العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ

علي خليفة يوائم بين الشعر والرسم على الزجاج

في آخر إصداراته «وشائج»

في إصداره الأخير «وشائج» الذي دشّنه في احتفالية فنية كبرى بمركز عيسى الثقافي، يشرع الشاعر علي عبدالله خليفة في سرد حكايته مع الوشائج التي أخذت تتكون شيئا فشيئا حتى صارت مشروعا ناجزا، ويقدمها بقوله «الشعر... هذا الفن العريق الجميل الذي أسلمت إلى هواه قياد روحي، رسم أقدارا صنعتها مهرجانات ومؤتمرات وأمسيات وملتقيات شعرية حول العالم أسهمت في التأسيس لشبكة علاقات ثقافية ولدت (وشائج) إنسانية حميمة نتج عنها هذا العمل المشترك».

ويبين خليفة أهم المحطات التي كانت موردا لتكوّن هذه الوشائج حيث يشير في البداية إلى لقائه الأول بالشاعرة المغربية ثريا إقبال بالمملكة المغربية، في مارس/ آذار من العام 2004 ساردا لحظات اللقاء «كنا ضمن مجموعة من الشعراء نشارك في مهرجان الشعر العالمي الذي ينظمه المعهد الفرنسي في الحدائق العامة والأسواق والساحات الشعبية. ويتابع هي شاعرة عربية مجيدة تمرّست في كتابة الشعر بالفرنسية، وقد أصدرت مجموعة أعمال عن دور نشر مغربية معروفة. وسرعان ما توطّدت بيننا صداقة ومودة خاصة وهي بدورها قادتني إلى التعرف على الصديق الشاعر بيير فيوجيه المدير الفني لبيت الشعر رون ألب بمدينة غرونوبل الفرنسية. وفي الشهر الأخير من العام التالي كنت والشاعرة ثريا نشارك بمهرجان خريف فرنسا للشعر بمدينة غرونوبل كنت أقرأ قصائدي بالعربية وتتولى هي الترجمة إلى الفرنسية.... ويتابع حينها أحسست بأكثر من وشيجة إنسانية تجمعني بهذه الشاعرة وهي تنقل كلماتي باجتهاد من لغة النص الأصلية إلى لغة أخرى وتنفعل بما تجد فيها، فتوطدت بيننا صداقة حميمة امتدت لتشمل أنشطة ثقافية وفنية قامت بها ثريا في البحرين لاحقا».

وفي تفاصيل لقائه بالرسامة التشكيلية شانتال يقول «في الزيارة الأولى لمدينة غرونوبل الواقعة عند أحد سفوح سلسلة جبال الألب الشهيرة في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2005 أخذني الصديق الشاعر بيير فيوجيه وهو يعرفني على معالم المدينة إلى مرسم التشكيلية الفرنسية شانتال لوجندر. كان المرسم هو ذاته بيت سكنى الفنانة، وحين وطأت قدماي المدخل الخارجي طالعتني حديقة صغيرة موزعة في كل إنحائها منحوتات وتماثيل حجرية بمختلف الأحجام والأشكال. وفي صالة البيت التقيت الفنانة شانتال لأول مرة. رحبت بي ثم انشغلت بالحديث مع الصديق الذي قادني إليها».

ويصف خليفة الأعمال الزجاجية للفنانة شانتال والتي ستكون مدخلا فيما بعد للعمل المشترك بينهما ومجالا لتراسل الفنون بقوله «وانهمكت أنا في تأمل مجموعة من اللوحات الزيتية والزجاجية والتماثيل الحجرية الموزعة هنا وهناك بطول وعرض الصالة. بعدها أطلعتني الفنانة باعتداد على عدة مشاريع فنية مشتركة بأشكال طباعية مختلفة أنجزتها بالتعاون مع شعراء من بلدان عديدة. أعجبتني شانتال في تعاملها مع النصوص الشعرية وأحسست بانجذاب إلى فنها وإلى أسلوبها في تشكيل صهر الزجاج، وهي عملية تقنية أدركت فيما بعد بأنها شاقة ومعقدة. ويواصل خليفة سرد حكايته فيصل لمحطة النقد ويشير إلى التونسية نور الهدى باديس هذه الحكاية التي بدأت منذ مشاركته في ديسمبر 2005 في ندوة عن الشعر الحديث نظمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، إذ يقول «ولفتت نظري باحثة تونسية شابة قدمت بحثا في الندوة حول تكريس الأنموذج المثالي لصورة الحبيبة في الشعر العربي، وعندما التقيت الباحثة الدكتورة نور الهدى باديس على العشاء بمنزل الروائية الكويتية ليلى العثمان مساء اليوم التالي وتبادلنا حديثا عابرا عن التواصل الثقافي وعن شح ما يصل إلى تونس من النتاج الأدبي لأبناء الخليج العربي فاتفقنا على أن نتواصل أدبيا، نحن الاثنين على الأقل، فتبادلنا المؤلفات عبر البريد فتكشف لي من خلال قراءة أبحاث باديس بأنني لست أمام ثراء نقدي وعمق تحليلي في تناول النص الأدبي وسبر أغواره فحسب، وإنما أمام مشروع نقدي عربي جديد هو أبعد ما يكون عما نقرأ من دراسات نقدية.... وحاورتني باديس طويلا حول مراحل ومفاصل تجربتي الشعرية الممتدة لأكثر من أربعين عاما وواجهتني بأسئلة فكرت مليا قبل الإجابة على بعضها ولم أجد جوابا عندي لبعضها الآخر ثم فاجأتني بدراسة تحليلية معمقة عن مجمل تجربتي الشعرية جعلتني أعيد قراءة كل أشعاري من جديد لأتلمس الخيوط والرموز والكلمات والمعاني التي جمعتها وفتحت بها أفق مسار التجربة...».

وعن القراءة النقدية الفرنسية يشير الشاعر بقوله: رأيت أن لا بد في (وشائج) من قراءة نقدية بقلم فرنسي فقام الشاعر سيميون بترشيح دافيد دومورتييه وهو ناقد فرنسي يجيد العربية، قرأ قصائدي المترجمة إلى الفرنسية ثم طلب قراءة مجمل نتاجي الشعري بالعربية وكتب شيئا مختلفا عبّر به عن رؤية خاصة جمعتني والشعر والبحر والبحرين ووضعتني في ظمأ كوني حارقا إلى الآخرين، وهي ربما ملامسة ذات بعد وفهم خاص لمجمل التجربة.

وعن حضور الخط العربي في تجربة «وشائج» يقول الشاعر خليفة: لعبت الشاعرة ثريا دورا مهما منذ البداية في لقائي بالفنان الخطاط مصطفى أمناين، وعبر ما تبادلناه من رسائل بالبريد الإلكتروني. تحاورنا طويلا حول الخطوط المطلوبة لـ(وشائج) وتم استعراض مجموعة لا حصر لها من التجارب وكنا ننوي في البداية أن يضمن كتاب وشائج عددا من الحروفيات لكنا عدلنا معا عن ذلك لنترك لأعمال شانتال كل المساحة المقررة للتشكيل دون مزاحمة.

وعن كواليس «وشائج» تدقيقا مراجعة أكاديمية يقول «كان لقائي عابرا أيضا بأستاذ الترجمة البشير قربوج في تونس، لكن صورة جميلة استقرت في ذاكرتي لهذا المختص وهي صورة الإنسان الدقيق في التزامه بالوقت... الضليع في مجال اختصاصه دون منازع». ويرجع الفضل في معرفتي الممتدة بالبشير قربوج إلى الأكاديمي التونسي محمد عبدالله النويري الذي تابع معي دقائق هذا العمل من بلد إلى بلد أثناء تجوالنا، وأشرف عليه اشرافا أكاديميا فيه روح الإبداع الإنساني وحس الذواق الأصيل.

وعن الرؤية الإخراجية يقول خليفة «رشحت الفنانة شانتال المصممة الفرنسية ستيفاني ديبوت (أتيليه جرافيك) لوضع الرؤية الإخراجية للكتاب وتصميم صفحاته والإشراف على طباعته...، لم ندخل في نقاشات مع المصممة حول رؤيتها الإخراجية وتركنا الأمر بين يديها معتمدين على الذائقة الفرنسية في التصميم والإخراج الفني متأكدين بأن السيدة ستيفاني ستعبر عنها أصدق تعبير».

العدد 2449 - الأربعاء 20 مايو 2009م الموافق 25 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً