العدد 3108 - الخميس 10 مارس 2011م الموافق 05 ربيع الثاني 1432هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

رحلت ياأبي

طوبى لأرض كان بها مثواكا...

ونِعم الثرى... يا أبتاه ثراكا

أرأيت احتدام النار في جوف الثرى...؟

هو مثل قلبي...

يوم قام الضحى ونعاكا

لا تحسبنّيّ إن غبتَ عنّي سأنساكا...

لا... ولن تغيب عني ذكراكا

بلغ الزمان غايته...

وبكى فؤادي...

والموت من رؤيتي باكياً... أنجاكا

قد هان عليك الموت...

ولا تسمع نحيبي...

ولا أن تراني باكياً عيناكا

فهل هان عليك تركي وحيداً...

سأجعل قلبي كالثرى مثواكا

وعهداً عليّ...

لن أدخل الجنة...

إلا وفيها يا حبيب أراكا

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

رحلت يا أبي وتركت قلبي يعصر ألماً لفراقك

رحلت يا أبي ورحلت لرحيلك الايام والساعات

رحلت يا اغلى من كل غالي

رحلت يامن يداه حضنتني وقلبه احبني دون مقابل

رحلت يا أبي وانت من لسانه لم يكف عن الدعاء لي

رحلت ورحل كل العطاء...

كنت ها هنا... من حولنا... عملت بصمت... وإخلاص

وواجهت المرض... بصبر وايمان... و ها أنت... رحلت عنا الآن

إلى خالقك الكريم وتركتنا... تركتنا نعاني ألم فراقك

كنا نراك تعمل... بصمت وابتسامة... حتى وانت مريض... لم ترحل الابتسامة

لا نستطيع نسيانك... مهما مر الزمان... بسنينه وايامه

فأنت كنت الأب والأخ والصديق نطلب لك المغفرة والرحمة من رب العالمين

فهو ارحم الرحماء بعباده...

ودعت جسد والدي ورحل من دنيا كان لي فيها أبا عظيما...

فليرحمك رب العباد ويسكنك فسيح الجنان مع الحور الحسان...

هذه بعض الكلمات وهي أقل شيء أقدمه لوالدي رحمه الله

أرجو منكم الدعاء لوالدي

نيابة عن اخواني واخواتي

ابنتك المحبة لك

خديجة

نبوغ الطفولة البريئة

كانت جالسة على كرسي صغير، كي تستطيع أن ترى ما يكتب مازن ذو السنوات العشر، والذي كان في الصف الخامس على طاولته الصغيرة، عندما يملى عليه درس الإملاء، حين وقع نظرها على محمد وهو يكتب في زاوية من الغرفة منبطحاً على الأرض وقد انشغل بالكتابة على ورقة أمامه، نظرت إليه بحنان وسألته بلطف:

- ماذا تكتب حبيبي؟

لم يجبها لأنه منشغل بما يكتب، كان في الثالثة من العمر، وسيم جداً، إضافة إلى ذكائه المثير للانتباه، كان كثير السؤال، كثير الحركة، لديه طاقة أكثر مما لدى غيره من الأطفال الذين في عمره، انقضت نصف ساعة حتى أنهى مازن الواجب، ذهبت إلى المطبخ لتحضير طعام العشاء حيث إن والدهم سيصل بعد نحو ساعة، بعد حضور الوالد اجتمعت الأسرة الصغيرة حول طاولة المطبخ التي امتلأت بصحون الطعام، مازن أبدى عدم رغبته في الأكل، اغتنم محمد الفرصة واستولى على حصة مازن وأكمل تناول الطعام بشراهة حتى تلطخ وجهه ما أثار ضحك والديه لكنه لم يهتم بل أكمل عمله دون مبالاة، بعد أن انتهى الجميع من تناول طعامهم، نقلت الصحون إلى المطبخ وطلبت من مازن أن يغسل أسنانه لكنها وجدت محمد قد سبقه والفرشاة بيده فقالت له مشجعة:

- أحسنت محمد، دائماً سباق بكل شيء

وقالت لمازن: انظر إلى محمد كم هو مواظب

مضى من الوقت ربع ساعة فطلبت من ولديها التوجه إلى سريريهما، بعد أن وضعت كل منها في سريره وقبلتهما على جبينيهما أطفأت الضوء وأغلقت باب غرفتهما، ذهبت إلى المطبخ وأحضرت صحن فاكهة وضعته أمام زوجها... جلسا قليلاً يتابعان ما يعرضه التلفاز، نهض الزوج قائلاً إنه متعب وسيخلد إلى النوم، سألها إن كانت ترغب في النوم فأجابته بالنفي وقالت إنها ستكمل بعض الأعمال المنزلية، وبما أن الطفلين كانا نائمين فقد ذهبت إلى الصالة كي تنظفها، وقع نظرها على ورقة مطوية ومرمية في زاوية الغرفة فحسبت أنها الورقة التي كان محمد يكتب عليها حين كانت يملى درس الإملاء على مازن، التقطتها من الأرض وفتحتها، لكنها صعقت! معقول! يا إلهي... هل أن محمداً قد كتب هذا؟ نفس الكلمات التي أمليتها على مازن، لم تصدق ما ترى! نظرت إلى ما كتب مرة بعد أخرى، دون إرادة منها، ذهبت إلى حيث ينام لتسأله، كان نائماً، لم يهن عليها إيقاظه من النوم رغم أنها لا تستطيع الانتظار حتى الصباح... أخيراً، ذهبت إلى فراشها لكنها لم تستطع النوم، ظلت تفكر، هل يعقل أن محمداً قد كتب هذا بمفرده ودون أن يعلمه أحد، هذه الكلمات مكتوبة دون أغلاط؟ يا إلهي، هذا النابغة الصغير في الثالثة فقط من العمر، ليت أباه لم يكن نائماً لتخبره بالأمر، ضلت تفكر وتفكر حتى بانت خيوط الفجر، بعدها غطت في نوم عميق، عندما استيقظت من النوم وجدت رسالة من زوجها يقول فيها (على خلاف عادتك لم أجدك مستيقظة بل كنت تغطين في نوم عميق لذلك لم أوقظك، تناولت إفطاري قبل خروجي، لا تنسي إيقاظ مازن ليذهب إلى المدرسة).

أسرعت إلى مازن لتوقظه بينما كانت تنظر إلى محمد الذي كان لايزال نائماً، غيّر مازن ملابسه بينما كانت تعد له الطعام، وضعت له طعاماً في حقيبته أثناء تناوله الطعام، بعد دقائق كانت بالباب تنظر إليه وهو يركب الحافلة التي توصله إلى مدرسته، عادت مسرعة لتجد محمد قد استيقظ من النوم... بدأت تلاطفه وتسأله وهي تعرض عليه ورقته: عزيزي ما هذا... من كتبه... هل كتبته أنت؟

أشار برأسه ليؤكد لها أنه من كتبها، مازالت غير مقتنعة بالرد، أخذته إلى المطبخ وقدمت له طبق البيض المفضل عنده ثم شرب الحليب مع البسكوت، بعد أن انتهى من تناول الإفطار كان يريد أن يغادر المطبخ لكنها أمسكت به قائلة: محمد حبيبي دعنا نلعب لعبة الأمس، أنا أُملي عليك الكلمات وأنت تكتبها، موافق؟

