العدد 3100 - الأربعاء 02 مارس 2011م الموافق 27 ربيع الاول 1432هـ

البيت الإيراني من زجاج

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

قد أتفهم ويتفهم غيري أن تقوم دول غربية بدعم حركات التغيير في الشرق الأوسط والعالم العربي، لكن ما لا أفهمه أن تقوم إيران بتشجيع هذا التغيير في بلدان أخرى.

وسبب تفهمي هو أن الغرب قدم للعالم على مدى ثلاثة قرون نموذجاً ناجحاً لنظام الحكم يعتمد على الديمقراطية واحترام الحريات العامة والخاصة، فأصبح هذا النموذج هو الأنجح (حتى الآن على الأقل) لكل الشعوب مهما اختلفت طرق الحكم فيها، خصوصاً بعد أن تفوق هذا النظام في الحكم على نماذج أخرى منافسة كان في مقدمتها الأنظمة الشمولية من أقصى اليسار كالماركسية - الشيوعية، إلى أقصى اليمين كالدينية - الثيوقراطية.

هنا ليس هدفنا الدفاع عن الدول الغربية، بل عن نماذج تستلهمها تجارب إنسانية تأسست عليها هذه الدول، وهذا لا ينفي موقف شعوبنا المشروع تجاه السياسات الخارجية لعدد من دول العالم الغربي بشأن قضايانا الاستراتيجية، مثل فلسطين، ولكن هذا لا ينفي أن المواطن في تلك البلدان يحظى بحقوق وكرامة قَلَّ توافرها في أماكن أخرى.

وكمسلم قبل أن أكون عربياً، كنت أتمنى أن يكون لبلداننا الإسلامية (ومن بينها إيران) نماذجها التي تحترم الحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطن، وذلك لأن إيران دولة حضارية ولديها شعب يعد من أعرق الشعوب التي علمت العالم الفنون والآداب والعلوم على مدى عشرات القرون الماضية، لكن الوضع الحالي في إيران لا يمكن أن يعد نموذجاً لأي شعب تواق للحريات العامة وحقوق الإنسان، وخصوصاً أن هناك في إيران حالياً حركة شبابية وتطلعات مجتمعية يتم تجريمها لأنها تستخدم الإنترنت وتتحاور مع وسائل الإعلام العالمية، وتم تشريد واعتقال وقتل معارضين في شوارع طهران، حتى وصل إلى درجة مأسسة القضاء للحكم بحبس وإعدام المحتجين والمناوئين له حتى وإن كانوا مصلحين من داخل النظام، ومن أبناء الثورة الإسلامية ذاتها؛ ما عكس نموذجاً للأنظمة الشمولية في العالم.

إن ما تقوم به إيران من خلال قنواتها التلفزيونية من دعم لثورات شباب الفيسبوك والإنترنت في بلدان أخرى، وما يقابله من تعتيم شبه كامل عما يجري داخل إيران من احتجاجات وقمع منظم للتظاهرات المطالبة بالحرية والديمقراطية يؤكد أن هناك من هو مستعد دائماً وأبداً للعب بملعب الديمقراطية على شرط أن تكون خارج ساحته.

إن من يمنع أبناء وطنه من وسائل الإنترنت ويعاقب من يعبّر عن رأيه للإعلام العالمي لا يصلح أن يكون شاهد حق لما يجري في دول أخرى.

لا أحد يستطيع أن يمنع الشعوب التواقة للتغيير من حقها في البحث عن دعم لمطالبها إن كان إعلامياً أو سياسياً، لكن ليس من حق أي نظام ولاسيما الأنظمة الشمولية أن يدافع عن مطالب شعوب يرفض على شعبه المطالبة بها، وهذا ما شاهدناه على مدى الأشهر الماضية.

إن ما حصل يدفعنا لأن نسأل: لو افترضنا أن الشعب الإيراني تجمع سلمياً في «ميدان انقلاب» في طهران كما تجمّع الناس في ميدان التحرير بمصر، كيف كان سيتم التعامل معهم؟ الإجابة سأتركها للقارئ...

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 3100 - الأربعاء 02 مارس 2011م الموافق 27 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 6:15 ص

      في الصميم

      كلامك عين الصواب و لب الحقيقة أرجو أن يعيها الجميع

    • زائر 23 | 6:04 ص

      طبعا

      شي متوقع عندما احد يتكلم فأيران ويقول الصدق ماترضون ياقراء؟!
      وبعدين تقولون السنه يتهموننا بولائنا لأيران؟!

    • زائر 22 | 5:02 ص

      أني أوافقك في كثير مما قلته

      ففعلاً هناك إزدواجية واضحة وضوح الشمس للعيان، هم من يحرضوننا على ما نقوم به و لكن لا يرضون أن يكون الحال في الجمهورية الإسلامية، أحياناً أجلس و أفكر في سياسة إيران، أرى أننا مسيرون من قبلهم لحاجة في أنفسهم.
      بنت الماحوز

    • زائر 21 | 4:32 ص

      الليل المظلم

      الغربيين الذين تتشدق بالحرية عندهم رأينا الحرية التي تتحدث عنها في غوانتناموا وباكستان وفلسطين وغيرها كثير ناهيك عن الفترة الاستعمارية التي خربوا المنطقة والعالم ودسوا خبثهم من تفتيت اليمن وباقي الدول
      ومحابة اسرائيل على حساب الفلسطنيين وقائمة طويلة

    • زائر 20 | 4:26 ص

      شكرا على المقال ولا نريد فتاوى من القراء

      كلام سليم ولا نريد فتاوى من بعض القراء من الذين يتحدثون عن القران ....
      أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم

    • زائر 16 | 3:36 ص

      ليست قضيتنا ما تتحدث عنه

      بيتها زجاج أم من البلاستك لا يهم ... المهم أنها تقدم خدمة لا تنسى للشعوب المغيبة آرائها وحقوقها من قبل الاعلام لهذه الحكومات ...
      لو لم تكن إيران فهل سيصل صوتنا من خلال تلفزيون البحرين أو التلفزيونات العربية ... ولقد رأينا موقف قناة الجزيرة في قضيتنا ..... ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 15 | 2:49 ص

      ام البنين

      استاذي العزيز كلامك واضح وضوح الليل والنهار وشكرا

    • زائر 14 | 2:14 ص

      اسلام العرب

      يا عرب يبين ما عرفتوا اسلامكم لذا ما تستطيعوا أن تعرفوا اسلام الثورة فى ايران لأن من رقم 1 ورقم 2 يبين انكم بعيدين وجدا بعيدون عن الاسلام المحمدى والولاية ولاية امام على ع والأئمة الأطهار ما ان تمسكتوا بهم لن تظلوا أبدا . والله يهديكم على رغم مرور 14 قرنا على الاسلام المحمدى والولاية.

    • زائر 13 | 2:09 ص

      هذا رأيك أنت

      لك رأيك .. وليس بالضرورة ان يكون صحيح وانا من رأيي ان كلامك غير صحيح وليس به نسبة من الصحة .. لكل منا رأيه

    • زائر 12 | 1:37 ص

      الغريب ولي مجنني

      هذي حقيقة يدركها حتي الامين مع انها مقبولة عند مثقفين واحسافا واحسينا من ايران وكذبها بلباس الدين وعن من اهل البيت الاطهار

    • زائر 9 | 12:13 ص

      الجواب ......

      اقراء القران تجد اكثر من جواب . و الذى لا يعتقد بالأقران فعليه قرات نهج الكفر و هذا النهج اقرب اليك .

    • زائر 8 | 12:09 ص

      مو كل من كتب كاتب

      اعتقد انك غير مطلع على الوضع الايراني بشكل سليم . في ذكرى انتصار الثورة خرج الشعب الايراني عن بكرة ابيه . وفيها من الدعم للشعوب العربية ، في حين يامر الموسوي جماعته من الشاهنشاهية والشيوعيين ....الخروج للشارع بعد يوم واحد لدعم الشعوب العربية ، والله عجب . كلي تاكيد ان النظام الايراني من اقوى الانظمة في الشرق الاوسط ... على الصعيد العلمي والعسكري والقانون

    • زائر 5 | 11:52 م

      حبيب الحسين

      نعم الايرانيون رغم زيارتنا المتكرره للمشاهد

      إلا أنهم يبغضوننا لأننا من العرب

اقرأ ايضاً