العدد 3128 - الأربعاء 30 مارس 2011م الموافق 25 ربيع الثاني 1432هـ

حذار من تأجيج نزعة الانتقام

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

تمر بلادنا بمرحلة حرجة تتطلب الحكمة والمسئولية وبعد النظر للخروج منها ومعالجة تبعات الأزمة التي عصفت ببلادنا طوال أكثر من شهر. وإذا كان الاعداء المتحاربون يتوصلون إلى هدنة ثم التفاوض ثم الصلح، فإن أبناء البلد الواحد واخوة المصير أكثر قدرة، لتجاوز خلافاتهم أو حلها من خلال الحوار الاخوي والتوصل إلى حل توافقي.

لكن المؤسف بأنه بدلا من الدعوة للتآلف فإن هناك من ينفخ نار الفتنة، وتعزيز روح الانتقام وتصوير المختلفين معهم بأنهم خونة وعملاء ومتآمرون.

لا يمكن الانكار انه قد حدثت اصطفافات سياسية وطائفية ولا يمكن الانكار في ان الهوة كانت عميقة ما بين مكونات اساسية في المجتمع اتخذت للأسف استقطابا طائفيا. كما لا يمكن إنكار أن المواقف ما بين المعارضة من ناحية والسلطة من ناحية أخرى كانت متباعدة، لكن ذلك لا يعني أن المعارضة المشروعة والسلطة لم يكونا قادرين على ردم الهوة لو أنهما انخرطا في مفاوضات جدية لذلك فإن إلحاح شخصيات سياسية وإعلامية ودينية، على أنه لا سبيل إلى الحوار، وأن الوقت هو وقت تصفية الحساب مع الذين شاركوا في الاحتجاجات، وهذا يدفع للأمور نحو الهاوية. يجب أن يدرك هؤلاء أنهم بهذا التأجيج الطائفي، والتحريض السياسي وخطاب الكراهية، لا يفيدون النظام السياسي، ولا يساهمون في إعادة الثقة إلى شعبهم ووطنهم، وإعادة اللحمة التي تربطنا معاً.

لقد قدر للبحرين أن تكون بلد التعددية الدينية والمذهبية والإثنية وظلت البحرين جزيرة على مفترق طرق، يأوي اليها الناس من مختلف المناطق المجاورة والبعيدة ويستقرون فيها ويتعايشون في انسجام وامان. ولقد أثبت المواطنون من خلال استفتاء الأمم المتحدة العام 1970 على تمسكهم بخيار الاستقلال في دولة بحكم سياسي وراثي ديمقراطي في عائلة آل خليفة، حسب ما حدده دستور 1973. كما أكد شعب البحرين والحكم خياره الواضح في الإصلاح حيث صوت 98.4 في المئة من الشعب على ميثاق العمل الوطني. وإذا كان من درس للاحداث العاصفة التي عصفت بالبلاد طوال أكثر من شهر، وهو ما استنتجه بصحة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، هو أن هناك حاجة لإعادة الروح للميثاق بآفاق أرحب وإدخال إصلاحات ومعالجة اختلالات عميقة في الجوانب السياسية والاقتصادية وفي بنية الدولة، من خلال حوار لا يحده سقف.

إذاً وبغض النظر عما جرى من أحداث دامية وشرخ عميق أصاب المجتمع وأصاب العلاقة ما بين الدولة ومواطنيها، فإن المسئولية الوطنية تتطلب تضميد الجراح. والحد من المزيد من الخسائر البشرية والمادية، ومواساة من فقدوا أحباءهم ومن تضرروا أو أضحوا ضحايا بمن فيهم الجرحى والمعتقلون والمفقودون وعائلاتهم، ان قدرنا هو أن نعيش معا كما كنا لقرون عدة، وأن نتصالح بعد الخصام، وأن نتوصل إلى التسويات التي هي لصالحنا جميعا، وليست على حساب طرف دون آخر. وبالتأكيد ليس من مصلحتنا أن يشعر نصف أبناء الوطن أنهم انتصروا على النصف الآخر.

إن التحريض ضد قيادات سياسية ودينية ومجتمعية واتهامهم بالخيانة وعدم الولاء وغيرها من الاتهامات واتخاذ اجراءات عقابية ضدهم ومحاربتهم في ارزاقهم وتعليمهم وسكنهم، وإذلالهم، سيحفر جروحا عميقة وغائرة في نفوسهم جيلا بعد جيل. إنها وصفة لخراب النفوس قبل خراب البلاد.

هذا البلد له خصوصية وهي التعايش بين مختلف مكوناته والاعتدال وهو ما يميزه على امتداد التاريخ. فدعونا ألا ندمر هذه الخصوصية الجميلة التي نفتخر بها جميعاً.

أقول لمن يمارس التحريض والتشفي، رفقاً بهذا الشعب المكلوم ورفقا بهذا البلد الجريح فلنعمل جميعا على تضميد الجراح وليس نكئها.

حفظ الله البحرين وشعبها

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3128 - الأربعاء 30 مارس 2011م الموافق 25 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 1:20 م

      كلام في الصميم

      كلام في الصميم شكرا لك يالدكتور ينبغي ان يكون المخلاصيين بهدا الفكر للخروج من هذه الازمه

    • زائر 15 | 9:25 ص

      شكر من مواطنة متجنسة

      أشكرك من كل قلبي ، اين كنت من قبل يا أستاذ عبد النبي فعلا كل ما قلته واقع وصحيح وممكن تنفيذه انت وامثالك من المواطنين الشرفاء والمناضلين القدامى تستطيعوا ردم الهوى بين الطرفين والتأسيس لمجتمع متسامح ودود كما هو دائما ، وفق الله الجميع لخدمة هذا الوطن واعاننا على خدمتة وشرف انتمائنا له .

    • زائر 10 | 4:19 ص

      ليس لدينا مشكلة في التعددية الدينة أبدا بالمرّة

      لا يوجد بلد في العالم لا تتعدد فيه الأديان والمذاهب وبلدنا ليس بدعا من بلدان العالم وهذا أمر لا يؤثر علينا فبيننا محبة ولحمة قوية حتى مع الإختلاف. وما حصل هو تحوير للمطالب على أنها
      مطالب من طائفة معينة لتأجيج طائفة على أخرى.
      المطالب سياسية وحقوقية بحتة حتى القادة من الطائفة السنية الكريمة اعترفوا ان الوضع يحتاج إلى إصلاح وولي العهد أيضا قال ذلك. فأين المشكلة بين السنة والشيعة وما دخل قضية المذاهب في الأمر؟
      يا جماعة لا تذهبن بكم المذاهب كونوا واعين

    • زائر 9 | 4:18 ص

      بين العكري والجمري

      المقالان يصبان في مصب واحد ان نعيش الحب والترابط والاخوة في وطن واحد شير في شبر يسع متحابان والدنيا كلها لا تسع متباغضان فمن هو الذي يبث البغض والحقد؟؟؟لا هذا ولاذاك يوجد طرف ثالث وكلنا نعرفه ولكن نخاف او نتحرج من ذكره

    • زائر 8 | 3:31 ص

      أرجوكم خلوني أفهمكم أساس المشكلة

      إحنا نحس بالتهميش من 10 سنوات كله تقولون المعارضة و الحكومة, يا ناس أحنا موجودين, الحياة مو كله مطالب من المعارضة و استجابة من الحكومة
      احنه بعد لنا مطالب ,, أنا أرى بداية الحل هو التسليم بأنه المعارضة تشكل مكون أساسي من الشعب البحريني بس مو كل الشعب و الحوار أذا كان بين المعارضة و الحكومة إحنا مو ملزومين بنتائجه..

    • زائر 5 | 2:41 ص

      من ينظر للبعيد

      أعتقد أن من ينظر للقادم من الزمان عليه أن يشاركك الرأي سيد عبد النبي , لأن دوام الحال من المحال , أما من نظرته لا تتعدى حدود أنفه فسوف لن يعير انتباه لمقالك الرائع .. شكرا لك

    • زائر 4 | 2:22 ص

      نعم هذا هو الكلام الصائب

      نعم هذا نعم الكلام وقد اصبح موكد ان الاجراءات الامنية لايتجلب الا الدمار على البلاد والاقتصاد والشحن الطائفي اسوا منه فهذه فتنة نهى الله العزيز عنها وقال في كتابه المجيد الفتنة اشد من القتل .
      فاتقوا الله ياولى الالباب

    • زائر 1 | 1:34 ص

      Common Sense

      قد يدعي بعض المنظرين الفوضى لإعادة الترتيب الخاضع لقانون الفوضى، إلا انه يبرز هنا قانون التطور غير المتكافئ وهنا تكمن الصعوبة في فرض أي تدخل يخل بالأخير..

اقرأ ايضاً