العدد 1219 - الجمعة 06 يناير 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1426هـ

تحالف «الوفاق» ضرورة لا ترف

زكريا راشد العشيري comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كثرت الكتابات والأحاديث التي تتطرق لقضية تحالفات جمعية الوفاق الوطني الإسلامية فيما لو قررت المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وماهية وطبيعة تلك التحالفات. فهناك من يراها مجدية بعد الانتخابات، ومن يراها قبل الانتخابات وقد نجد من يحصر التحالف مع فئات معينة تشترك مع «الوفاق» في نظرة ايديولوجية معينة، أو قد نجد من يرفض التحالف مع البعض للسبب نفسه.

وإن جاز لي تناول الموضوع بحكم مواطنيتي أولاً، وعضويتي في «الوفاق» ثانياً، فإنني أرى أن التحالف والتنسيق مع القوى السياسية العاملة في الساحة ضرورة وليس ترفاً، وهذا التحالف يجب ألا يكون مرتبطاً فقط في المشاركة أو عدم المشاركة في الانتخابات، بل هو أمر مبدئي واستراتيجي، لا يمكن أن يفكر أي كان في الاستفراد والاستغناء عنه تحت أي ظرف أو عذر. وللإنصاف فإن مثل هذا التحالف موجود وقائم، كما هو التحالف الرباعي.

وبعيداً عن تقييم أداء التحالف الرباعي في قضية المقاطعة التي يقال فيها الكثير، فإن قرار المشاركة في الانتخابات إن حصل فإنه يتطلب تنسيقاً وتحالفاً أكبر وأكثر مما تم لحد الآن. فالدخول تحت قبة البرلمان تحكمه عدة عناصر من قبيل أنها محدودة بمجال زمني محدد قد يمتد ليأخذ مداه الطبيعي وهو أربع سنوات، وقد يكون أقصر، إن تطلب الأمر الحل وانتخاب برلمان جديد. وفى كل الحالات هناك تقييم من الناس والمجتمع في نهاية المدة لأداء الجمعيات ونوابها في المجلس، بل هناك جرد يجب أن يتم كي نرى ما الذي استطعنا تحقيقه وما الذي يحتاج وقتاً، وفيما أخفقنا، بعكس موضوع المقاطعة التي لا يحدها زمن فهي مفتوحة الزمن وقد لا يجد المقاطع أنه ملزم بأي جرد أو تقييم، إذ لا توجد مدة أو فترة يمكن أن تسمى عمراً أو دورة لتبدأ بعدها دورة أخرى.

فوجود زمن لدورة البرلمان يفترض فيها أن نشرع خلالها قوانين تحسّن من حال البلد وتقودنا إلى وضع أفضل من الوضع الذي سبق تلك الدورة يتطلب أموراً كثيرة، من قبيل تلمس واكتشاف الأمور والقضايا الملحة التي تمس حياة المواطن اليومية وتساهم في تحسين وضعه، وفي الوقت نفسه وضع استراتيجيه طويلة المدى لتلمس حاجات الوطن المستقبلية التي تساهم في تطوير البلد، سواء من ناحية سياسية أو اقتصادية أو غيرهما، وتستشرف المستقبل لتفادي أي مشكلة أو تفاقمها.

وهكذا فالعناصر التي تحكم عملية الدخول تختلف عن العناصر التي تحكم عملية المقاطعة. وعليه، إذا كان التحالف الرباعي ضرورة فهو في موضوع المشاركة أكثر ضرورة، بل ويصبح ملحاً إلى أبعد الحدود.

فلكي تكون المشاركة مجدية، ولكي تجب ما قد يحسبه البعض خسارة لبعض مكاسب المقاطعة إن وجدت، ينبغي أن تدير «الوفاق» تحالفاً قوياً مع من يلتقي مع الأاطراف التي تلتقي معها، ويساعدها على تحقيق أهدافها التي تتوخاها من عملية الدخول في البرلمان، وخصوصاً في ضوء توزيع الدوائر غير العادل، الذي استهدف بلاشك «جمعية الوفاق» وتيارها بالأساس، وحاول منعه من أن يأخذ موقعه الطبيعي تحت قبة البرلمان.

غير أن الحديث عما ينبغي أن يكون ذلك التحالف، فلا أعتقد أن الوفاق بحاجة إلى تغيير رفاق دربها في المقاطعة (التحالف الرباعي)، إلاّ إذا غيّر أحدهم رؤيته واختار بديلاً لتحالفه مع الوفاق.

والماضي القريب يثبت أن القوى التي لديها ميول مشتركة مع الوفاق من ناحية الاتجاه الإسلامي، كانت أول من وقفت أمام الكثير من فعاليات الوفاق الدستورية، بل ومارست نوعاً من التحريض الرخيص وتأليب السلطة ضد الوفاق وتيارها. وذلك أحد الأسباب التي تستوجب تقوية التحالف الرباعي والإصرار عليه للعمل على وصول عناصر تؤمن بهذا التحالف ومبادئه وتعمل على تحقيق أهدافه التي تصب في مصلحة الجميع.

غير أن النقطة التي قد يتجاهلها الكثيرون، عن قصد أو غير قصد، هي: ما هو نوع التحالف والتنسيق الذي ينبغي للوفاق أن تأخذ به؟

إجابة ذلك السؤال هو الذي قد يجعل البعض يثير كثيراً من الغبار والمعارضة للتحالف الرباعي، ويدعو إلى حله ودخول الوفاق منفردة، وذلك لجهله بطبيعة التحالف، فالبعض يتصور أن على الوفاق أن تتنازل عن مقاعد مضمونة لهذا الطرف أو ذاك، كي ينجح التحالف، وهذا هو الاشكال التي يقع فيه الكثيرون من منتسبي تيار الوفاق.

إن التحالف الذي نؤمن به، هو الاتفاق على حد أدنى معلن من الأهداف والتطلعات التي يؤمن بها التحالف، والتنسيق لإنجاح مرشحي التحالف الذين يتوقع، بل يفترض أن يكونوا ضمن قائمة واحدة.

طبعاً، نتوقع عدم تنافس أو تصادم مرشحي التحالف مع بعضهم، في أية دائرة، فمن المتوقع أن كل تيار يعرف مواقع الثقل ومراكز تجمعه، وعليه ينبغي من كل طرف أن يدعم مرشح الطرف الآخر في الدائرة القوي فيها، وأن يحث تياره على التصويت لذلك المرشح. فهكذا ينبغي أن نفهم التحالف، وبحسب معرفتي ببعض قياديي التحالف فإن هذا التفسير ليس بعيداً عن فهمهم، بل هذا ما يسعون إليه.

نعم، بعد ظهور نتائج الانتخابات قد يتطلب الأمر نوعاً من التحالف أو التنسيق، الذي قد يضم أطرافاً أخرى، وذلك بحسب موازين القوى التي سيتشكل منها المجلس المنتخب في ضوء النتائج المعلنة، وذلك لما يتطلبه تشكيل هيئات المجلس وسلطاته من قبيل اختيار الرئيس وأعضاء مكتبه ولجان المجلس التي تتطلب التنسيق بين كل أعضاء المجلس

العدد 1219 - الجمعة 06 يناير 2006م الموافق 06 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً