العدد 3084 - الإثنين 14 فبراير 2011م الموافق 11 ربيع الاول 1432هـ

الاتحاد الجمركي لدول الخليج يرفع التبادل التجاري إلى 27 مليار دولار

الوسط - المحرر الاقتصادي 

14 فبراير 2011

وتتضمّن فعاليات الملتقى مجموعة من الجلسات الحوارية، التي تتناول بالنقاش آليات تنشيط الحركة الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة حجم التجارة البينية لهذه الدول، لما لها من أثر في تدعيم الاقتصاد الخليجي والتعاون في مختلف المجالات التي من شأنها إحياء العلاقات التجارية والاستثمارية وتنشيطها في المنطقة ككل.

إذ تركّز اثنتان من الجلسات على السوق الخليجية المشتركة، والاستثمار الخليجي في دول مجلس التعاون، كما تتناول جلسة ثالثة الاستثمارات التي تديرها سيدات أعمال خليجيات، الأمر الذي يدلّ على أهمية استثمار أموال الخليج في الخليج، وتفعيل التبادل والتعاون التجاري والاقتصادي بين دول مجلس التعاون، إذ من المعلوم أنّ حجم التجارة البينية الخليجية يتنامى يوماً بعد يوم، وتشير أحدث التصريحات في هذا الصدد، على لسان الأمين العام لـ «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» عبدالرحمن بن حمد العطية، إلى أن حجم التبادل التجاري بين دول المجلس ارتفع خلال السنة الأولى للاتحاد الجمركي إلى أكثر من 27 مليار دولار، أي بزيادة بلغت أكثر من 20 في المئة سنوياً، مقارنة بمعدل سنوي بلغ 6 في المئة فقط خلال السنوات العشر التي سبقت قيام الاتحاد الجمركي.

وفي هذا الصدد ارتفع حجم التبادل التجاري بين قطر والسعودية، على سبيل المثال، من 953 مليون ريال في العام 1999م، إلى 6209 ملايين ريال في العام 2008م. وذلك حسب تصريحات وزير التجارة السعودي عبدالله بن أحمد زينل.

وعلى الرغم من ذلك، فإن مستوى التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي مازال متواضعاً، نتيجة لضعف التركيبة السلعية الخليجية التي تتسم بتشابه السلع المنتجة في دول المجلس، ووجود معوقات عديدة أخرى وقفت ومازالت في طريق انسياب هذه التجارة بالشكل المطلوب.


صعود وهبوط

تمثل العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون واحدة من السمات والمبادئ الأساسية التي استهدفها قيام المجلس، لذلك فإن سعي دول الخليج لتحقيق التكامل فيما بينها في هذا الإطار لا يتوقف. ولكن الأمر مع ذلك يحتاج إلى مراجعة من آن إلى آخر، لمعرفة الصورة على حقيقتها.

وتُظهر بيانات التبادل التجاري لدول المجلس منذ العام 1986م أنه كان حتى وقت قريب ينمو بمعدل منخفض، حيث مثلت الصادرات من 5 في المئة إلى 7 في المئة، بينما مثلت الواردات من 7 في المئة إلى 9 في المئة من مجموع صادرات وواردات دول المجلس، في الفترة ما بين (1986م - 1993م).

وتشير الأرقام إلى أن سلطنة عمان تعد العضو الأكثر استيراداً لمنتجات باقي أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، فقد بلغت قيمة وارداتها من باقي دول المجلس 1745.2 مليون دولار، أو ما نسبته 37.7 في المئة من مجمل وارداتها خلال عام. أما السعودية، فتعد من أقل الدول استيراداً لمنتجات باقي دول مجلس التعاون، حيث لم تتجاوز وارداتها من باقي دول المجلس 753.6 مليون دولار، أو ما قيمته 2.7 في المئة من مجمل الواردات.

أما نسبة ما استوردته كل من قطر، والكويت، والبحرين، من أسواق باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد بلغت 13.0 في المئة، 9.7 في المئة، 8.3 في المئة من مجمل واردات كل منها على الترتيب.

ومن الملاحظ أن معدلات النمو في هذا المجال لم تنتظم على وتيرة واحدة، بل كان هناك فترات صعود وهبوط في معدلات التجارة البينية الخليجية، ففي الفترة ما بين عامي 1981م و1988م، وهي الفترة التي تراجعت فيها الإيرادات النفطية والتجارة الخارجية الإجمالية، نرى أن التجارة البينية انخفضت من 10233 مليون دولار العام 1981م إلى 8643 مليوناً العام 1988م، أي أن النمو كان نمواً سنوياً سالباً قدره 2.4 في المئة.

وفي الفترة الثانية عندما تحسنت أسعار النفط وحققت التجارة الخارجية الإجمالية نمواً موجباً، ازدادت التجارة البينية من 8643 مليون دولار العام 1988 إلى 9910 ملايين دولار العام 1995، أي بمعدل نمو سنوي يعادل 1.9 في المئة، وهو معدل منخفض مقارنة بمعدل نمو التجارة الخارجية الإجمالية خلال الفترة نفسها، والذي كان يعادل 8.8 في المئة في السنة.

وسبب هذا النمو المتواضع، في تقدير الباحث خالد منزلاوي (من كلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبدالعزيز) هو تحرير حركة السلع والخدمات بين دول المنطقة، نتيجة توقيع الاتفاقية الاقتصادية الخليجية الموحدة. وذلك بالإضافة إلى حصول بعض التنوع في الهياكل الاقتصادية لدول المجلس.

وإلى ذلك، تفاوتت نسبة التجارة البينية لهذه الدول إلى إجمالي تجارتها الخارجية، بين أعلى قيمة لها العام 1988م بما يعادل 8.8 في المئة وأقل قيمة لها العام 1981م بما يعادل 4.5 في المئة، وهذه نسب تعدّ منخفضة.