حرك رأسه مرة أخرى بالموافقة، أحضرت قصة أطفال هذه المرة ومعها أوراق وقلم رصاص، جلست بجانبه تملي عليه قصة ليلى والذئب، كم كانت دهشتها كبيرة حين وجدته يكتب دون أخطاء، كادت أن تصرخ لكنها تمالكت نفسها واستمرت تملي باقي القصة عليه وهو يكتب دون توقف، أخيراً، وبعد انتهاء القصة سمحت له بالمغادرة، غادر المطبخ بينما باشرت هي أعمالها المنزلية، لكنها لم تستطيع عمل أي شيء، عند الظهيرة وحيث كان الأب يذهب إلى مدرسة مازن ليحضره معه إلى البيت اتصلت به وطلبت منه أن يحضر لهم طعام الغداء من أحد المطاعم، استغرب كثيراً لأن زوجته لا تحب أكل السوق لأنها بارعة في الطبخ وتوقع أن هناك أمراً ما، توقف عند أحد المطاعم واشترى وجبة الغداء وتوجه إلى البيت، حين وصوله البيت سألها عن تصرفها الغريب هذا فقالت دعنا نأكل أولاً، جلسوا إلى طاولة الطعام ليتناولوا غداءهم، كان الاثنان قلقين، الأم لا تعلم كيف تخبر زوجها، الأب لا يعلم ما الأمر، بعد أن فرغوا من تناول الطعام أخذت محمد إلى فراشه من أجل قيلولة الظهيرة بينما ظل مازن يتابع أفلام الكارتون، هنا طرحت الأمر على زوجها وأخبرته عما وجدت وكيف كان محمد يكتب بسرعة ودون أخطاء، ضحك الزوج، وضع يده على جبينها وسألها إن كانت محمومة فأجابت بالنفي وإنها جادة فيما تقول، طلبت منه الانتظار حتى يستفيق محمد من النوم، أحضرت الأوراق التي كتب عليها محمد القصة، بقي الأب حائراً، تصفح الأوراق حتى شك أنها لمازن، سأله إن كانت هذه أوراقه فأجاب بالنفي، انتظر كثيراً حتى استيقظ محمد من النوم، ورغم أن محمداً لم ينم كثيراً لكن الأب شعر أنه انتظر لساعات طويلة جداً، عندما سمع صوته هرع إليه واحتضنه، أخبره أنه سيملي عليه قصة ليكتبها فأجاب كما يفعل دوماً وأشار برأسه دلالة الموافقة، أملى عليه قصة أخرى، كاد الأب أن يجنّ لأن محمد كتب كل شيء دون تردد حتى أنه فاق في الكتابة أخاه مازن وسط دهشة والديه واستغرابهما الشديدين، بعد أيام قليلة كان محمد يحل المسائل الحسابية لأخيه مازن، دهشتهما كانت لا توصف، تشاورا كثيراً في الأمر، هل يمكن أن يخبرا الآخرين بما يفعله طفلهما ذو السنوات الثلاث أم لا؟ ماذا سيكون موقف الطفل؟ أشياء كثيرة خطرت في ذهنيهما ومن ضمنها موقف أجهزة الإعلام إذا ما وصلها الخبر؟ هل سيؤثر هذا على حياته، تجادلا كثيراً في مختلف الأمور، الأب كان فرحاً و يريد إعلان الأمر بسرعة على العكس من الأم التي كانت ترفض بشدة ولا تريد لابنها أن يفقد طفولته البريئة، تولى الأب تدريس طفله اللغة الإنجليزية بينما كانت الأم تحتجّ على سلوك زوجها بقوة مطالبة إياه ألا يضغط عليه ويتركه يلعب كباقي الأولاد، لكن لا جدوى فالأب مستمر في التدريس من جهة، ومن جهة أخرى أخبر جميع الأهل والأقرباء وكان يدعوهم ويطلب من محمد أن يكتب ويقرأ أمامهم، بعد بضعة أسابيع أصبح محمد قادراً على أن يكتب باللغة الإنجليزية بمهارة ويتكلمها أيضاً، أحد الأصدقاء اقترح على الأب تعليم محمد استخدام الكمبيوتر لأنه بالتأكيد سيتعلم بسهولة، وفعلاً هذا ما حصل حيث تعلم محمد الصغير استخدام الكمبيوتر بشكل جيد وسريع ما أبهر الجميع، مضت نحو سنة على هذه الحال أجرى محمد خلالها عشرات اللقاءات الصحافية والتلفزيونية حتى أصبح حديث الناس، مرت سنة ومحمد متوزع بين اللقاءات والدعوات تلاحقه الأسئلة ولم يستطع أن يتمتع بطفولته أبداً لأنه كان محاصراً في كل مكان يذهب إليه، أزعجه هذا الوضع جداً بحيث كان يبدو واضحاً على وجهه وامه تزداد حزناً على حاله، في أحد الأيام وصلت إلى والده رسالة من أحد أقربائه في أميركا يدعوه فيها إلى إحضار محمد إليهم، فرح الأب بالدعوة وظل لأسابيع يراسلهم بينما ازداد خوف الأم وقلقها على طفلها، بعد فترة عاد الأب إلى بيته والفرح يبدو على وجهه وأخبر زوجته أنه حصل على تأشيرة دخول أميركا ووصلته بطاقتا سفر بالطائرة له ولمحمد، صرخت الزوجة بوجهه قائلة:

- وماذا عني وعن مازن، هل سنبقى هنا؟ وكيف أترك ابني، من قال إني أريد أن يذهب إلى هناك.

حاولت إقناع الأب بموقفها وقالت إنها متمسكة بطفلها ولن تتركه أبداً، وصادف أن مازن قد تعرض لإصابة أثناء التمارين الرياضية في المدرسة ونقلوه إلى المشفى فاتصلت إدارة المدرسة بالأم وأخبرتها بالأمر، تلقت الأم هذا الخبر بفزع وسارعت لتخبر زوجها لكنه قال لها إنه يحضر اجتماع عمل لا يمكن تركه وطلب منها الذهاب بدلاً عنه على أن تترك محمد عند الجيران، فعلت الزوجة ما طلبه زوجها وتوجهت إلى المشفى، بعد وصولها بقليل اتصل بها زوجها فأخبرته بحال مازن وأن الإصابة طفيفة ولا خطر منها، سألته أن كان قد أنهى اجتماعه فرد عليها بالإيجاب وقال لها إنه قد أخذ محمد معه إلى مدينة الملاهي ليخفف عنه تأثير صدمة أخيه، طلبت منه أن يأتي إلى المشفى ليصحبها مع مازن إلى البيت فأخبرها أنه في الطريق إليهم، تأخر الزوج كثيراً، كلما حاولت الاتصال تفشل، قلقت بشدة إلى الحد الذي دفعها لتطلب من طبيب المشفى السماح لها بمغادرة المشفى مع مازن فوافق الطبيب على طلبها، أسرعت إلى بيتها فلم تجد زوجها ولا ابنها محمد لكنها فوجئت برؤية الملابس مبعثرة في كل مكان، رباه!

مجموعة من ملابس محمد وملابس زوجها غير موجودة، أصابها الجنون لهذا الموقف، اتصلت بجميع المعارف والأصدقاء تسألهم عن زوجها وابنها لكن دون جدوى، غرقت في دوامة البكاء المتواصل حزناً على طفلها، بكت كما لم تبكِ أم على طفلها، أخيراً، عرفت من أحد أصدقاء زوجها أنه قد سافر إلى أميركا مع محمد، جنّ جنونها، لكن القانون لا يمنع الأب من أخذ أطفاله من غير موافقة الأم لكن ذلك لا يشمل الأمهات، حاولت المستحيل، بعد نحو شهر وبتوصية من أخت زوجها اتصل بها لم تصدق، أجهشت بالبكاء وطلبت منه أن تسمع صوت محمد، لكنه أجاب أنه لم يتمكن من رؤيته منذ وصولهم كاد أن يغمى عليها، حين سألته ماذا يعني بكلامه، أجابها أن محمد في أمان وتحت رعاية إحدى أكبر المؤسسات العلمية هناك فصرخت واتهمته بأنه وحش عديم المشاعر وأنه باع ابنه ليكون حيوان تجارب من أجل الحصول على المال والجنسية الأميركية، رد عليها متهكماً أنها نموذج لعقلية شعوب العالم الثالث المتخلفة وعرض عليها أن تتزوج غيره لتنجب طفلاً جديداً يشابه محمد في ذكائه، الحقيقة أن محمداً كان قد ورث الكثير من صفات أمه حيث إنها كانت ذكية جداً في مجال الرياضيات وتحفظ القصائد فور سماعها ولا تحتاج للعودة إليها مرة أخرى وكذلك بالنسبة لبقية الدروس، في كلية الهندسة كانت من المتفوقات في دراستها، بعد السنة الأولى في الجامعة تعرفت على زوجها حيث كان يطلب منها كراساتها والمحاضرات التي كانت تكتبها إضافة إلى طلب مساعدتها في المشاريع الدراسية، توطدت العلاقة بينهما لتنتهي في السنة الثالثة بإعلان خطوبتهما بشكل رسمي ثم زواجهما في السنة الثانية بعد التخرج، رغم معرفته بتفوقها ونبوغها، إلا أنه فرض عليها ملازمة البيت وتكفل هو بالعمل، بعد ولادة طفلها الأول مازن استطاع الزوج أن يفتتح مكتباً خاصاً للأعمال الهندسية، مع هذا لم يسمح لها بالعمل في المكتب بل كان يطلب منها أن تساعده وهي في البيت، شيء ما كان يخيفه من ظهورها في الصورة أو بالأحرى كان يشعر بالغيرة منها، وحين علم الجميع بقصة محمد الصغير كانوا يرددون أن هذا الطفل قد ورث نبوغ والدته وذكاءها المعروف، كان يشعر بالتعاسة عند سماعه ذلك، لقد حصل على الجنسية الجديدة وحقق حلمه القديم حتى أنه لم يهتم بمصير طفله الصغير ولم يفكر بمصير ابنه مازن، فجأة, سمعت صوت زوجها:

- هل انتِ نائمة؟ لم يسبق أن رأيتك هكذا، يبدو أنك مرهقة، هل أنت مريضة؟

فتحت عينيها بصعوبة ونظرت إليه مندهشة، قالت: ماذا؟ أين أنا؟

- سلامتك, هل أنتِ بخير؟ سأوصل مازن إلى مدرسته في طريقي ولكن انتبهي لمحمد.

- محمد

صرخت بوجهه فقال لها مستغرباً: نعم محمد ما بكِ؟

لم تصدق ما تسمع، هل كانت تحلم، شعرت بوجود شيء ما في قبضتها، فتحت كفها، سقطت منها الورقة، ورقة محمد التي وجدتها في زاوية الغرفة، كانت دهشتها كبيرة، خليط من مشاعر الفرح والخوف، أسرعت إلى غرفة محمد، كان نائماً، لم تتحمل الانتظار حتى يستيقظ فاحتضنته وغلب عليها البكاء فتح محمد عينيه وشاهد دموع أمه المنهمرة، رفع يده الصغيرة ومسح دموعها قائلاًً:

- لماذا تبكين يا أمي؟

- لا شيء حبيبي, هل كتبتَ هذا.

فتحت الورقة أمامه فأجابها بحركة من رأسه كما فعل بالحلم, قالت له محذرة:

- هذا سيبقى سراً بيننا، لا أحد غيرنا يعلم به، لا تكتب سوى أمام ماما، موافق؟

نظر إليها قليلاً ثم أجاب بحركة من رأسه، نعم، لكنها كانت تفكر مع نفسها، ترى كم من الوقت يمكن أن تخفي هذا الخبر، وهل هو فعلاً بهذا النبوغ؟

وهل تستطيع أن تحمي ابنها؟

مهندية أنوار صفار


محاربة الفساد الإداري والمالي

كنا جالسين مع بعض الأصدقاء وكان الحديث يدور حول الوضع الحالي في البحرين وقد كان هناك اتفاق على أن الوضع إذا استمر على ما هو عليه فإنه يؤدي إلى انهيارات اقتصادية وآثاره السلبية أكبر من آثاره الإيجابية والدعوة إلى الحوار التي تبناها سمو ولى العهد واستعداده للجلوس مع المعارضة وقبول إدراج كل المواضيع على طاولة الحوار فيها الكثير من الرغبة في الوصول إلى حلول مشتركة ترضي جميع الأطراف وتضع حداً للأزمة التي يمر بها البلاد حالياً. وقد كان من بين المواضيع التي تكلمنا عنها موضوع وضع حد للفساد الإداري والمالي الذي لاشك أنه سيثار في الحوار وأثناء الحديث توصلنا إلى تعريف لهذا التصرف السيئ من أصحاب المناصب وهو «استغلال المنصب للوصول إلى مصلحة شخصية» وبدأنا بذكر الأمثلة على ذلك وهى:

أولاً: الحضور إلى العمل متأخراً والخروج مبكراًَ لأن الموظف بهذا التصرف يسرق الوقت والوقت هو المعيار في احتساب راتبه.

ثانياً: استخدام وسائل النقل الخاصة بالعمل في توصيل الحاجات الخاصة أو أفراد العائلة إلى البيت في وقت العمل أو خارجه.

ثالثاً: ترك العمل وسط ساعات العمل بدون عذر شرعي لإتمام أعمال خاصة والإهمال والتكاسل أثناء العمل المؤدي إلى تعطيل وتأخير إنجاز معاملات المراجعين.

رابعاً: قبول استلام الرشوة لإنجاز عمل غير قانوني أو تسريع إنجاز عمل على حساب الآخرين.

خامساً: قبول أموال في سبيل تسهيل عملية ترسية مناقصة على شخص معين.

سادساً: قبول عمولة مقابل شراء احتياجات الإدارة من محل معين.

سابعاً: تأجير أملاكه وأملاك أقاربه على نفس الإدارة التي يعمل بها.

ثامناً: تقاضي الرشوة مقابل التغاضي عن تقصير المقاول في التقيد بالمواصفات المتفق عليها لإنجاز العمل.

تاسعاً: توظيف الأقارب والمعارف في نفس الإدارة التي يعمل بها في حال وجود منافسين آخرين أكثر كفاءة للقيام بالعمل.

عاشراً: توجيه الإدارة للشراء أو استخدام الخدمات المقدمة من مؤسسات يملكها أو يملكها الأقارب.

الحادي عشر: أخذ الأدوات والأجهزة الموجودة لاستخدام العمل إلى البيت للاستخدام الخاص كالقرطاسية وما شابه.

الثاني عشر: استخدام المرؤوسين لإنجاز معاملات خاصة ليس لها علاقة بالعمل.

الثالث عشر: استخدام المنصب لإيصال الضرر إلى أشخاص ينافسونه في أعماله أو أعمال أقاربه الخاصة.

الرابع عشر: عدم التقيد بدفع ثمن مشترياته والخدمات المقدمة إليه على الحساب ملوّحاً بالمنصب أمام طلبات الدائنين بالسداد.

الخامس عشر: استخدام المنصب لتعطيل مشاريع لأشخاص أو شركات يرفضون تقديم رشوة إليه.

السادس عشر: استخدام النفوذ للاستحواذ على أملاك عامة.

السابع عشر: تقديم إنجاز معاملة دافع رشوة أو قريب أو صديق.

الثامن عشر: التغاضي عن جميع أو بعض الشروط المطلوب توافرها لإنجاز معاملة ما إذا كان صاحبها دافع رشوة أو قريب أو صديق.

الأمثلة المذكورة غيض من فيض وهناك اتفاق عالمي بين جميع مفكري حقل التنمية على أن التنمية الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا بالقضاء على الفساد الإداري والمالي الذي هو السبب الرئيس للتخلف بسبب تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ولاشك أن سمو ولى العهد لن يتأخر عن الجهود لاستئصال هذا المرض من جذوره. ومن الله نسأل أن ينعم علينا بالسلام والأمن والتغيير الإصلاحي والمساواة بين المواطنين، إنه سميع مجيب.

عبدالعزيز على حسين

العدد 3108 - الخميس 10 مارس 2011م الموافق 05 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً