العدد 3101 - الخميس 03 مارس 2011م الموافق 28 ربيع الاول 1432هـ

لابد من خطوات إضافية لتقديم حكومة القذافي للمساءلة (2)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

لقد أكدت الأيام الأخيرة على أهمية حرية التعبير سواء أكان ذلك في الميادين العامة، أو من خلال الصحف، أو على الإنترنت. وقد نشر صحافيون شجعان صوراً لأحداث القمع التي تمارس عبر العالم. وأظهر الشباب في تونس ومصر للجميع مدى القوة التي يستطيع التبادل المفتوح للآراء أن يقدمها للديمقراطية.

كما أن المجتمع الأهلي النابض بالحيوية يُشكِّل كتلة بناء لا يمكن الاستغناء عنها للديمقراطية. ويبرز مواطنون ناشطون ومنظمات مدنية كأصوات قوية تدعو للتقدم ليس في الشرق الأوسط وحسب إنما أيضاً حول العالم. فهم يساعدون في وضع حلول لمعالجة مشاكل مستعصية، ويخضعون الحكومات للمساءلة، ويمكّنون ويحمون النساء وأفراد الأقليات. وتلتزم الولايات المتحدة بتوسيع انخراطنا مع المجتمع المدني، ونحث القادة والحكومات على التعامل مع هيئات المجتمع المدني كشركاء وليس كخصوم.

كما يجب أيضاً إيجاد التزام بجعل الفرص الاقتصادية متوافرة للجميع من أجل أن تزدهر عمليات الانتقال إلى الديمقراطية. فحقوق الإنسان، والديمقراطية، والتنمية جميعها مرتبطة ارتباطاً جوهرياً وتعزز بعضها البعض. لقد رأينا كيف يدفع عدم المساواة وغياب الفرص الاقتصادية الناس إلى الشوارع. ولذا يتوجب على الحكومات أن تفي بوعدها بتأمين حياة أفضل للشعب من أجل كسب ثقة شعبها نفسه.

ليس هناك أدنى شك بأن أهم هدف لمعظم الناس في العالم اليوم هو التمتع بحياة كريمة لهم ولعائلاتهم. وعلى أقل تقدير، يجب أن يكون ذلك الهدف هو الذي نعمل لتحقيقه. كما أنه من المهم أيضاً بصورة خاصة أن تتوافر للنساء وللأقليات إمكانية الوصول إلى الفرص والمشاركة. لا تستطيع الدول أن تزدهر في حال كان نصف عدد السكان فيها مهمشين أو تنكر عليهم حقوقهم. لقد رأينا كيف تلعب النساء دوراً حيوياً في قيادة التقدم الاجتماعي والاقتصادي عندما يتم منحهن حقوقهن وتتأمّن لهن الفرص المتساوية. ومن خلال القيام بذلك، لا تساهم النساء في رفع مستوى حياتهن فحسب وإنما أيضاً مستوى عائلاتهن ومجتمعاتهن.

هذه المثل العليا ليست غربية أو أميركية. فهي بالفعل دروس عالمية، اكتسبها الناس عبر العالم أجمع الذين قاموا بالعملية الصعبة المتمثلة في الانتقال إلى ديمقراطية مستدامة. وبينما ننظر إلى ما يحدث الآن في الشرق الأوسط، لا يمكن بالطبع تحديد شكل هذه التغييرات سوى وفق الظروف المحلية وترك أمر قيادتها إلى قادة محليين. سوف يحدد الناس بأنفسهم ما إذا كان التغيير قد نجح أم لا. ولكن المبادئ الأساسية سوف تكون هي محكات اختبار مهمة على طول الطريق.

ولهذا السبب، ونحن نراقب ما يحدث في مصر، ونأمل أن تقوم مجموعة عريضة من أصوات وممثلي المعارضة للتأكيد أن عملية الإصلاح تشمل الجميع. نريد أن نرى اتخاذ خطوات ملموسة تشمل إصدار قوانين لإصلاح الدستور وإطلاق حرية السجناء السياسيين وإلغاء حالة الطوارئ. تقف الولايات المتحدة على أتم الاستعداد للمساعدة، حيثما يكون ذلك ملائماً، وعلى وجه الخصوص من خلال تقديم مساعدة اقتصادية تساعد في تعزيز الإصلاح وخلق فرص أكبر.

وفي تونس، نرحب بجهود القيادة المؤقتة لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تشمل الجميع، ونرحب برغبتها في إجراء انتخابات عامة بأسرع وقت ممكن. وقد تشجعنا لدى سماعنا هذا الصباح من وزير خارجية تونس أنه يرحب بفتح مكتب لحقوق الإنسان تابع للأمم المتحدة، وأن تكون أبوابه مفتوحة أمام جميع المقررين الخاصين للأمم المتحدة. إننا ندعم الشعب التونسي في هذا الطريق الطويل والصعب القادم. ومع اتخاذ شركاء آخرين مهمين، كالأردن والبحرين، لخطوات - خطوات صعبة جداً أحياناً - لفتح الحيز السياسي في بلدانهم، سوف نساندهم وندعم جهودهم لأننا مقتنعون بأنهم سوف يساعدون في تقدم جميع مصالحنا المتبادلة.

ولكن الآن، هناك رؤية بديلة لمستقبل المنطقة لا تعد سوى بمزيد من الإحباطات والخلافات. فالمتطرفون والرافضون عبر الشرق الأوسط يجادلون بأنهم هم الذين يناصرون حقوق المظلومين. ولعدة عقود خلت كانوا يدعون أن الطريق الوحيد لتحقيق التغيير هو من خلال العنف والنزاع. ولكن جلّ ما حققوه كان تقويض السلام والتقدم. إن نجاح الاحتجاجات السلمية أفقد المتطرفين مصداقيتهم وكشف القناع عن آرائهم المفلسة.

فإيران، مثلاً، تابعت باستمرار سياسات العنف في الخارج والطغيان في الداخل. وفي طهران، قامت قوات الأمن بالضرب والاحتجاز، وفي العديد من الحالات التي حصلت مؤخراً، بالقتل لمحتجين مسالمين حتى عندما ادعى الرئيس الإيراني أنه يندد بالعنف في ليبيا.

استهدفت السلطات الإيرانية مدافعين عن حقوق الإنسان، وناشطين سياسيين، ومسئولين حكوميين سابقين وعائلاتهم، ورجال دين وأطفالهم، وقادة طلاب وأساتذتهم، كما وصحافيين ومدونين.

وفي الأسبوع الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على مسئولين إيرانيين لقيامهم بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. هنا في مجلس حقوق الإنسان، نحن نعتز بالعمل مع السويد وغيرها من الشركاء لتأسيس مركز المقرر الخاص بإيران الذي سيفوض في القيام بالتحقيق وتقديم التقارير حول الانتهاكات في إيران، والتكلم علنا عندما لا تفي الحكومة هناك بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. وقد طالب الناشطون في مجال حقوق الإنسان في إيران بهذه الخطوة لزيادة الضغط الدولي على حكومتهم.

وستكون هذه لحظة عظيمة الأثر بالنسبة لهذا المجلس، وستشكل اختباراً لقدرتنا على العمل معا لدفع الأهداف التي يمثلها قدماً. وفي الحقيقة، يجب على كل عضو في هذا المجلس أن يسأل نفسه سؤالا بسيطا: لماذا لدى الناس الحق أن يعيشوا متحررين من الخوف في طرابلس ولكن ليس في طهران؟ إن الحرمان من الكرامة الإنسانية في إيران أمر مثير للغضب ويستحق إدانة جميع الذين يدافعون علناً عن الحرية والعدالة.

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 3101 - الخميس 03 مارس 2011م الموافق 28 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً