العدد 3094 - الخميس 24 فبراير 2011م الموافق 21 ربيع الاول 1432هـ

من أجل معارضة حيوية متفاعلة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بالأمس تناولنا موضوع التغيير الذي لا يستأذن أحداً مُركّزين على تأثيراته المتوقعة على السلطات القائمة والأنظمة التي تدافع عنها. واليوم نجد، استكمالاً للمسألة، ضرورة مناقشة تداعيات موجة التغيير التي تجتاح المنطقة العربية ومن ضمنها البحرين، على المعارضة البحرينية في ضوء الظروف المحيطة بها. ولوضع هذه المعالجة في إطارها الصحيح، فلربما أصبح من المفيد التوقف، بنظرات موضوعية ناقدة، أمام القضايا التالية التي تسود الشارع البحريني:

1. تمحور سلوك المعارضة البحرينية، سواء في حواراتها الداخلية، أو عند جلوسها للحوار مع القوى التي تحاول أن تقف حجر عثرة في وجه أية محاولة للتغيير، حول قضايا إجرائية، عوضاً عن الانطلاق من منصة تحليلية، تعيد النظر في استراتيجيات القوى المتصارعة ذات العلاقة، محلية كانت تلك الاسترايجيات، أم إقليمية، دون استثناء الدولية منها. وتنبع أهمية مثل الرؤية السياسية الشمولية من كونها الأرضية التي ستقف عليها المعارضة عند تحديدها للأهداف التي تسعى لتحقيقها والمطالب التي تسعى لنيلها. ومن الطبيعي أن تحدد تلك الرؤية أيضاً، أولويات تلك الأهداف، ومراتبية تلك المطالب، كي لا تختلط الأوراق بشكل فوضوي، فيضيع الرئيس، في ثنايا الثانوي، ويسقط الأهم، على مذبح الهامشي. وطالما نحن نتحث عن التغيير بوتيرته السريعة، فمن الطبيعي أن تجد المعارضة نفسها مطالبة بإعادة النظر بشكل دوري وذي وتيرة سريعة ومتلاحقة في تلك الاستراتيجية، والأمر ذاته ينطبق على برامج وخطوات تنفيذ تلك الاستراتيجيات على أرض الواقع.

2. الدور المميز الذي يستأثر به الشباب في عمليات التغيير، فدور الشباب السياسي اليوم، أصبح مختلفاً نوعياً عن ذلك الذي عهدته المعارضة التقليدية غير الحيوية، بمختلف تلاوينها السياسية خلال السنوات التي تسبق السنوات العشر الماضية. لم يعد في وسع المعارضة اليوم، كما عهدناها في الحقبات التقليدية، حصر الشباب في نطاق المنظمات الشبابية المتحلقة حول التنظيم، أو تلك التي تدور في فلكه. لقد أصبح مناطاً بالشباب، كفئة اجتماعية وبشكل موضوعي بعيداً كل البعد عن أي شكل من أشكال القرارات الذاتية، دورهم المتفرد، الذي يقود بدلاً من أن يقاد، ويخطط عوضاً عن التخطيط له. هذا لا ينفي الحيز الذي تحتله الخبرات غير الشابة التي لا يمكن الاستغناء عما بحوزتها من ذخيرة سياسية ترفد الشابة وتسد بعض الثغرات التي قد تعاني منها.

3. التكوينة السكانية لشعب البحرين، وتطوره التاريخي، وما تمخض عن ذلك على المستويين السياسي والاجتماعي، مأخوذة بعين الاعتبار تأثيرات البيئة المحيطة بالبحرين، إقليمياً وشرق أوسطياً على ذلك التطور التاريخي. ندعو من يريد أن يقود المعارضة السياسية البحرينية أن يقرأ بعناية ذلك الترابط التاريخي، المرتكز على التركيبة السكانية، بين البحرين وإيران أولاً، والبحرين دول الخليج العربي ثانياً، والبحرين والبلاد العربية ثالثاً، دون إغفال البعدين الشرق أوسطي والإسلامي بعين الاعتبار. ولكي تكون القراءة صائبة، والاستنتاجات صحيحة، ندعو من يقوم بهما توخي الموضوعية والعلمانية والدقة سواء عند جمعه للبيانات، أو في مرحلة تحليلها، والأهم من ذلك كله، حين الخروج بالاستنتاجات المستخلصة منها.

في ضوء هذه المعطيات الثلاث التي لا نستبعد أن تكون هناك أخرى غيرها أيضاً، نناشد قوى المعارضة، منطلقين في هذه الدعوة، من حرصنا على المساهمة في جهود إشعارها بقدوم موجة التغيير التي نتحدث عنها، كي تعمل من أجل تهيئة الشارع السياسي الملتهب والمتأجج للقبول بمنهج قادر على التفاعل الحي مع تلك المعطيات وتأثيراتها التغييرية، ويقوم على المرتكزات التالية:

1. تحديد الأولويات على نحو صحيح، دون الإغراق في التفاؤل المفرط، أو الوقوع فريسة التشاؤم المحبط، مع ضرورة تحاشي فقدان البوصلة عند ترتيب أولويات الأهداف بشكل واضح، والمطالب على نحو دقيق. هذا الترتيب القائم على الرؤية السياسية، سيمكن المعارضة، من تجييش الشارع بشكل علمي وقيادته في الاتجاه الصحيح. متى ما تم ذلك سيجد من يقف في وجه ذلك نفسه في مواجهة موجة التغيير التي نتحدث عنها، ومن ثم، فستنقلب موازين القوى لصالح المعارضة لقدرتها على تشخيص الأمور وسلسلة الأولويات بشكل صحيح، وفي التوقيت المناسب.

2. المواءمة الصحيحة بين الأهداف المحددة بشكل سليم، وأساليب التعامل مع القوى المعارضة (بكسر الراء) للتغيير. فالمعارضة الحيوية المحنكة هي القادرة على المزاوجة بين أساليب الفر والكر التي تستخدمها، والقادرة في الوقت ذاته على عدم التضحية بقواتها في المناوشات الأولى، وخلال معارك ثانوية، أو استنزاف طاقاتها في مناوشات جانبية. توفر مثل هذه القدرة الفائقة، القائمة على مرونة شديدة في فن إدارة المعارك، ومهارات توزيع الأدوار، المنطلقة من تلمس دقيق لتأثير التغيير المتوقع على موازين القوى، من شأنه مد المعارضة بالكثير من عناصر التفوق التي تقلب موازين القوى لصالحها، وتضع بين يديها ما تحتاجه له من عوامل المباغتة المطلوب توافرها عند اشتداد أوار المحادثات.

3. امتلاك المعارضة الحيوية الضرورية التي تؤهلها للتفاعل المرن، وردة الفعل السريعة، مع ما يستجد أمامها من تحديات على طريق تحقيق أهدافها، آخذة بعين الاعتبار سرعة وتيرة تحرك الأحداث، بما يضمن مواكبة التحولات المطلوبة في صفوف المعارضة، لما يطرأ على ساحة الشارع السياسي البحريني من تطورات، بما يؤمن للمعارضة التفوق السياسي، على القوى التي لاتزال تصر على الوقوف في وجه التغيير القادم لامحال.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3094 - الخميس 24 فبراير 2011م الموافق 21 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:39 ص

      مسمى الثورة

      ارجو من الجميع استخدام اسم ثورة اللؤلؤة على غرار ثورة الياسمين في تونس

    • زائر 4 | 3:03 ص

      يجب تحديد المطالب والوقوف عندها دونما تراجع

      يجب على الجمعيات أن تجتمع مع قيادة الثورة الأحرار وتتباحث معهم للوصول إلى قاسم مشترك ومطالب محددة والوقوف عند هذه المطالب دون التراجع عنها قيد أنملة
      الأهم هو التوافق والإتفاق

    • زائر 3 | 1:34 ص

      صباح الخير

      تنفخ في قربه مقضوضه

    • زائر 2 | 1:11 ص

      معارضة المنعارضة

      ولا اقصد هنا بالنظام الحاكم او الموالاة بل اقصد المعارضة الاخرى التي قد تختلف في اسلوب و طريقة عمل المعارضة الحالية
      كيف نتمكن يا أخي الفاضل من توصيل صوت معارضة المعارضة اذا كانت الاخيرة تمارس نفس الدور الذي كان الحزب الحاكم يلعبه وهو الاستئثار بالقرار و بوجهة النظر الواحدة وذلك ما رأيناه من عدم تنازل المعارضة لحليفتها الكبرى عن مقعد لرلماني واحد بالرغم من الاتفاق الشبه كامل في معظم القضايا وهنا اسأل هل يوجد أحد يؤ من باعطاء الآخر فرص للمشاركة لنه يؤمن باهمية الديمقراطيه ووجود الرأي الاخر

اقرأ ايضاً