أما نسبة التجارة البينية إلى الناتج المحلي فقد تفاوتت بين أعلى قيمة لها العام 1995م بما يعادل 6.4 في المئة وأقل قيمة لها العام 1981م وتعادل 4.4 في المئة.


قفزات ومعوقات

أخذ مستوى التجارة البينية لدول مجلس التعاون في التحسن، مُحققاً قفزات نوعية وكمية، وخاصة خلال الفترة التي أعقبت قيام الاتحاد الجمركي، فقد ارتفع حجم تجارة الواردات البينية لدول المجلس بين عامي 2003 - 2004م بما نسبته 52 في المئة، مقارنة بما نسبته 26 في المئة من حجم واردات دول المجلس من بقية دول العالم.

وعند مقارنة اتجاه هذه التجارة خلال السنوات السابقة بالنسبة لدول المجلس، نلاحظ نمو تجارة الواردات البينية لهذه الدول، بمعدلات تراوحت بين 7 - 17 في المئة خلال الفترة 2000 - 2003م، وهو ما يشير إلى مستوى تطور التجارة البينية لدول المجلس مقارنة بمستواها مع بقية دول العالم، حيث نلاحظ استقرار مستوى التجارة البينية لدول المجلس عند معدل 8 في المئة تقريباً من إجمالي حجم التجارة الخارجية لهذه الدول، ما يشير إلى الاعتماد الكبير لدول المجلس في تجارتها مع العالم الخارجي والتي تشكل 92 في المئة حسب هذا الجدول، وقد يعود انخفاض مستوى التجارة البينية لدول المجلس عند مقارنتها بالتجارة مع بقية العالم، إلى وجود بعض المعوقات التي أدت إلى تأجيل بدء تطبيق اتفاقية الاتحاد الجمركي حتى نهاية 2007م، بدلاً من نهاية العام 2005م.

وتتمثل أبرز هذه المعوقات في غياب السياسة التجارية الموحدة، بسبب عدم توحيد هذه الدول لسياساتها التجارية مع العالم الخارجي، الأمر الذي يضع الواردات من منتجات الدول الخليجية في وضع تنافسي غير متكافئ مع مثيلاتها الأجنبية في السوق المحلية الخليجية.

إن غياب السياسة التجارية الموحدة قد يكون واحداً من أهم العقبات التي تواجه التجارة البينية الخليجية، فتعامل الدول الخليجية المنفرد مع (منظمة التجارة العالمية) يضعف وضعها التفاوضي، ويحدّ من قدرة دول المجلس على توحيد سياساتها التجارية، وخاصة ما يتعلق منها بالتعريفات الجمركية، على السلع المستوردة من العالم الخارجي.

كما تعاني التجارة البينية الخليجية من معوقات أخرى قد تكون في معظمها نتاجاً مباشراً أو غير مباشر للمعوقات سالفة الذكر، فباعتمادها على عناصر ومدخلات الإنتاج الأجنبية تصبح تكاليف الإنتاج في دول المجلس أعلى من مثيلاتها خارج هذه الدول. وبطبيعة الحال فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج يضعف الوضع التنافسي للمنتجات الخليجية أمام مثيلاتها غير الخليجية، ويقود الجهات المعنية في دول المجلس إلى التدخل وحماية المنتجات؛ الأمر الذي يعوق حركة التجارة ويعوق مسيرة التكامل الاقتصادي.

ومن المعوقات الأخرى تلك المرتبطة بعدم توفير البيانات والإحصاءات التجارية الدقيقة في الوقت المناسب، لاتخاذ قرارات الإنتاج والتسويق، وتلك المتعلقة بالنقل. ومن شأن مثل هذه المعوقات أن تزيد من تكاليف البضائع والمنتجات العابرة، وبالتالي تضعف من وضعها التنافسي أمام مثيلاتها غير الخليجية.

وبشأن أهمية التجارة البينية الخليجية، قال مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة، حسين المحمودي: «تشكل التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي إحدى نقاط التلاقي المهمة بينها، وهي صورة أخرى من صور التعاون والتشارك التي تجمع بين هذه الدول، وليس خافياً على أحد ما توفّره واردات دول الخليج من شقيقاتها في مجلس التعاون، من كلفة ووقت وجهود؛ إذ إنّ هذا النوع من التبادل التجاري، بقدر ما يخضع للقوانين الاقتصادية والجمركية، فإنّه يتأثّر كذلك بالعوامل الاجتماعية والأهداف الاقتصادية والسياسية التي تجمع دول الخليج العربي».

وأضاف «إنّ ملتقى الشارقة الأول للأعمال، سيشكّل فرصة ممتازة للنقاش والتحاور بشأن كلّ هذه النقاط، ونحن نأمل أن نصل من خلاله إلى الأفكار والصيغ التي من شأنها تنشيط حركة التجارة البينية لدول مجلس التعاون، وزيادة حجم الاستثمارات الخليجية فيها».

ومن جهته، قال نائب المدير العام للشئون الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، محمد أمين:»إنّ حركة التبادل التجاري وحجم الاستثمارات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي، تتعثّر أحياناً ببعض المعوقات، لكنّها تظلّ نموذجاً جيّداً لمنظومة اقتصادية متكاملة ومتعاونة؛ إذ تصبّ جهود التنمية الاقتصادية في مختلف دول المنطقة، في إطار التنمية الشاملة، وتفعيل حركة السوق الخليجية المشتركة، وبرأيي إنّ هذه السوق قادرة على الوصول إلى مستويات المنافسة العالمية، وهي لا تقلّ في أهميتها عن السوق الأوروبية المشتركة».

العدد 3084 - الإثنين 14 فبراير 2011م الموافق 11 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً