العدد 2451 - الجمعة 22 مايو 2009م الموافق 27 جمادى الأولى 1430هـ

هل الزعيم العراقي الغامض مقتدى الصدر يستعد للعودة إلى الأضواء؟

مدينة الصدر - ميسي ريان، وليد إبراهيم 

22 مايو 2009

توارى الزعيم الديني العراقي الشاب مقتدى الصدر الذي عبأت رسالته النارية المناهضة للولايات المتحدة ملايين الشيعة الفقراء بعد غزو العام 2003 عن الأنظار منذ اتجه إلى الدراسات الدينية في إيران قبل عامين. لكنه الآن ربما يسعى إلى إظهار نفسه بصورة جديدة أقل تشددا لكسب دعم أوسع نطاقا بين مختلف الأطياف الدينية العراقية. لكن سيكون من الصعب على الصدر وعلى ساسة آخرين في البلاد التي بدأت تخرج لتوها من سنوات من أعمال العنف الطائفي تغيير صورته وبناء قاعدة عرقية وطائفية عريضة قد تعيده إلى مكانة سياسية بارزة.

يقول المحلل سعد الحديثي في بغداد إنه بعد الاختفاء لعامين يبدو أن الصدر يريد بداية جديدة. وأضاف أنه ربما يحاول أن يستبدل الوجه العسكري لحركته المتمثل في جيش المهدي بوجه سياسي جديد. وتجدد الحديث عن الطموحات الانتخابية للصدر الذي يكتنفه الغموض وأصبح ظهوره على الساحة العامة نادرا منذ بدأ مسعاه لارتقاء سلم المراتب الدينية الشيعية بعد أن زار تركيا الشهر الجاري واجتمع مع زعماء أتراك ومع أنصاره.

وانسحبت ميليشيا جيش المهدي التابعة للصدر التي ألقي عليها باللائمة في معظم جرائم القتل الطائفي التي أدت إلى تكدس الجثث في شوارع بغداد عامي 2006 و2007 إلى الظل بدرجة كبيرة. ومازالت القاعدة السياسية للصدر التي تتألف من فقراء الشيعة في بغداد وجنوب العراق قوية لكن ولاءها محل شك.

ويرى محللون أن حركة الصدر التي تضم جناحا سياسيا وجناحا مسلحا ومؤسسة للخدمات الاجتماعية تزداد قوة هي حركة متشرذمة وغير منضبطة. وربما يواجه الصدر صعوبة اكبر في حشد الدعم قبل الانتخابات العامة التي تجري في يناير/ كانون الثاني 2010 بعد أن استطاع رئيس الوزراء نوري المالكي إقناع واشنطن بالموافقة على جدول زمني لسحب القوات الأميركية من العراق ليخطف بذلك من الصدر الأضواء التي أحاط بها نفسه بسبب موقفه المناهض للولايات المتحدة. وستكون لمساره آثار واسعة النطاق على العراق. فالمصالحة بعيدة المنال وتثير التفجيرات الأخيرة تساؤلات بشأن ما إذا كانت البلاد قد تنزلق مرة أخرى إلى حرب شاملة. ويكفي اسم الصدر وحده ليوفر له دعما لا بأس به.

في حي مدينة الصدر وهو حي متهالك بشرق بغداد يطل وجه رجل الدين الشاب ذو اللحية الكثيفة عبر ملصقات في كل مكان. فالصدر (35 عاما) هو سليل عائلة ذات نفوذ من رجال الدين استهدفها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وبرز كشخصية ذات نفوذ بعد الغزو الاميركي العام 2003. وانضم الصدر إلى حكومة المالكي التي يقودها الائتلاف العراقي الموحد العام 2006 لكنه سحب وزراءه العام 2007.

ولم تخض حركته انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت في يناير بشكل رسمي لكن أنصاره شاركوا مشاركة جيدة في الانتخابات في بغداد وجنوب العراق. والآن يقول ساسة مقربون من الصدر إنهم يسعون إلى تغيير صورة حركتهم مثلما يحاول المالكي أن يفعل ليخففوا من حدة صورتهم كحركة شيعية طائفية. وقال المتحدث باسم الصدر في العراق صلاح العبيدي إن الحركة عقدت اجتماعات مع الأقلية السنية من العرب والأكراد ومع أعضاء في ميليشيا سنية مدعومة من الحكومة، وأضاف أن الباب مفتوح وأن الحركة لا تغلقه في وجه أحد.

وتحدث المتحدث باسم جبهة التوافق السنية العربية سالم الجبوري بأسلوب مشجع عن تشكيل تحالف محتمل. لكن هل تستطيع حركة دينية صريحة اكتسبت الميليشيا التابعة لها سمعة مروعة لقتلها بعض العراقيين تجاوز ماضيها؟ يقول المحلل السياسي في بغداد حازم النعيمي إنه في الانتخابات الأخيرة بدأ الناس يميلون إلى الخطاب السياسي المدني أكثر من الديني. ويرى محللون تغيرا في الاستراتيجية أكثر منه تغيرا في الأيديولوجية في دولة تعاني ويلات الحرب، حيث ضاق الناس ذرعا بالأحزاب الطائفية المهيمنة منذ العام 2003. وإذا اتخذت انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في يناير نموذجا فربما يعد ساسة العراق رسالتهم سواء كانوا مخلصين فيها أم لا لتخاطب الاحتياجات الأساسية للناخبين وهي الأمن والوظائف والخدمات الأساسية.

وقد يكون الصدر في طريقه أيضا إلى أن يصبح عالم دين له سلطة إصدار الفتاوى. وإذا حسن الصدر من مسوغاته كعالم دين فقد يسعى إلى التأثير على السياسة بطريقة غير مباشرة مثل المرجع الديني في العراق السيدعلي السيستاني، أو ربما يضطلع بدور أكثر نشاطا مثل سيدعبدالعزيز الحكيم الذي يرأس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وهو حزب ديني كبير.

ويقول زعيم الكتلة الصدرية بالبرلمان عقيل عبدالحسين إن سياسة التيار الصدري هي الدين ودينها هو السياسة. وأضاف أنهم لا يمكن أن يتركوا السياسة وينسحبوا إلى المساجد. وضعف جيش المهدي الذي قاد تمردين ضد القوات الأميركية العام 2004 لكنه اعتبر متشرذما منذ البداية حين شن المالكي حملات كبرى ضده بدعم من الولايات المتحدة العام الماضي. ومنذ ذلك الحين أمر الصدر غالبية أفراد الميليشيا الموالية له بإلقاء السلاح وتبني الدور الثقافي في المجتمع المدني. وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي في العراق الميجر جنرال ديفيد بيركينز إن كثيرين من زعماء جيش المهدي فروا إلى إيران.

وربما تكون الميليشيا أقل نشاطا لكن مسئولين أميركيين يحذرون من دعم إيراني لمقاتلين أشداء مزودين بأسلحة متقدمة. وأضاف بيركينز «بعد أن فقدوا قيادتهم تشرذموا. لديهم وجهات نظر مختلفة بشأن بعض الأمور المستقبلية». غير أن سلمان الفريجي الذي يرأس مكاتب الصدر في مدينة الصدر توعد بأن يستمر القتال ضد القوات الأميركية إلى أن يرحل آخر جندي أميركي عن العراق. وقال إن الحركة الصدرية لم تتخل عن السلاح أو الكفاح المسلح ضد المحتلين.

العدد 2451 - الجمعة 22 مايو 2009م الموافق 27 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً