العدد 3091 - الإثنين 21 فبراير 2011م الموافق 18 ربيع الاول 1432هـ

مؤتمر «جودة التعليم والتدريب»... بين الممارسات العالمية والخصوصية البحرينية (1 - 2)

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

نظمت هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب مؤتمرها الأول بعنوان «جودة التعليم والتدريب: نحو مستقبل أفضل»، وذلك في الفترة 9 ـ 10 فبراير/ شباط 2011.

توقيت المؤتمر كان موفقاً للجهتين، سواءً الجهة المنظمة (هيئة ضمان الجودة) أو الجهة المستهدفة (القيادات التربوية من رؤساء مدارس ومديرين وموجهين وغيرهم)، فقد تزامن مع إجازة منتصف العام الدراسي الحالي.

تمَّ اختيار الجودة كعنوان للمؤتمر بقصد تناول بعض الممارسات والتجارب العالمية، في محاولة لمقاربتها بالتجربة البحرينية التي مالازالت في بداية مسيرتها.

يُفترض لأي مؤتمر بهذا الحجم أن تكون له أهداف محددة، ويشارك فيه جميع الأطراف ذات العلاقة، ويخرج بتوصيات عملية يمكن تحقيقها على أرض الواقع، بحيث تستفيد منها كافة المؤسسات التعليمية والتدريبية على حد سواء، بعيداً عن الكلام الإنشائي أوالعام الذي لا يمكن قياسه.

تميَّز المؤتمر بعرض أفضل الممارسات العالمية الخاصة بالجودة، والاستفادة المثلى منها في تطبيق معايير ضمان الجودة في مملكة البحرين، في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التحديات والمستجدات على المستويين العلمي والمهاري، لتطوير جودة التعليم والتدريب وفق المعايير الدولية.

رغم إشادة الباحثين في المؤتمر بإطلاق مملكة البحرين لمشروع إصلاح التعليم والتدريب، لتأخذ على عاتقها مبادرات تطوير قطاعات التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، غير أن اللافت للنظر هو حضور المسئولين بالجامعات والمؤسسات التعليمية والتدريبية الجلسة الافتتاحية، وغياب عدد منهم أثناء أعمال المؤتمر والجلسة الختامية، حيث مناقشة التوصيات وإقرارها، وكأن المؤتمر لا يعنيهم!

في البحرين... هل بدأنا ندرك أهمية وجود هيئة ضمان الجودة كمؤسسة مستقلة تقوم بمراقبة وتقييم أداء مؤسساتنا التعليمية والتدريبية؟

سؤال مهم، وللإجابة عنه نقول: إن أهمية الجودة تكون بمدى قدرة المؤسسات التعليمية والتدريبية بالتعاطي الجاد والمسئول معها، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من هويتها المؤسسية، والضمانة الحقيقية لبقائها.

صحيح أن جُلَّ أوراق العمل التي قُدمت في المؤتمر كانت تتعلق بتجارب بعض الدول التي طبقت معايير الجودة مثل المملكة المتحدة، ولكن الأهم من ذلك كله هو إثراء المحاضرات بالكم الهائل من الأسئلة والمداخلات التي عكست الرغبة الصادقة من المشاركين في نقل هذه التجارب العالمية إلى واقع ملموس على مستوى المؤسسات التعليمية والتدريبية في مملكة البحرين.

«دور وأهداف التقويم»، كان عنوان ورقة الجلسة الرئيسية لليوم الأول من المؤتمر، وقدمتها تينا إسحاق، رئيسة برنامج ضمان الجودة في معهد التربية بجامعة لندن في المملكة المتحدة، إذ اعتبرت التقويم «عملية نقوم من خلالها بجمع الأدلة بالدرجة الأولى، ومن ثم تفسير هذه الأدلة استناداً إلى بعض المعايير المحددة مسبقاً لإصدار الأحكام»، لتنتقل بعدها إلى أهداف التقويم في الماضي والحاضر، وأنواع التقويم من وجهة نظر بعض المفكرين من أمثال: ستوبارت، وبرودفوت، وهولمز.

الجانب المهم في المداخلات الخاصة بمحور التقويم هو تشديد المشاركين على عدم وجود علاقة عضوية بين عناصر التقويم والمناهج الدراسية في كثير من النظم الخاصة بالتقويم، حيث أن التقويم بوجه عام يقيس الجوانب المعرفية للطلبة، ولا تولي المهارات الحياتية الأهمية اللازمة، لذا وجهت المعنيين بالعملية التعليمية في مملكة البحرين إلى توجيه التقويم نحو المهارات الأساسية، التي ينبغي للطلبة أن يكتسبوها وفقاً لأعمارهم ومستوياتهم العلمية والمعرفية، وذلك لن يتحقق إلا من خلال إشراك الطلبة في عملية التقويم، تماماً كما يشاركون في عمليتي التعليم والتعلم.

لا يمكن أبداً لأية مؤسسة تعليمية أن تدير ظهرها للتقويم أو أن تقلل من أهميته، لأن علمية التوظيف أساساً في القطاع الحكومي كان ولا يزال مرتبطاً بظهور فكرة الاختبارات تاريخياً، لاختيار منتسبي الخدمة المدنية، والتعرف على إمكانياتهم وقدراتهم.

نحتاج اليوم في البحرين أكثر من ذي قبل إلى الدفع باتجاه «مبدأ تكافؤ الفرص» في اختيار وتوظيف أفضل المدرسين، فالتقويم في بريطانيا إنما يُجرى من أجل الحصول على فرص متميزة على مستوى الخدمة المدنية، حيث تشتد المنافسة بين المتقدمين للوظائف، وذلك يتطلب جهداً كبيراً في الإلمام بالمعلومات والقدرة على التذكر والحفظ، مع محدودية فرص النجاح، فأعداد الناجحين قليلة قياساً إلى المتنافسين على نيل الوظائف والمهام.

نؤمن بأن عملية التقويم قد تطورت عبر الزمن بفعل عمليتي الرصد والمساءلة، فهل المنهج جيد أو ملائم؟ وهل المعايير الوطنية للجودة تتفق مع ما نريده؟ وما الذي نحتاجه عندما نقارن أداء هذه المؤسسة بغيرها من المؤسسات الأخرى التي تخضع للمساءلة؟

تلك أسئلة من شأنها أن تجرنا ـ شئنا أم أبينا ـ إلى مفاصل العملية التعليمية، لتكون جزءاً لا يتجرأ من الدرس التعليمي الواحد، ومن المهارة التعليمية الواحدة، وخصوصاً نحن نتحدث عن وجود أكثر من 25 نوعاً من نظم التقويم، وبالتالي يشكل التقويم اليوم أداة مهمة في عملية الانتقال في المراحل الثانوية والجامعية، وطرح الخيارات المناسبة للطلبة من أجل توجيههم إما إلى التعليم العالي، أو المؤسسات التدريبية، أو سوق العمل.

إزاء ذلك نقول، هل يتلخص دور هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب في تحسين أداء المدارس والجامعات؟ أم يكون برفع التوصيات إلى المسئولين لتنفيذها؟

يدرك الكثيرون من المهتمين في شئون إصلاح التعليم في البحرين أن القائمين على متابعة جودة التعليم (هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب) في المؤسسات التعليمية غير معنيين أساساً بتحسين أداء المدارس (برنامج تحسين أداء المدارس الذي تتبناه وزارة التربية والتعليم) والجامعات، وإنما يتلخص دورهم في التقييم ورفع التوصيات الدقيقة والمحددة، لتقوم المؤسسة التعليمية بدورها في تبني هذه التوصيات.

وفي هذا السياق، وانطلاقاً من مسئوليتنا في حماية مؤسساتنا التعليمية لابد من إيجاد نظم صارمة في عملية تقييم أداء المدارس، بل وحتى في إعداد التقارير من قِبل الهيئات والمؤسسات المعنية بذلك، ومراجعة أداء المدارس والجامعات باستمرار للتأكد من تنفيذها للتوصيات، كما أكدت كارول مكبرايد، كبير المستشارين في مركز المعلمين البريطانيين بالمملكة المتحدة، في ورقتها المعنونة بـ «التعليم والتعلم: الأبحاث، والمراجعات والتطبيق».

من مزايا هذا المؤتمر الوقوف على الأبحاث والدراسات الواردة في فعالية وسلوكيات المعلمين، التي تحسِّن من أداء الطلبة، مثل: وضع الأهداف التعليمية بشكل واضح يمكن قياسها، والتنظيم في عرض محتوى المنهج، وطرح الأسئلة المحددة، وتقييم مدى استيعاب وفهم الطلبة وتصحيح مفاهيمهم وأخطائهم، إلى جانب وضع استراتيجيات التعليم الفعالة لمعلمي المرحلة الابتدائية، والقائمة على المرونة في التفكير، والتبادل في تحمل المسئولية، كل ذلك عوامل مهمة لتحقيق الأهداف المنشودة من المؤسسة التعليمية، والتي لا تكون مقتصرة على المدرسين فقط، بل بالبيئة التعليمية بشكل عام.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3091 - الإثنين 21 فبراير 2011م الموافق 18 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً