريجي سجون القائد الفذ الضرورة ... و طبعاً للضرورة أحكام .

    • زائر 5 | 10:23 م

      التقشف

      مو على ناس دون ناس ناس مكافات ومعاشات راهيه بدل سفر بدل مجلس وهبات من كل صوب واراضي وناس اقتطاع من كل صوب وضرايب من كل صوب وتاكل تبن بعد واصه ما في كلام مافي كلام

    • زائر 4 | 10:19 م

      it's a big message

      it's indirect message

    • زائر 3 | 10:17 م

      ما بغيت الا مسئول في العالم العربي يخلي الساحه

      لغيره للحين ما سمعنه اللهم للامانه صارت في الكويت والله تفوح ريحة الفساد ويكافا ويترقى

    • زائر 2 | 9:19 م

      Hasan Again

      Please Sir – Write something to the government tomorrow that can make them feel ashamed of what they’re doing … I swear to GOD that I’m crying every day for these poor people like they’re my family & I don’t want to cry the rest of my life…
      Mr Mansour, We're sleeping with our wife's in peace
      Can you imagine how these poor people sleep at night in prison ?
      Can you imagine how the government militias comes inside your house & torture you in front of your wife & kids

    • زائر 1 | 9:14 م

      Hasan

      Mr. Mansour, Please Sir
      I guess you can see that we’ve got lots of cases that you need to focus on rather than writing something regarding the Tunisian Case
      You’re our tongue
      We need you Sir to talk about us & About our cases
      I guess you can see how they treat our loyal lowers
      &
      How they treat the innocent people in prison with a harsh torture

اقرأ ايضاً