العدد 3119 - الإثنين 21 مارس 2011م الموافق 16 ربيع الثاني 1432هـ

الفتنة الطائفية... الخطر القادم

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

في صحيح مسلم أن الله - سبحانه - تعهد لنبيه الكريم أن لا يهلك المسلمين بمصائب عامة، وأن لا يجعل عددهم يتغلب عليهم ويبيدهم، لكنه – جل وعلا – جعل هلاكهم بأن «يكون بعضهم يملك بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً» وقوله - عليه السلام - يؤكد أن هذه الأمة لن تضعف أو تموت الا بالاختلافات الداخلية التي تقود إلى الاحتراب والتنازع الشديد.

أضع يدي على قلبي هذه الأيام وأنا أشهد صوراً من الاقتتال الطائفي المدمر في بعض بلادنا العربية، ولعلي أراه أسوأ بكثير مما كان عليه الحال في العراق عندما كان القتل والتشريد على الهوية الطائفية!!

قد يقول البعض إن هذا الاقتتال لا أثر له – حالياً – الا في البحرين، وهو أيضاً لا يكاد يذكر، هذا إذا تجاوزنا الحديث الإعلامي من هذا الطرف أو ذاك عن اعتداءات على أفراد أو ممتلكات، وكل فريق يعزو هذا الفعل للفريق الآخر، وقد يقول هذا البعض: إن كل البوادر تؤكد أن الاختلافات في طريقها إلى الانتهاء!

في هذا المقال المختصر لن اتحدت عن تفاصيل كثيرة لأن هذه التفاصيل لا يستوعبها مقال أسبوعي، وقد لا يكون مهماً الحديث عن تفاصيل كثيرة حاليا لكنني سأحاول رسم صورة تقريبية لحجم الفتنة الطائفية في عالمنا العربي والتي أعتقد انها تؤثر عليه كله، وقد تقوده لكارثة لا تعرف عواقبها في نهاية المطاف!

في البحرين طائفتان. سنية وشيعية تعايشتا معاً منذ مئات السنين واتخذ بعضهم من البعض الآخر نسباً وصهراً، ولكن هذا التعايش الرائع اتخذ منحى مغايراً ومؤلماً بعد الاحداث الأخيرة، وأصبح من الصعوبة بمكان إعادة الأمور إلى ما كانت عليه؟!

أصبح هناك اتهامات متبادلة بين الطائفتين، الواحدة تتهم الأخرى بأنها قتلت أبناءها وأحياناً امتنعت عن مواراتهم حتى ماتوا، وثالثة هدمت ممتلكاتهم وروعت أمنهم، واتهامات أخرى كثيرة يتبادلها الطرفان!

وبغض النظر عن صحة ذلك من عدمه فإن الشحن الطائفي على أشده، وأجهزة الإعلام تقوم بدور بغيض في هذا الاتجاه، والمواطنون يتأثرون بما يسمعون ودلائل ذلك واضحة مما ينقله الإعلام من أبناء هذه الطائفة أو تلك!

في ظل هذه الأوضاع هل تتوقع ان تعود الأمور إلى نصابها قريبا؟! كيف ومتى؟!

انتقلت العدوى إلى الكويت، فطائفة وقفت مع شيعة البحرين وأخرى مع سنتها!! طائفة تطلب من الدولة أن تشارك في «درع الجزيرة» وأخرى ترى ذلك جريمة!! والاختلاف مها كان حجمه – خاصة المذهبي – سيبقى في النفس فترة طويلة!

وفي السعودية... مشاعر الشيعة مع شيعة البحرين وكان هذا واضحاً، لكن السنة كان لهم رأي آخر!

الشحن المذهبي تجاه ما يحدث في البحرين ظهرت آثاره في العراق ولبنان وإيران وربما غيرها، وبدأنا نسمع أوصافاً غير لائقه يطلقها اتباع كل فريق على الآخر، كما أن التحريض بلغ مرحلة سيئة وكأن كل الأزمنة الطيبة التي عاشتها الطائفتان أصبحت جزءاً من الماضي، وكأن الوضع الحاضر أصبح بديلاً لا مفر منه!

وللأسف فقد شارك الإعلام في توسيع الهوة بين الطائفتين، فبدأنا نسمع تخوين كل طائفة للأخرى، وتكفيرها أحياناً، وبدأ نبش التاريخ القديم بغية إثبات ما يذهب إليه البعض في إثبات التهم التي يطلقها على الطائفة الثانية وهكذا...

هذا الوضع الذي وصلنا إليه هل سببه عوامل خارجية أم استعداد كان في نفوس الناس؟! يقول البعض: إن هناك جهات خارجية تقوم بتحريك الفتن الطائفية والمذهبية في العالمين العربي والإسلامي لأن هذه الجهات تحب أن تضعف المسلمين والعرب، لأن هذا الضعف يصب في مصلحة إسرائيل!

ومع وجاهة هذا القول إلا أن من يسعى – عملياً – للفتنة الطائفية هم من أبناء الطائفتين أنفسهم وليسوا أعداء خارجيين... فإذا كان للأعداء مصلحة من تفرق المسلمين فما هي مصلحة المسلمين أنفسهم من هذا التفرق؟! الذي لا أشك فيه أنه لولا لاستجابة التي تلاقيها هذه الدعوات لما حدث ذلك التفرق الكبير الذي نراه اليوم!! من العيب أن نرمي أخطاءنا على الآخرين في الوقت الذي نقوم نحن بكل الأعمال التي تفرقنا...

الذي أراه أن الأجواء مهيأة لحرب طائفية غير مسبوقة في تاريخنا الإسلامي، و إذا لم يتحرك عقلاء الأمة من سياسيين وعلماء، ومثقفين، وكل من بيده قدرة على فعل ما يقرب بين الطائفتين، فإن المستقبل سيكون مظلماً للجميع

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3119 - الإثنين 21 مارس 2011م الموافق 16 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 1:01 م

      بارك الله فيك يا شيخ

      بارك الله فيك شيخنا الجليل وكثر الله من أمثالك. لو أن كل شيوخ الأمة من أمثالك لما خشينا من فتنة طائفية.

    • زائر 19 | 12:32 م

      سبب الأزمة الطائفية

      حين فجر برجي التجارة العالمية ، اجتمع العالم كله لمحاربة سلاح القاعدة ، وتجفيف كل منابعه المالية ، للحد من تحركاته العسكرية .. ولكن بقي فكر القاعدة يشاع في الأوساط الثقافية والمجتمعية ، ترعاه جهات معينة بوسائل اعلامية ممتدة في فضائنا العربي ، يمارس التشطير المجتمعي في الفكر والاصطفاف ، يتبعه توجيه سلاح القمع والقتل

    • زائر 18 | 11:46 ص

      شيء طبيعي

      أكيد عندما يفضل والدك أخيك عليك, تطالب بتغيير الأب

    • afaf saeed | 9:26 ص

      مظلوووومين

      كنا وما زلنا احبة ... نحن ضد الظلم والتمييز تخيل يا اخي عندما يفضل والدك اخيك عليك ما احساسك ونحن نرى الغريب الاجنبي افضل منا بكثير وله امتيازات لا نحلم بها

    • زائر 3 | 12:36 ص

      على الأقل...

      البادي أظلم

اقرأ ايضاً